روميو لحود: فليصفّوا حساباتهم على أرضهم لا على أرضنا!

نشر في 17-04-2014 | 00:02
آخر تحديث 17-04-2014 | 00:02
رغم غيابه 10 سنوات عن المسرح، فإن اسمه يدغدغ الحنين إلى ذلك الزمن الجميل العريق حين كان للتراث والأدب والشعر قيمة كبيرة.
روميو لحود ليس اسماً عابراً بتاريخ لبنان، ولن يكون يوماً كذلك، بل له الفضل بانطلاقة نجوم كثر، بعضهم ظلّ وفياً والبعض الآخر نسي فضله عليه. يعود روميو لحود بمسرحيته الغنائية الاستعراضية «طريق الشمس»، من تأليفه وألحانه واخراجه، وهي تحقق منذ انطلاقتها على خشبة كازينو لبنان نجاحاً.
عن الوطن والمسرحية والممثلين المشاركين معه، تحدث روميو لحود إلى «الجريدة». كاشفاً الكثير من الآراء والمواقف
هل الطريق التي يسلكها لبنان راهناً تؤدي به الى {الشمس}؟

تعني {طريق الشمس} طريق المجد والحب بالنسبة إلي، هذه الشمس المضيئة هي الحياة بحد ذاتها، من دونها لا طبيعة، ويتحوّل كل شيء إلى يباس وموت، وهذه طريق الحياة التي نسلكها في لبنان.

رغم المآسي، هل نتجه إلى طريق الحياة؟

يصنع بعض الناس الخير فيما يصنع آخرون الموت بالقتل والبطش، وهؤلاء سيحاسبهم الله عزّ وجلّ، فيما نقوم نحن بواجباتنا، بهذه الطريقة نردّ على أفعالهم الظلماء.

لماذا ابتعدت فترة طويلة عن المسرح قبل أن تعود بهذا العمل؟

غبت عن المسرح 10 سنوات، بعدما قدّمت 33 عملا مسرحياً. توقّفت لأنه يحق للإنسان، بعد التعب والجهد، أن يتمتع بالحياة، التي لم تنصفنا في لبنان، طالما لم نحقق آمالنا وأحلامنا لنرتاح برؤية وطننا، بوجه مغاير، لما  رأيناه طيلة 20 سنة من القتل والدمار وحروب الآخرين على أرضنا. للأسف  ما زلنا ندفع ثمن أمور لا علاقة لنا بها.

عدّلت كثيراً في المسرحية، فهل أنت راضٍ عن النتيجة؟

نعم أنا راضٍ عن النتيجة، لكنني لن أرضى، أبداً، بشكل كامل عن أي عمل أقدمه. فمن يقدّر العمل والتعب، يدرك تماماً أن الكمال لله وحده. لذا لا بدّ من أن تقع أخطاء نتجنبها في المرة التالية، لتظهر بعدها أخطاء أخرى.

تصوّر لبنان في المسرحية خالداً، فيما الدول الأخرى التي بطشت به زالت، كيف تنظر إلى هذا الوطن الصغير؟

هو باقٍ حتماً، فيما زالت حدود الدول التي مرّت على أرضه واسماؤها، فأين حدود بلاد الفرس والعثمانيين والأشوريين؟ وها هي مصر التي كانت تُدعى بلاد الفراعنة تغيرت حدودها واسمها، كذلك اليونان وغيرها.  رغم تغيّر الخارطة كلها، ما زال هذا البلد الذي احتلوه، مراراً، محافظاً على اسمه الذي كُتب في التوراة.

اطلقت صرخة في المسرحية {روحوا صفّوا حساباتكم على أرضكم مش على أرضي}، لمن وجهتها؟

لكل الدول المحيطة بنا، البعيدة والقريبة، فليصفوا حساباتهم على أرضهم لا على أرضنا، هم يستضعفوننا لأن عددنا ضئيل، ولأن من يمسك بزمام السلطة صغير العقل، وكل مسؤول يتصرف ديكتاتورياً في منطقته.  ما زال بلدنا يحمل اسمه، فيما يتقاتل مواطنو الدول الأخرى لصناعة وطنهم، إنما هل ثمة زعيم لبناني يصنع الوطن؟ أم كل منهم يصنع وطناً صغيراً على قياسه؟ خلقنا جميعنا في هذا الوطن وبالتالي نحن متساوون، فيما في البلدان حولنا، للأسف، لا مساواة بل سياسات النار. لا يمكن الهروب من التاريخ، الذي سيفضح الأكاذيب ورجال السياسة والمؤامرات في الحروب والدمار، وتغيير الخارطة ليرتاحوا هم على حساب الآخرين.

جمعت بين الواقع والخيال في هذا العمل، هل تترك عملية الاستنتاج للجمهور؟

مسرحيتي واضحة، لأن الجميع يدركون من اعتدى على لبنان ومن احتلّه ومن يتدخّل فيه راهناً،  وبالتالي ليس ثمة شيء مخفي، وقد استطاع لبنان،  بفضل اللحمة بين أبنائه، حماية نفسه من البلدان الكبيرة التي خرّبت بلداناً كثيرة أكبر حجماً منه. من المتعارف عليه أن الثورات تخرب البلدان، وها هي فرنسا قد اختربت بسبب الثورة لكنها نهضت بفضل نابليون، لذا يحتاج العالم العربي الى {نابليون} ليخلصه من محنته.

تجسّد المسرحية التراث اللبناني، فهل الفن اللبناني راهناً يجسّد هذا التراث؟

أبداً، ولهذا السبب اخترت تقديمه، رغم أنه كان يمكن أن أقدم أحداث هذه المسرحية في أي زمن آخر، لأظهر لشباب الكومبيوتر والـ {فايسبوك} أن ثمة تراثاً في لبنان، والبلد الذي يفتقر إلى التراث يخسر مستقبله.

هل يمكن المحافظة على التراث ومواكبة التطوّر في آن؟

طبعاً، فلكل شيء توقيته المناسب، لذا يجب الا نخصص وقتنا كله لأمر  محدد وإهمال الأمور الأخرى. أشّبه التراث بالقرية اللبنانية التي تموت راهناً، لأن من يعيش فيها هم المسنون فيما رحل الشباب الى المدينة. فكلما مات عجوز انطفأت مصابيح المنزل.  للأسف يتناسى الشباب أنهم سيُدفنون في نهاية المطاف في قريتهم.

في ظل الانفتاح العربي والتداخل في الفنون العربية، هل ما زالت ثمة هوية خاصة بالفن اللبناني؟

طبعاً، لأنّ فنانين كثراً يلتزمون بتقديم الفن اللبناني،  ونحن أيضاً نؤلف الاعمال اللبنانية. لا شك في أن لهجات الأعمال العربية جميلة، ونحن نحبها كلها، ولكن من المهم أن يحافظ كل منّا على هويته ويصونها.

ما رأيك بواقع الفنانين القديرين في لبنان والتعاطي الرسمي معهم؟

يسعى بعضهم إلى تكريمهم والبعض الآخر لا يكرمهم بما فيه الكفاية، إنما التكريم وحده لا يكفي. شخصياً اشكر الرؤساء الذين كرّموني وأحب كثيراً هذه المبادرة، ولكن للفنان حقوق أيضاً، خصوصاً أنه يعمل طوال حياته ويكدّ قبل أن يصل الى مرحلة لا يستطيع فيها الاستمرار في العطاء، لذا يجب الا نتركه يموت من الجوع، هو الذي غنّى بلده  ونشر اسمه في أنحاء العالم، لذا يجب أن نؤّمن له ما يعتاش منه، وهذا أمر مهم، يجب أن تنتبه الحكومة اليه، فهؤلاء نجوم معروفون وبالتالي من غير المستحبّ أن يُهانوا في حياتهم.

هل تشكّل {طريق الشمس} هويتك الفنية؟

تشكّل جزءاً كبيراً من هويتي الوطنية وليس الفنية فحسب.  قدمّت مختلف الأعمال والمواضيع التي تصبّ في إطار هويتي الفنية التي تنطبق كلها على أي مجتمع، سواء في لبنان أو في سواه.  منذ توّجهت إلى الجمهور، كانت اطلالتي من الباب العريض في مهرجانات {بعلبك}، حيث حالفني الحظّ بتقديم {الليالي اللبنانية، وكان لذلك المهرجان قيمة كبيرة في الماضي، لكنها خفّت كثيراً اليوم لأسباب عدّة.  

لماذا اخترت وجوهاً جديدة في أدوار البطولة بدلا من استقطاب الجمهور عبر نجوم معروفين؟

فليتعاون الآخرون مع نجوم ويستقطبوا ما يشاؤون! شخصياً أعتبر أن الجمهور  الذي نقدم له أعمالنا هو الأساس، فإمّا يحب العمل أو لا يحبّه. وأرى أن جمهور المسرح يتّحد فكرياً، فهو يصفّق للمشهد نفسه، يتأثر بالمشهد نفسه، ويضجر في توقيت واحد. أمّا بالنسبة الى الوجوه الجديدة في العمل، فاستشهد بما كتبه ادمون روستو، كاتب فرنسي مهم، عن غرفة مقفلة مظلمة فيها ثقب رفيع يدخل منه نور الشمس ليظهر الغبار راقصاً، فيقول ان الغرفة مليئة بالغبار الذي لا نرى منه سوى ما تضيئه الشمس، لذا ثمة وجوه كثيرة موهوبة نحاول الاضاءة عليها.

كيف تقيّم أداء ميكاييلا وجاد قطريب وبياريت قطريب؟

تمرّنوا لفترة طويلة معي قبل تقديم المسرحية، حتى اصبحوا مستعدين للوقوف على خشبة المسرح في أول تعاون بيننا،  رغم أن بياريت ممثلة درامية أساساً، إنما يختلف المسرح عن سواه كونه يتطلب شجاعة والقاء جيداً وواضحاً وطريقة معينة في الوقوف ليفهم الجمهور ما يقال على الخشبة.

 انطلق من مسرحك نجوم كبار، فهل تتوقع النجومية لهؤلاء الثلاثة؟

لو كان للفنان ذاكرة وحب وإخلاص وقلب غني ما كان ليكتب اسماً على المفكرة ويرميه بعد مر السنين. ينسى الفنان فضل الآخرين عليه الذين تعبوا من أجله وقدموا له نصائح وفكراً وعلماً، حتى أصبح ذكياً، يفهم بالإدارة والاقتصاد والسياسة وغيرها من الأمور، فحقق شهرة بفضل أغنيات كُتبت من اجله، لكنه في الحقيقة ما زال أميّاً مثلما كان عند انطلاقته، وما حققه هو نتيجة فضل غيره عليه. وقد علّمني هذا الواقع أن نقوم بواجباتنا، ومن لا يقوم بواجباته يحاسبه الله.

أي مستقبل تتوقع لميكاييلا؟

أراها فنانة كبيرة، لديها إمكانات لم ينتبه أحد اليها. أمّا جاد قطريب فهو ابن شقيق زوجتي، شاب خلوق ومثقف ومتواضع وصوته رائع، لذا اتوقع للاثنين مستقبلا باهراً.

 هل ستقدم المسرحية في دول عربية؟

لا أستطيع شخصياً السفر، إنما شقيقتي ناي لحود التي أسست فرقة الرقص ونفّذت الكوريغرافيا، تساعدني، بمعية كارن بيطار، في الأمور الإدارية وهما يتلقيان عروضا لتقديم المسرحية في دول عربية.

ماذا ستقّدم بعد {طريق الشمس}؟

قبل أن أقدم {طريق الشمس} أجريت استفتاء لاعرف ماذا يريد الجمهور أن أقدم له، فطرحت ثلاثة اسئلة: مشاهدة روميو لحود في مسرحية غنائية جديدة، أم استعراض غنائي راقص، أم تجديد مسرحية {بنت الجبل}،  ففوجئت بأن %73 من الجمهور يريد {بنت الجبل}، لكنني شخصياً لا أستطيع العودة الى المسرح عبر عمل قديم لئلا يظنّن أنني لا أملك أي أعمال جديدة. لذا اخترت {طريق الشمس} على أن أقدم بعدها {بنت الجبل} ومن ثم مسرحية جديدة. بالنسبة إلى أبطال العمل لم أتخذ القرار النهائي بعد، إلا أن ألين لحود ستشارك طبعاً فيه.

back to top