الشجار بين الأخوة... هكذا يفضّه الأهل

نشر في 23-04-2012 | 00:02
آخر تحديث 23-04-2012 | 00:02
سؤال أبديّ يطرحه الوالدان حولهما ولا يجدان له جواباً شافياً: «أولادي يتشاجرون... ماذا أفعل؟». لذلك أقدمت الطبيبة النفسية والمعالجة بالتنويم المغناطيسي جانيت هول على وضع هذا الكتاب الصادر عن «دار الفراشة» في بيروت، لتعرض أسباب هذه المشاكل وطرائق حلّها.

أمضت الدكتورة جانيت هول قسمًا هامًّا من حياتها تعالج مشاكل الأولاد والحياة العائلية والعلاقات الإنسانية بالمعالجة النفسية وأحيانًا بالتنويم المغناطيسي. وأدارت ورشات عمل متعددة في الجامعات الأسترالية تناولت استراتيجيات التربية العملية.

في كتابها «أولادي يتشاجرون... ماذا أفعل؟»، تطرح الكاتبة أسئلة تعانيها جميع العائلات: كل الأخوة يتشاجرون، فهل هذا أمر طبيعي؟ كيف يمكن حل المشاكل بين الأولاد والمراهقين؟ ما سبب هذه المشاكل وهل يمكن أن تحمل رسائل مبطنة؟ هل يمكن أن يكون لها نواح إيجابية تتعلّم منها العائلة دروسًا أو تكتشف أخطاء في سلوك الأهل والأولاد؟

لنرى كيف يقدم لنا هذا الكتاب مفتاح العيش بسلام في منازلنا مع أولاد متفاهمين متوازنين.

صراعات عائلية

الشجار العائلي ليس دائمًا سلبيًا فهو يسمح لأفراد العائلة بالتعلم وتفريغ المشاعر والشفاء، ويحتاج الأولاد بشكل خاص أن يتعلموا أن للأهل سلطة، وأن ما يقررونه هو الأفضل لهم لأنهم لا يحسنون بعد الاختيار. وقد يتوهم البعض أن كل الخلافات العائلية سوف تنتهي إلى الأبد حالما تعالج، لكن هذا الاعتقاد خاطئ لأن الولد لا يلبث أن يخرق القواعد في اليوم التالي، وسيكون هناك دائمًا شيء ما يتصارع عليه الأولاد.

تجنّب الشجار

يعلّم الأهل المسؤولون أولادهم أهمية تجنب الشجار والتخفيف منه إلى أقصى حدّ، والمسارعة إلى إيجاد حل للمشكلة. قبل أن يدخل الأهل إلى ساحة المعركة عليهم أن يعرفوا ما الذي يستحق التشاجر عليه. فإذا كانت المشكلة خاصة بالأهل كأن يستخدم الولد المقتنيات بشكل سيئ، أو يسرق المال، أو يرفع صوت الستيريو فعليهم أن يتصرفوا. أما إذا كانت المشكلة خاصة بالولد كأن يرتدي ما يحب، أو يصادق رفيقًا في الصف، أو لا يرغب في تناول طعام ما، فمن الأفضل أن تتركاه ليتعلّم دروس الحياة وحده.

مشكلة من؟

إذا وقعت مشكلة بين الأولاد في المدرسة فعندئذ تكون مشكلة الولد مع الشخص الآخر وعلى الأهل عدم التدخل، اللهم إلا إذا كان هناك ولد آخر يستقوي عليه فهنا ينبغي على الأهل التدخل.

إذا كان الولد يتقاتل مع إخوته في غرفة الجلوس والأهل يشاهدون التلفزيون وتعالى السباب والشتم والبصق، فالمشكلة عندها تكون مشكلة خاصة بالأهل وعليهم أن يتدخلوا. إنها مشكلة الأهل وهي تستحق الشجار عليها.

العلامة الفارقة التي تجعل المسألة مشكلة ما بين الأهل والولد، هي الطريقة التي تؤثر بها في الأهل. فإذا كانت المشكلة تؤثر مباشرة بالأهل وتسبّب انزعاجًا نفسيًا وجسديًا أو إذا كانت المشكلة تسبب خرقًا للقيم العائلية/ القيم الأخلاقية، عندئذ تعتبر المشكلة خاصة الأهل.

المشكلة الخاصة بالولد

كيف على الأهل التعامل مع مشكلة خاصة بالولد؟

من غير المناسب أن يغضب الأهل بسبب مشاكل تخص الولد. يقترح الاختصاصي كلاين في هذه المجال أربع طرائق:

-1  أظهر له أنك تصغي إليه وتتفهمه: «أعرف أن عليك أن تذهب إلى ملعب الرياضة ولكنها تمطر. من المحبط حقًا أن تتأخر وأن تصل إلى هناك مبللاً».

-2  اترك الأمور تسير في مسارها الطبيعي فتكون العاقبة نتيجة طبيعية لمجرى الحدث. لا تنقذ الولد: «لقد تأخرت في النوم وقد تركت معطفك في المدرسة. عليك أن تجد الحل لمشكلتك».

-3  أظهر له حبك واهتمامك: «أنت تستحق أن تلعب اليوم لأنك تمرنت جاهدًا وأنا فخور بالتزامك».

-4  اسأل الولد عن الحل: «ماذا ستفعل؟».

المشكلة الخاصة بالأهل

كيف يتعامل الأهل مع المشكلة التي تخصهم؟

لا بأس أن يغضب الأهل في هذه الحالة. (هذا لا يعني أن  تصرخ فيهم وتشتمهم بل يعني أن بإمكانك أن تحملق فيهم وأن تنظر بغضب وتلح بحزم: «ممنوع السباب والصراخ. هذا غير مسموح في هذا البيت»).

فلنقل إن الأهل انزعجوا بسبب كثرة الصراخ والسباب الذي تعالى بين الأولاد عندما طلبوا منهم طلبات بسيطة. هذه المشكلة ستسبب انزعاجًا للأهل وتجعلهم يتورطون بشكل مباشر.

-1  فاوض للوصول إلى اتفاق: «إذا أردت أن تصرخ وتشتم فافعل ذلك في الحديقة».

-2  أصر بحزم:

أ-  «عندما تصرخ وتشتم، أشعر بالغضب والحزن وأفكر في أنك لا تبالي بمشاعر الآخرين. ما أريده منك هو التكلم من دون أن تصرخ وتسبّ، وما سأفعله هو الإصغاء».

ب-  «أعرف أنك تريد التنفيس عن غضبك ولكني أريد السلام في بيتي. يمكنك أن تنفس عن غضبك في الخارج».

-3  تابع القضية حتى نهايتها؟

-4  قم بهجوم بسيط: «إذا استمريت بالصراخ والعويل فلن نطبخ أي شيء للغداء حتى يعم السلام هذا البيت».

توقيت الشجار

غالبًا ما تسبب الشجارات العنيفة، جسديًا وعاطفيًا، قلقًا واضطرابًا كبيرًا وهو ما قد يخيف الناس فعليًا وما قد يدوم وقتًا طويلاً. وبسبب هذا الانزعاج والاضطراب يتجنب الناس أقل صراع فما بالك إذا كان شجارًا فعليًا. لكن لسوء الحظ أن الأهل الذين يتجنبون الصراعات يعلِّمون أولادهم تجنبها أيضًا.

عندما نتجنب أي صراع فإننا بذلك نشكّل أمة من الناس «اللطيفين» الذين يكونون عاجزين عن المواجهة والدفاع عن أنفسهم. ليس على الناس كبح الغضب والقلق، لأنه إن لم يتم التعبير عن هذين الانفعالين فقد يتوجهان إلى داخل الإنسان وقد يؤديان، كما يقول البعض، إلى الإصابة بأمراض خطيرة. وقد يؤدي كبح المشاعر إلى تغطية مشاكل خطيرة كالإساءة إلى الطفل والإساءة الجنسية وحتى إلى الكبت الجنسي. الناس اللطفاء لا يتكلمون عن أمور كهذه وأولاد الناس اللطيفين يكبرون ويصبحون أيضًا راشدين «لطيفي المعشر» لا يقدرون أن يتحملوا المسؤوليات الاجتماعية ولا يقدرون أن يناضلوا في سبيل ما يؤمنون به، لأن الناس اللطفاء لا يزعجون أحدًا.

التقاتل لأجل ما نؤمن به أمر مهم، لكن يجب ألا نلجأ إلى العدوانية لتحقيق أهدافنا. بمعنى آخر، عليك أن تبرهن بهدوء وشجاعة أنك تتمسك بما تؤمن به، وإذا فعلت ذلك فستحظى بأفضل فرصة لتحقق ما تريد وتحدث تغييرًا إيجابيًا.

back to top