«الرضاوة»

نشر في 17-04-2014
آخر تحديث 17-04-2014 | 00:01
 مسفر الدوسري «الرضاوة» في الحب، ليست إلا الوجه الآخر للانتقام خارج إطار الحب!

كل منهما محاولة لستر عورة جرح!

الفرق أن الانتقام محاولة لستر عورة الجرح عن أعين الناس، أما «الرضاوة» هي محاولة لستر عورة الجرح عن عين المجروح!

الانتقام يُحدّد قيمته المعنوية الآخرون بخلاف الأطراف ذات العلاقة، بينما الرضاوة يحدد قيمتها المعنوية فقط  المجروح!

في الانتقام لن يُستر الجرح إلا إذا خلَت ساحته من آخر فردٍ من الناس،

بينما جرح الحب لا يستر إلا إذا خلت ساحته من المجروح!

في المحكمة التي ينال الانتقام فيها براءته، قائمة شهود النفي في مرافعة الدفاع  تضم كل الناس، أما في المحكمة التي تنال فيها الرضاوة ذلك، تلك القائمة تقتصر على المجروح، المجروح في الحب لن ينفي إثم الجرح في ذاته، لذا فإن جروح الحب – مهما صغرت- غالباً بلا ضماد!

الجروح في الحب ليس لها إلا... الستر، طريقتان لا ثالث لهما للتعافي من جرح، إما أن يتم تضميده إلى أن يزول للحد الذي لن يتمكن أحد من رؤيته ولا حتى صاحبه، لكن إن استحال  ذلك، فليس للجرح إلا الستر، بحيث لا يكاد يراه سوى صاحبه!

في الحب يبقى الجرح عالقاً كلوحة بالية على جدار قلب، يبقى طفلا مذعوراً يخشى الظلام، تفزعه الكوابيس أحياناً في مناماته، ولأنها كوابيس... فهي لا تخضع لمنطق، فقد يكون خطأ تافهاً ارتكبناه سابقا هو أحد تلك الكوابيس المرعبة، خطأ مررنا به عابرين لم نأبه به حينها.

اعتقدنا حينها... أنه لا يستحق شرف قتلنا، أو ظننا أننا أذكى من رصاصته، كابوس كهذا لا يحدد ضرره سوى من تعرّض له، والأهمّ...

كيف «تعالج» طفلاّ مذعوراً في قلب حبيب؟!

يصعب غالباً زوال رعب كهذا... فتصبح الغاية فقط ستره عن عين صاحبه للحد الذي لا يكاد يراه سواه، في الانتقام يمكن زوال وشم الجرح حتى من ذات المجروح، فهذا ما يحدث في قضايا الثأر، والدفاع عن الشرف، فرضا الذات في الانتقام من رضا الشاهد وحده، وليس من رضا الضحية، في الحب ذلك من حق الضحيّة، الضحية وحدها تحدد «ديّة» ضررها، لذا فإن «الرضاوة»... قد تكون قاسية أحياناً، ومكلفة... ولا تستحق أن تدفع ثمناً لخطأٍ تافهٍ ارتكبناهُ في حماقة ما سابقاً.

خطأٌ ظننا أنه لن يبقى وشماً، لن يكون بأي حال من الأحوال إحدى النباتات الشيطانية التي إن غفلنا عنها... التهمت الحقل!

خطأ تافه

ينام في الظلام كطفل مذعور، ظننا أننا أعقل من أن نفكّر به!

خطأ عصيّ على الغفران... ولا تستره إلا «الرضاوة» التي يحددها المجروح، وهو الوحيد الذي يحدد تقدير الضرر، ففي الحب العدل يُمليه الضحيّة، وليس كما في الانتقام حيث دستور العدل مزوراً ما لم يمهر بختم الشهود!

لا يجدر بنا أن نأمن قسوة العدل في الحب، لابد أن نكون أكثر حذراً  من ارتكاب الجروح في الحب مهما صغرت، فضمادها مستحيل، وسترها قد يكون مكلفا.

back to top