إسطنبول... الفاتنة والخطّاب

نشر في 25-06-2019
آخر تحديث 25-06-2019 | 00:20
 محمد الوشيحي ما بين جموح عقلي، الذي يميل إلى الفكر المدني، وعواطف قلبي التي تخشى على اللاجئين السوريين في تركيا، أو في إسطنبول تحديداً، تابعت تفاصيل انتخابات بلدية أكبر ولايات تركيا وأثراها، إسطنبول (ميزانية هذه الولاية تفوق ميزانية وزارة الدفاع التركية). وهي أكثر الولايات التركية فتنة، وأكثرها إثارة لطمع الخطّاب (الأحزاب).

ذلك الإسلامي، أو قل الإردوغاني لتبدو أصدق، فهو إسلامي غير متدين بتاتاً، متفائل غاضب: أميركا والمتطرفون الأوروبيون والصهاينة يتمنون فوز أكرم إمام أوغلو، مرشح التيار العلماني، لفرط عدائهم للإسلام، لكننا سنهزمهم ونرفع مرشحنا، بن علي يلدريم، فوق الأكتاف، فيموتون بغيظهم كما نفعل بهم دائماً. وتلك الموظفة العلمانية التي أراجعها بشكل مستمر تؤكد لي كلما رأتني أن حقبة إردوغان على وشك النهاية: "ياتار آرتك" أي يكفي إلى هذا الحد، تقولها بغضب مغلف بإصرار مخيف، وتخبرني أنها عضوة في إحدى لجان أكرم إمام أوغلو.

وكثير من الإسلاميين والأكثر من خصومهم، يتحدثون ويتحدثون ويتحدثون عن انتخابات إسطنبول، وما سيترتب عليها، وكيف ستعود إسطنبول، وتركيا بالتبعية، إلى عهد "العلمانية المتوحشة" إذا فاز "أكرم"، كما يقول الإسلاميون، وكيف ستغرق تركيا، أكثر، في بحر العمائم والجهل والشعوذة إذا فاز "بن علي"، كما يقول العلمانيون وخصوم الإسلاميين.

وفاز أكرم. لم أحزن ولم أفرح. عن مشاعري أتحدث. لكن بالإضافة إلى صراع العقل والعاطفة، هناك الرغبة التي تقفز من أعماقي حماسة لمشاهدة كل ما هو جديد وكسر السائد.

فاز أكرم، وحظي بتشجيع وتأييد وفرح من قِبَل بعض العرب، دون أن يعرفهم أو يحسب حسابهم أو حتى يهتم لأمرهم. والأحرى أنهم لم يفرحوا لفوزه، بل فرحوا لسقوط مرشح حزب العدالة، أو مرشح إردوغان كما يسمونه. هو ليس حباً في أكرم بل كرهاً في إردوغان "الدكتاتور". وهو دكتاتور ديجيتال، إذ سمح لخصومه، ويا للعجب، بالفوز بالانتخابات في أكبر ثلاث ولايات في تركيا، وبالتالي قد يؤدي ذلك إلى عرقلة رئاسته، فيتطور الأمر إلى أن يصل إلى انتخابات رئاسية، هذه المرة، مبكرة.

وما بين حماسة الترك وترقب العرب، كنت أضع كفيّ الاثنين على وجهي خجلاً من ديمقراطيات العربان، دون أن أنسى اختلاس نظرة إلى نتائج فرز الصناديق. ويا لهذه الصناديق المحرمة في عقول كثير من العربان. رحماك ربي.

back to top