تقرير اقتصادي : «الحرير - بوبيان»... الطريق إلى «كويت ثانية» طال كثيراً

نشر في 17-04-2014 | 00:05
آخر تحديث 17-04-2014 | 00:05
No Image Caption
مشروع استثنائي يتطلب جهداً وسلوكاً وقوانين وإدارة استثنائية
مشروع مدينة الحرير المرتبط بتطوير جزيرة بوبيان من المشاريع الطموحة جداً في الكويت، فمن ضمن خططه توفير 400 ألف وظيفة وفرصة عمل، واستيعاب 537 ألف نسمة، فضلاً عن إضافته إلى الناتج المحلي الإجمالي، حسب دراسات حكومية، ما بين 70 و100 مليار دولار خلال 10 سنوات.

عاد إلى الواجهة هذا الأسبوع الحديث عن مشروع مدينة الحرير وجزيرة بوبيان، بعد ان كلف مجلس الوزراء لجنة الشؤون القانونية إعدادَ مرسوم يقضي بتعديل بعض أحكام المرسوم 240 لسنة 2012 الخاص بجهاز تطوير المدينة والجزيرة، بما يسهم في دفع عجلة إنجاز هذا المشروع.

ورغم ان جهاز تطوير مدينة الحرير «الصبية» وجزيرة بوبيان تم تأسيسه نهاية عام 2012، فإن فكرة مدينة الحرير في الكويت تعود الى ثمانينيات القرن الماضي، وهي تستهدف بناء «دولة جديدة» بجوانبها الادارية والاقتصادية والسكانية، تعطي الكويت عوائد غير نفطية، ما يعيد إلى الأذهان فكرة «طريق الحرير» التاريخي الذي كان يربط شرق آسيا بالبحر المتوسط وأوروبا، من خلال ربط مدينة الحرير بميناء مبارك في جزيرة بوبيان.

ولعل مشروع مدينة الحرير المرتبطة بتطوير جزيرة بوبيان من المشاريع الطموحة جدا في الكويت، فمن ضمن خططها توفير 400 ألف وظيفة وفرصة عمل، واستيعاب 537 ألف نسمة، فضلاً عن إضافتها إلى الناتج المحلي الإجمالي للدولة، حسب دراسات حكومية، ما بين 70 و100 مليار دولار خلال 10 سنوات.

غير أن الطموح وحده لا يكفي لتحقيق مشروع دولة ضخم كمشروع «الحرير- بوبيان»، فثمة عوائق بسيطة تجعل الشكوك تتزايد حول جدية إنجاز المشروع اصلا، أقلها ما أعلنته مجلة «ميد» قبل مطلع الشهر الجاري بشأن عدم وجود موظفين في الجهاز الخاص بتطوير مدينة الحرير وجزيرة بوبيان... فهي اليوم بلا رئيس ولا مجلس ادارة ولا هيكل تنظيمي ولا حتى موظفين!

مشروع استثنائي

إن انشاء «كويت ثانية « في الحرير وبوبيان هو مشروع استثنائي يتطلب جهداً وسلوكاً وقوانين وادارة استثنائية، مما يعني اننا بحاجة فعلية لإعادة هيكلة العديد من القوانين والاعمال والقرارات التي تجعل من هذا المشروع ناجحا ومحط انظار الشركات والمستثمرين العالميين، كما أن وجود ميناء مبارك على جانب المشروع يستلزم خلق مناطق لوجستية وخطوط امداد وشبكات نقل، فضلاً عن عمليات مناولة وتخزين وفتح للأسواق، وهذه كلها لا تستقيم مع التراجعات المتتالية التي تحققها الكويت في السنوات القليلة الماضية في اكثر من مؤشر.

ولا تميز للكويت في معظم المؤشرات الاقتصادية والمالية، بل إنها غالبا ما تسجل مستويات متدنية جدا إقليميا وعالميا، فنحن في الترتيب الـ82 عالمياً في سهولة ممارسة الأعمال، والترتيب الـ60 في مستوى البنية التحتية، والـ63 في تطور الحكومة الإلكترونية، والـ98 في مؤشر كفاءة سوق العمل والـ66 في مؤشر تمكين التجارة، والترتيب نفسه في الحرية الاقتصادية والـ104 في جودة التعليم، وهذا الأخير وحده يثير العديد من الأسئلة حول مدى كفاءة مخرجات التعليم بـ400 ألف فرصة عمل من المقرر أن يوفرها مشروع (الحرير- بوبيان).

ولعل ارتفاع كلفة مشروع مدينة الحرير من 88 مليار دولار إلى كلفة تتراوح من 250 مليارا إلى 270 (اكثر من ربع تريليون دولار) لمشروع مدينة «الحرير - بوبيان»، حسب كلام وزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء الشيخ محمد العبدالله في مقابلة سابقة مع قناة CNN العربية، بحاجة هو الآخر إلى توضيح حول آليات الصرف والتمويل والعوائد، فالمبلغ ضخم جداً ويفتح المزيد من الأسئلة، ابسطها سبب ارتفاع الكلفة بما لا يتناسب مع توسع المشروع، ناهيك عن الجدوى الاقتصادية من الاستثمار في مشروع ضخم بقيمة توازي على الأقل 60% من إجمالي قيمة احتياطي الأجيال القادمة.

المهم والأهم

وجود «كويت ثانية» امر بالغ الأهمية إلا ان الأهم من ذلك هو الا تكون الثانية بمستوى فشل وتعثر الكويت الاولى بمعنى ان الاخطاء المتكررة التي صاحبت مسيرة الكويت منذ بداية الثمانينيات يجب الا تتكرر في المشروع الجديد، وهو ما يستلزم العمل على توفير إيرادات غير نفطية للدولة من خلال تطوير عمليات التجارة والاستثمار وتنفيذ المشاريع في مواعيدها، وبكلفة معقولة، فضلاً عن إيجاد إدارة محترفة تدير هذا المشروع وفقاً لقواعد اقتصادية بحتة كالعوائد وتوفير فرص العمل وغيرها.

إن من الفوائد غير المباشرة لمشروع (الحرير- بوبيان) ان يكون شمال الكويت منطقة مصالح اقتصادية للعديد من الدول والشركات في العالم، مما يعطي الكويت افضلية في مواجهة اي خطر اقليمي، ناهيك عن ان وجود منطقة اقتصادية تجارية كبرى في البلاد سيعمل على تشابك المصالح اكثر مع العراق، وعلى مدى السنين سيكون هناك تفكير أكثر في الاقتصاد والمصالح أكثر من أي خطر متوقع، كما كان في الماضي.

الكويت الجديدة أو الثانية ما هي إلا فكرة تأخرت كثيراً في أن تتحول إلى مشروع نافذ، مع أنها تحتوى على العديد من الحلول الخاصة باختلالات الميزانية والسكن والعمل وفتح مناخات جديدة للاستثمار الأجنبي، وبالتالي فكل ما تحتاجه هو اتخاذ قرار حقيقي يحولها من الورق إلى الواقع، وهي العلة التي قيدت الكويت الأولى فكيف بالثانية؟!

back to top