الأسباب النفسية لزيادة الوزن التغيير السلوكي تجاه الطعام يبني الثقة بأنفسكم

نشر في 12-05-2012 | 00:02
آخر تحديث 12-05-2012 | 00:02
قبل أن تتطرّق الكاتبة كارين كوينغ إلى حقل زيادة الوزن وتخفيفه فقد عانت الأمرّين في علاقتها بالأكل إلى أن تمكنت من السيطرة على جسمها باتباعها برنامجاً طبيعياً متواصلاً. وما لبثت أن أصبحت معالجة نفسية ومدربة ومحاضرة تتمتع بعشرين سنة من الخبرة في مجال التغذية وزيادة الوزن وعلاقة الإنسان بصورته الجسدية. وكتاب «الأسباب النفسية لزيادة الوزن» الذي أصدرته «دار الفراشة» في بيروت هو خلاصة تجاربها.

عندما تتذكر كارين كوينغ كيف كانت تحشو معدتها بالطعام حينًا، وتجوّع نفسها لتضعف حينًا آخر، تكاد لا تصدّق نفسها. وإذا بها تنصرف إلى اتباع نمط طبيعي في الأكل يختلف تمامًا عن النمط المضطرب باتباع قواعد وعادات تتناسب مع جسمها. وهي تعزو نجاحها إلى ثلاثة عوامل:

-1 لم تعد تطيق نفسها ضعيفة أمام الأكل وفاقدة السيطرة تمامًا، ما جعلها تكره نفسها بشكل متواصل.

-2 لم تتردد في طلب المساعدة من الاختصاصيين ومن العودة إلى الكتب.

-3 رفضت الاستسلام بحجّة أن غيرها استطاع التحكم بنفسه أمام الطعام فلماذا لا تستطيع هي أيضًا!

التصالح مع الأكل

التصالح مع الأكل هو هدف واقعي لكل الذين يعانون اضطرابات في الأكل.

والتحول إلى النمط الطبيعي في الأكل لا يتجلّى ويتلخّص في مسألة الأكل فقط. فالتحوّل لا بدّ من أن يساعدكم على أن تضعوا حياتكم في مسارٍ تقدّمي نحو الصحّة والسعادة. واتّباعكم قواعد الأكل «الطبيعي» لن يساعدكم فحسب على تحسين علاقتكم بالطعام، بل إن علاقتكم مع أنفسكم ومع باقي العالم ستتغير تغيُّرًا تامًّا.

ربما تكونون قد عانيتم اضطرابات الأكل لسنوات كثيرةٍ ومفعمةٍ بالخيبة. وربما كنتم تجدون صعوبة في التوقّف أو الامتناع عن الأكل (عندما لا تكون أجسامكم بحاجةٍ إليه) وحتّى عندما كنتم تنجحون في ذلك، ربما كنتم تشعرون بالحرمان من الطعام. أو ربما كنتم تجدون صعوبة في تقبُّل الطعام وتناوله، وعندما تأكلون وتعطون أجسامكم ما تريده بالفعل، ربما كنتم لا تشعرون إلاّ بالذنب والعار. وربما تكونون تتبعون الحميات الغذائية القاسية في بعض أو معظم أيام الأسبوع (أو الأسابيع أو الأشهر)، لتتحوّلوا في عطلة نهاية الأسبوع مثلاً، إلى الأكل بنهمٍ ومن دون وعي!

تتفاوت أوزان وأشكال وقياسات الأشخاص الذين يعانون اضطرابات الأكل وليس لهم وزن أو شكل أو قياس موحّد. لكنهم جميعًا يقومون بالشيء نفسه وبطرق غير صحية مختلفة: إساءة استخدام العلاقة مع الأكل.

معتقدات مدمرة

يتشارك هؤلاء الأشخاص أيضا مجموعة مدمّرة من المعتقدات والسلوكيات التي تدور حول الطعام والأكل والوزن، ما يبقيهم منقطعين عن أجسامهم ومشاعرهم، وغير واعين لحاجاتهم الداخلية الحقيقية.

إذا كنتم قد جرّبتم حميات العالم كافة أو كنتم قد قللتم من تناول الأطعمة الغنية بالوحدات الحرارية لأعوام أو حتى لعقود... فإن هذا كله يسبب لكم الخوف الشديد من فكرة التخلي عن القواعد الخارجية التي كنتم قد اعتدتم على اتّباعها- مثل عَدّ الوحدات الحرارية أو الكاربوهادريات في طعامكم، ووزن أو قياس كمية طعامكم، ووزن أنفسكم يوميًا- كذلك فإنّ عادات أكلكم السابقة ستخيفكم إلى درجة كبيرة من البدء بتعلّم الثقة بأجسامكم وبسلامة إشاراتها المرسلة إليكم.

وقد تكونون متعلّقين بشدة بنحافتكم إلى درجةٍ تجعلكم غير قادرين على تخيل أي زيادة طفيفة في وزنكم، هذا حتى ولو كانت هذه الزيادة تهدف إلى تحويل نمطكم في الأكل إلى نمط «طبيعي». قد تشعرون بالرعب من الطعام والدهون إلى درجةٍ تجعلكم ترتجفون لمجرد التفكير بتناول طعامٍ يحتوي على عدد كبير من الوحدات الحرارية أو الدهون.

في هذا العالم المهووس بالنحافة، قد لا تلاحظون أن مشكلتكم التي تتلخّص في عدم قدرتكم على قول «نعم» للطعام- توازي في حِدَّتها مشكلة البعض في عدم القدرة على قول «لا» للطعام. يجب أن يكون هدف من يعاني إحدى هاتين المشكلتين المتوازيتين هو: قول «نعم» و»لا» للطعام بشكلٍ متوازنٍ تمامًا. ويتطلب تحقيق هذا النوع من التوازن الصحي، تبنّي طريقة جديدة من التفكير بمسائل الأكل وتبنّي طريقة جديدة من السلوك المتعلّق بالطعام. والأهم، يتطلّب تحقيق التوازن الصحي الإقلاع عن اتّباع الحميات الغذائية وعن العقلية المدمّرة التي تتولّد من اتباع هذه الحميات.

الحميات

اتباع الحميات الغذائية وتقنين الطعام على النفس، هما أمران لا يأتيان بالفائدة على المدى البعيد. في الحقيقة، 98 بالمئة من متّبعي الحميات الغذائية والذين تنقص أوزانهم من خلالها تزداد أوزانهم مجدّدًا في المستقبل وتعود إلى ما كانت عليه قبل اتّباعهم للحميات. حتى إن وزن بعضهم يزداد أكثر مما كان عليه قبل اتّباع الحمية، وإليكم الأسباب:

- أوّلاً، الحميات القاسية والتقنين الطويل الأمد للوحدات الحرارية قد يخدع أجسامكم ويعطّل أجسامكم من خلال تشغيل الزر/ المنبّه الذي يضع أجسامكم في وضعية «المجاعة» وهذا بدوره يبطئ من عملية الأيض كي يوفّر مصروف الوحدات الحرارية، ما يزيد من صعوبة التخلّص من الوزن أو حتى الحفاظ عليه.

- ثانيًا، الحميات والتقنين المطوّل للطعام يناقض حاجاتكم التمثُّلية لأنه يركّز على قواعد خارجية عشوائية تعاقبون فيها الميكانيكية الطبيعية لأجسامكم في ما يخص الطعام والتغذية.

- ثالثًا، هذه القيود المصطنعة تثير شعورًا طاغيًا بالحرمان الجسدي والنفسي، وهذا الشعور يسبب زيادة انعدام الثقة بأجسامكم التي لا تثقون بها أصلاً!

فكرة سخيفة

على عكس الاعتقاد الشائع بخياري النجاح أو الفشل في اتباع الحميات، فالكاتبة تعتقد بعدم وجود مسألة «الفشل في اتباع الحمية»، وهذا لأنكم لا يمكن أن «تفشلوا» في شيء غير منطقي ومستحيل النجاح فيه أصلاً. مثلاً، أنا امرأة لا يتجاوز طولي 152 سم، إذا حاول أحدهم أن يوبّخني على عدم تمكني من لمس سقف الغرفة، فسأفكّر مباشرةً بأنه لا بدّ مجنون لأن مسألة لمسي للسقف مسألة مستحيلة وهكذا فإن توقُّعه لحدوثها أصلاً توقّع تافه للغاية! الأمر نفسه ينطبق على اتباع نمطٍ في الأكل مبني على الالتزام الدائم بحمية غذائية وبتقنين الوحدات الحرارية.

الفشل الحقيقي هو الاعتقاد بأنه يمكن لأي عاقلٍ أن يمنع نفسه ولمدى الحياة عن مُتع الأكل وملذاته! هذا الاعتقاد مشابه للاعتقاد بأنه من الممكن أن يقوم أي عاقلٍ بسجن نفسه وابتلاع مفتاح السجن!

اتباع نمط تقنيني قاسٍ في الأكل ليست فكرة سخيفة جدًا فحسب، بل وأسوأ من هذا، إنها فكرة خطرة عاطفيًا ومدمّرة صحيًّا، فمن شبه المستحيل الالتزام بحمية غذائية قاسية لأكثر من بضعة أسابيع. فكل فشل في الالتزام بحمية غذائية معينة، يذيب المزيد من ثقتكم وإيمانكم بأهليتكم لتغذية أنفسكم. وكلّما فقدتم المزيد من الثقة والإيمان بأهليتكم كلّما أسرعتم إلى حمية أخرى على أنها المنقذ والمنجّي... إنها دائرة مغلقة من الألم.

من جهة أخرى، فإن الهرب الدائم من الحمية مؤلم أيضًا. فأثناء هربكم من الحمية وبسبب غياب روادعكم الداخلية عن الطعام، قد تشعرون بوجود خطب ما قد أصابكم. ومن خلال هوسكم بأفكاركم حول ما ينبغي أن تأكلوا، تغرقون أنفسكم في مشاعر الذنبِ والخجل والاشمئزاز واحتقار الذات.

حلول

أيًّا كان نوع مشكلتكم في الأكل (الإفراط أو التقنين)، فأنتم تعرّضون أنفسكم للألم والتعاسة من دون سبب. وهذا الكتاب سيساعدكم على التخلّص من بعض هذا الألم والتعاسة. لن يحلّ مشاكلكم كافة، لكنه سيحسّن من تقديركم لذواتكم ويزوّدكم بالشعور بالقوة والتحكّم في حياتكم ويعلّمكم أن تقدّروا حاجاتكم العاطفية والجسدية ويساعدكم على بناء ثقتكم بأنفسكم ويحرّر طاقتكم العاطفية للتفرّغ لحياة أكثر إنتاجية ومتعة.

إضافةً إلى ذلك، يعلّمكم هذا الكتاب إحدى طُرق التغيير السلوكي الموثّقةِ الفاعلية في علاج حالاتٍ نفسية معينة كالاكتئاب والقلق والإدمان على المواد المخدّرة/ المنوّمة.. الخ.

back to top