بعد الهزيمة في الموصل.. «داعش» تستعد لـ«حرب شوارع»

نشر في 20-07-2017 | 15:28
آخر تحديث 20-07-2017 | 15:28
No Image Caption
بدأ متشددو تنظيم داعش إعادة تمركزهم قبل شهور من إنهاء القوات العراقية المدعومة من الولايات المتحدة حكمهم المرعب الذي استمر ثلاث سنوات في الموصل لينحوا حلم الخلافة جانبا ويعدوا العدة لمعارك مختلفة.

قبل أشهر قليلة قال مسؤولو مخابرات ومسؤولون محليون إنهم لاحظوا فرار عدد متزايد من القادة والمقاتلين من المدينة إلى تلال حمرين في شمال شرق العراق التي توفر مخابئ وتتيح الوصول إلى أربع محافظات عراقية.

واعترضت السلطات بعضهم لكن كثيرين أفلتوا من قوات الأمن وشرعوا في إقامة قواعد لعملياتهم الجديدة.

ما يأتي بعد ذلك قد يكون تحديا أكثر تعقيدا وصعوبة لقوات الأمن العراقية بمجرد الانتهاء من الاحتفال بالانتصار الذي تحقق بشق الأنفس في الموصل أكبر معاقل المتشددين في العراق.

ويستعد مسؤولو المخابرات والأمن لنوع من التمرد المدمر مثل ذلك الذي خاضه تنظيم القاعدة عقب الغزو الذي قادته الولايات المتحدة في عام 2003 مما دفع العراق إلى أتون حرب أهلية طائفية بلغت ذروتها في 2006 و2007.

وقال لاهور طالباني المسؤول الكردي الكبير في مكافحة الإرهاب لرويترز إن المتشددين يتحصنون ويمكنهم الوصول إلى العاصمة بسهولة. ويشارك طالباني في طليعة الجهود الرامية إلى القضاء على الدولة الإسلامية في إطار التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة.

وعبر طالباني عن اعتقاده بأن الأيام الأصعب قادمة.

وتعود جذور بعض مقاتلي الدولة الإسلامية إلى الحملة التي شنتها القاعدة بسيارات ملغومة وتفجيرات انتحارية وكانت تودي بحياة عشرات الأشخاص يوميا ونجحت في تأجيج حرب طائفية في العراق المنتج الكبير للنفط والحليف الرئيسي للولايات المتحدة.

وعندما سحقت مبادرة عشائرية بتمويل أمريكي تنظيم القاعدة أعاد الأكثر تشددا منهم تجميع صفوفهم في الصحراء بين العراق وسوريا. وعاودوا الظهور في شكل جديد تماما فاجأ العالم هو الدولة الإسلامية.

وبعد الاجتياح الخاطف للموصل تفوقت الدولة الإسلامية على وحشية القاعدة ونفذت عمليات قطع رؤوس وإعدام جماعية من خلال فرضها لفكرها المتشدد.

وعلى عكس القاعدة سيطرت الدولة الإسلامية على ثلث الأراضي العراقية واكتسبت معرفة بالأرض التي باتت في متناولها وهي تصد هجمات قوات الأمن العراقية.

* ضباط مخابرات صدام

انضم ضباط سابقون بجهاز المخابرات العراقي عملوا تحت حكم صدام حسين إلى تنظيم الدولة الإسلامية في تحالف للمصالح. وتوقع طالباني ومسؤولون أمنيون آخرون أن هؤلاء الخبراء العسكريين الاستراتيجيين المخضرمين الذين كانوا ينتمون لحزب البعث سيمثلون الجيل الجديد لقادة الدولة الإسلامية.

وبدلا من محاولة إقامة دولة خلافة، وهي الفكرة التي اجتذبت مجندين من المسلمين السنة الساخطين، قال مسؤولون أمنيون عراقيون وأكراد إن قادة الدولة الإسلامية سيركزون على حرب الشوارع التي يصعب كثيرا التكهن بها.

وقطعت القوات العراقية شوطا طويلا منذ انهيارها أمام تقدم الدولة الإسلامية في 2014 عندما تخلت عن سلاحها وخلعت زيها العسكري في حالة من الذعر.

وقاتلت القوات العراقية لنحو تسعة أشهر لانتزاع السيطرة على الموصل بمساعدة ثابتة من ضربات جوية تقودها الولايات المتحدة سوت بالأرض أحياء بأكملها.

والسؤال المهم هو ما إذا كان الجيش، الذي يشعر بالارتياح أكثر كثيرا مع الحروب التقليدية، بإمكانه التعامل مع تمرد بخلايا نائمة ووحدات صغيرة من المسلحين الذين يخرجون من الصحاري والجبال وينفذون هجمات وسرعان ما يتوارون عن الأنظار.

وقال ستيف تاونسند قائد التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة للصحفيين "سيحاولون الاختباء وسط السكان. ستكون خلاياهم أصغر بدلا من المجموعات والفصائل وسيتحولون إلى فرق وخلايا وستتخفى عناصر أصغر كثيرا وسط السكان".

وأضاف "على شركائنا من قوات الأمن العراقية خوض عمليات على غرار التصدي للتمرد عند مرحلة ما ونبذل جهودا بالفعل الآن لبدء تشكيل تدريبهم على أسلوب داعش الجديد".

ويشير التاريخ إلى أن التدريب قد لا يكون كافيا.

فقد أنفقت الولايات المتحدة 25 مليار دولار على الجيش العراقي خلال فترة الاحتلال الأمريكي الذي أسقط صدام حسين في 2003 وأثار تمردا بمشاركة تنظيم القاعدة.

ولم يجهزوا ذلك الجيش للتصدي لمقاتلي الدولة الإسلامية الذين زحفوا على الموصل بعربات وأسلحة سرقت من القوات العراقية المتقهقرة.

ويمكن للقوات العراقية بالتأكيد الإشارة إلى الانتصارات التي حققتها في الموصل ومدينتي الفلوجة والرمادي بمحافظة الأنبار التي كانت ذات يوم في قبضة الدولة الإسلامية.

لكن مسؤولين محليين يقولون إن هذه المدن لا تزال معرضة لهجمات من الصحراء مترامية الأطراف التي يعرف دروبها المتشددون.

وقال عماد الدليمي المسؤول بالأنبار إن العمليات الأمنية ستكون بلا جدوى ما لم تسيطر قوات الأمن على الصحراء. وأضاف أن الصحراء باتت ملاذا آمنا للدولة الإسلامية.

وقال الدليمي إن الدولة الإسلامية غير موجودة كتنظيم في المدن لكنها تنفذ هجمات من خلال أفراد وسيارات ملغومة وانتحاريين مشيرا إلى أن الناس تخشى عودة الدولة الإسلامية وأن هناك هجمات يومية.

ويعبر طارق يوسف العسل وهو قائد قوة عشائرية عن نفس المخاوف ويشكو من عدم وجود تنسيق بين قوات الأمن المحلية الكثيرة.

وقال إن هذه القيادات لا تملك خبرة القتال في الصحراء.

ولا يزال بعض المواطنين لا يشعر بالأمن رغم تحسن أداء الجيش العراقي.

ولا يعتزم أحمد العيساوي أحد سكان الأنبار إعادة فتح مطعمه قريبا. وقال إنه يخشى تدميره بنفس الطريقة التي دمر بها خلال اشتباكات بين قوات الأمن والدولة الإسلامية في عام 2014.

وقال "أخشى وقوع أي هجوم في أي لحظة".

ولا تضيع الدولة الإسلامية أي وقت وتنفذ استراتيجيتها الجديدة رغم الخسارة التي تكبدتها في الموصل.

وقال مسؤولون أمنيون إن نحو 30 متشددا يتسلحون ببنادق آلية وقذائف مورتر عبروا نهر دجلة في قوارب خشبية وهاجموا قرية إمام غربي على بعد حوالي 70 كيلومترا إلى الجنوب من الموصل في أوائل يوليو تموز ثم انسحبوا عائدين من حيث أتوا.

وقال المسؤول الكردي الكبير ووزير الخارجية العراقي الأسبق هوشيار زيباري إن فكرة الخلافة انتهت وإن الحلم تبدد.

وأضاف أن المتشددين سيعودون إلى هجمات الكر والفر القديمة وكتلتهم الصلبة الأساسية ستواصل القتال.

back to top