رئيس تحرير وول ستريت جورنال جيرارد بايكر: {عالم الصحافة ما زال مزدهراً}

نشر في 11-04-2014 | 00:01
آخر تحديث 11-04-2014 | 00:01
في مقابلة مع إيزابيل هولسن من شبيغل، ناقش جيرارد بايكر، رئيس تحرير صحيفة «وول ستريت جورنال»، موجة الأثرياء التي تتدفق إلى عالم الصحافة، وتطور صحيفته بعد مرور سبع سنوات على انتقال ملكيتها إلى روبرت مردوخ.
أنت أب لخمس فتيات شابات. فهل تنصحهن بدخول عالم الصحافة في المستقبل؟

نعم، لا تتوافر أعمال كثيرة سامية الأهداف. وللصحافة مستقبل واعد وقيمة كبيرة في المجتمع.

لكن عائدات التوزيع والإعلانات تتقلص منذ سنوات، وخصوصاً في الولايات المتحدة. ويبدو أن الأثرياء وحدهم ينجذبون إلى عالم الصحافة أخيراً: فقد اشترى جيف بيزوس من شركة {أمازون} صحيفة {واشنطن بوست} وحصل المستثمر جون هنري على {بوسطن غلوب}، فضلاً عن استحواذ وارن بافيت على كمّ من الصحف المحلية.

يبرهن استثمارهم أن عالم الصحافة ما زال مزدهراً. ولا شك في أنهم يرون أن للأخبار قيمة كبيرة وأن المستقبل سيكون رقمياً. ولن تنجح أي صحيفة في الحفاظ على شكلها الحالي خلال الانتقال من المطبوع إلى الإلكتروني، حتى بعضها لن ينجح في الاستمرار. لكن ذلك لا يعني أن عالم الصحافة محكوم عليه بالموت. على العكس، لم تكن الحاجة إلى معلومات عالية المصداقية كبيرة بقدر ما هي عليه اليوم. ومن المؤكد أن رائد عالم الإنترنت جيف بيزوس أصاب باعتقاده أن هذا العالم يقدّم له فرصاً كثيرة لجني المال.

هل أنت واثق من أن أسياد الصحافة الجدد لا يسعون وراء الجوائز، النفوذ، والصورة الأفضل؟

لا أعلم ما هي دوافع بيزوس أو بافيت. لكني أصغي إليهما وأصدق ما يقولانه. فهما يؤكدان أنهما لم يقدِما على ذلك، للتفاخر أو للتمتع بأي امتيازات غير مالية.

كيف يختلف مالكو الصحف الجدد هؤلاء عن روبرت مردوخ، الذي اشترى {وول ستريت جورنال} من عائلة بانكروفت قبل نحو سبع سنوات؟

الجواب بسيط: استثمر روبرت مردوخ الكثير في عالم الصحافة طوال أكثر من ستين سنة، لا سنة أو سنتين. فضلاً عن ذلك، يملك سجلاً حافلاً بالنجاحات البارزة في هذا المجال. فقد أعرب عن التزام دائم تجاه الصحافة.

باع السنة الماضية 33 صحيفة محلية لأنها لم تعد تتلاءم، حسبما أعلن، مع إستراتيجية الشركة. فكم من الوقت ستظل {وول ستريت} جورنال ملائمة لإستراتيجية شركة News Corp، علماً أن مردوخ سبق أن تخلى عن عالم التلفزيون والأفلام الأكثر نجاحاً؟

أعلن روبرت مردوخ، نفسه مراراً، أن شركة {داو جونز} و{وول ستريت جورنال} محوران أساسيان في شركته. حتى إنني أتجرأ على القول إننا العمود الفقري لهذه الشركة التي تبلغ قيمتها 9 مليارات دولار، نظراً إلى حجمنا وانتشارنا العالمي.

كيف بدّل روبرت مردوخ {وول ستريت جورنال}؟

صرنا صحيفة أفضل. فقد وسّعنا انتشار {وول ستريت جورنال} وعززنا تغطيتها في مجالات السياسة، الرياضة، التسلية، الموضة، والثقافة. كذلك أضفنا إليها أبواباً جديدة ومجلة، من دون أن نتخلى في الوقت عينه عن قوتنا الأساسية في عالم الأعمال والمال. نتيجة لذلك، تنمو قاعدة قرائنا. كذلك صرنا أكثر تركيزاً على الأخبار وأكثر قدرة على مواكبة الأحداث. ونجحنا في جعل أخبارنا أكثر حيوية وتوافراً، مقللين، في الوقت عينه، من الأخبار الطويلة جداً التي كانت تُنشر عادةً في {وول ستريت جورنال}.

يعتبر النقاد أن هذا أحد أسباب فوز {وول ستريت جورنال} بجائزتي بولتزر، منذ تسلم مردوخ إدارتها قبل سبع سنوات؟

لا أحكم على نجاح صحيفة ما من خلال عدد جوائز بولتزر التي تفوز بها. فهذا لا يعبّر حقاً عن نوعية عملنا الصحافي.

بفضل جيف بيزوس، صارت صحيفة {واشنطن بوست} تملك مبالغ أكبر من المال لتستثمرها. فهل يثير هذا قلقك؟

كلا، من الجيد بالنسبة إلينا أن يبرهن رواد العصر الرقمي الناجحون، مثل بيزوس، أنهم يؤمنون بالصحافة. فقد يقنع ذلك بعض المستثمرين، الذين يعتبرون عالم الصحافة على وشك الانهيار، بأن ثمة أسباياً كثيرة للاستثمار فيه. ويجب أن نعرب جميعنا عن امتناننا لبيزوس على خطوة مماثلة. قد يبدو ما أقوله مبتذلاً، إلا أن المنافسة جيدة لأنها تبقينا متيقظين وتجعل مراسلينا أكثر طموحاً.

لكن المواقع على شبكة الإنترنت، مثل Business Insider، Politico،

وThe Intercept (التي أطلقها أخيراً مؤسس eBay، الثري بيار أميديار)، تنشر أخباراً حصرية لها تأثير كبير، وتصعّب عليكم الحفاظ على المكانة التي تمتعت بها {وول ستريت جورنال} كصحيفة من الضروري قراءتها؟

لا شك في أن بعض هذه المواقع ينشر أخباراً جيدة. إلا أنني لم أرَ في أي منها، حتى اليوم، نوعية العمل الصحافي الذي تحصل عليه كل يوم وكل دقيقة في «وول ستريت جورنال». يحظى بعض هذه المواقع بعدد كبير من المتصفحين، إلا أن أكثر من مليوني شخص يدفعون المال مقابل قراءة «وول ستريت جورنال» كل يوم، سواء كانت بنسختها المطبوعة أو الإلكترونية. ولا شك في أن المعلنين يهتمون بهذا النوع من القراء.

خسرت الصحف الأميركية أكثر من %50 من عائداتها الإعلانية خلال السنوات الست الماضية. وصار المعلنون اليوم أكثر تطلباً. تُدعى الموجة الأخيرة من الإعلانات {الإعلان المحلي}، وهي تشبه المقالات الصحافية. وصفتَ هذه الموجة قبل ستة أشهر بأنها {تخلٍّ عن القيم لتحقيق مكاسب مادية}. إلا أن {وول ستريت جورنال} تقدّم اليوم لمعلنيها هذا النوع بالتحديد من الإعلانات. فهل قررتم أخيراً الانضمام إلى هذه الموجة؟

ذكرتُ سابقاً أن هذا التطور يحمل الكثير من المخاطر. لأننا، ببحثنا هذا عن عائدات جديدة، نلغي الحدّ الفاصل بين الإعلان والصحافة. وإذا أقدمنا على خطوة مماثلة، نفقد مصداقيتنا وقراءنا.

لكن {الإعلان المحلي} بصيغته الحالية يلغي الحد الفاصل هذا. أوَلا تخشى من هذا الشرك المحتمل؟

كلا، ما دام القارئ يستطيع التمييز بين الإعلانات والمعلومات التي تقدّمها {وول ستريت جورنال}. بهذه الطريقة نتعاطى مع هذا الوضع. ولا أظن أن أحداً يستطيع أن يتهمنا بأننا نلغي الحد الفاصل بين الإعلان والصحافة.

تصدرت صحيفة {لوس أنجلس تايمز} أخيراً عناوين الأخبار مع كتابة أول آلي مقالاً صغيراً عن هزة أرضية. فما احتمال نجاح الصحافة الآلية في مجال تغطية الأخبار في رأيك؟

يتوقع بعض العلماء أن نصل إلى مرحلة يتفوق فيها الذكاء الاصطناعي على الذكاء البشري. ولا شك في أن هذه فكرة مذهلة. فالذكاء الاصطناعي يتقدّم بوتيرة تجعل كل الاحتمالات ممكنة. ومن الممكن، بالتأكيد، نقل المعلومات الأساسية والبيانات العادية آلياً. ولكن لا أظن أننا سننجح في المستقبل القريب في استبدال قدرة الإنسان على التمييز والتحليل في عالم الصحافة.

back to top