«الوطني»: النفط تحت ضغط تصاعد التوترات التجارية

«برنت» يتراجع بنسبة 11% ويسجل أسوأ أداء شهري في 7 سنوات

نشر في 12-06-2019
آخر تحديث 12-06-2019 | 00:00
No Image Caption
سجل النفط تراجعات بسبب تنامي توتر الأسواق حيال التأثير السلبي لتدهور العلاقة التجارية الأميركية – الصينية على النمو الاقتصادي العالمي، فقد عانت أسعار النفط في 23 مايو الماضي أكبر تراجع لها في يوم واحد لهذه السنة، إذ تراجعت بنسبة 4.5% بسبب المخاوف التجارية وارتفاع المخزونات الأميركية، وهما عاملان اعتبر السوق أنهما أدّيا إلى تراجع الطلب.
سجلت أسعار النفط أول تراجع شهري لها في 2019 في شهر مايو الماضي، إذ تراجع خاما «برنت» و»متوسط غرب تكساس»، بنسبة 11 في المئة على الأقل على أساس شهري إلى 64.5 دولاراً للبرميل و53.5 دولاراً للبرميل على التوالي مع نهاية الشهر، وكان أداء أسعار النفط في مايو هو الأسوأ لهذا الشهر في سبع سنوات.

وحسب الموجز الاقتصادي الصادر عن بنك الكويت الوطني، سجل النفط، إلى جانب الأسواق المالية العالمية بشكل أشمل، تراجعات بسبب تنامي توتر الأسواق حيال التأثير السلبي لتدهور العلاقة التجارية الأميركية – الصينية على النمو الاقتصادي العالمي.

في التفاصيل، عانت أسعار النفط في 23 مايو من أكبر تراجع لها في يوم واحد لهذه السنة، إذ تراجعت بنسبة 4.5 في المئة بسبب المخاوف التجارية وارتفاع المخزونات الأميركية، وهما عاملان اعتبر السوق أنهما أدّيا إلى تراجع الطلب.

وبعد اقتراب مايو من نهايته، تراجعت الأسعار بسبب الإعلان المفاجئ للرئيس الأميركي دونالد ترامب نيته فرض رسم جمركي نسبتها 5 في المئة على كل الواردات المكسيكية إلى الولايات المتحدة بدءاً من 10 يونيو (التي تراجع عنها لاحقاً)، من أجل زيادة الضغط على الحكومة المكسيكية لوقف تدفق المهاجرين غير الشرعيين إلى أميركا.

وازدادت المخاوف بعد أن خفضت الوكالة الدولية للطاقة توقعها لنمو الطلب العالمي على النفط في 2019 بعد المراجعة، رغم أنه كان طفيفاً.

ارتفاع المخاطر الجيوسياسية

انخفضت أسعار النفط في مايو على الرغم من ارتفاع المخاطر الجيوسياسية، إذ أدى إنهاء أميركا في 2 مايو الإعفاء الممنوح لبعض أكبر مستوردي الخام الإيراني إلى زيادة القيود على الإمدادات العالمية، ليضاف ذلك إلى اتفاق خفض الإنتاج في دول أوبك وشركائها، مع استمرار انخفاض الإمداد من بعض منتجي النفط مثل فنزويلا (التي تعاني جراء وضع اجتماعي واقتصادي صعب، إضافة إلى خضوعها لعقوبات)، وليبيا (نزاع مدني – عسكري)، وكندا (الحد من الإنتاج) وروسيا (تلوث الأنابيب).

وبجانب ذلك، ارتفع أيضاً احتمال حصول تأثير إيجابي على أسعار النفط بعد تنامي التوترات الإقليمية عقب التخريب الذي استهدف ناقلات نفط مقابل ساحل الفجيرة في الإمارات العربية المتحدة، وهجوم طائرة بدون طيار على المنشآت النفطية السعودية.

«أوبك» وشركاؤها وخفض الإنتاج تدريجياً

من جهتها، حققت «أوبك» وشركاؤها شهراً آخر من الالتزام بأكثر مما هو مطلوب في أبريل، إذ خفضت إنتاج الخام تدريجيا للتخلص من الفائض في الإمداد في السوق.

وبلغ مجموع الإنتاج 43.7 مليون برميل يومياً، والالتزام الإجمالي 150 في المئة، وبالفعل، كان أبريل أول شهر في ستة عشر شهراً تلتزم فيه دول أوبك وشركاؤها من الدول غير الأعضاء في أوبك بالكامل باتفاق خفض الإنتاج، وبلغ التزام الدول غير الأعضاء في أوبك 150 في المئة ويرجع ذلك بشكل رئيس إلى خفض الإنتاج في كازاخستان بسب صيانة الحقول النفطية.

وبلغ معدل التزام روسيا 80 في المئة في أبريل، وساعد في ذلك جزئياً تلوث خط أنابيب دروجبا الروسي.

وتواصل السعودية لعب الدور المحوري في خفض الإنتاج، إذ خفضت إنتاجها إلى 9.74 ملايين برميل يومياً في أبريل، أي أقل بمقدار 569 ألف برميل من حصتها الرسمية (التزام بنسبة 277 في المئة)، فيما سجلت، الكويت والإمارات العربية المتحدة، معدلات التزام بنسبة 132 و112 في المئة على التوالي.

ومن بين كبار منتجي النفط في أوبك، لم تلتزم العراق (16 في المئة) ونيجيريا (-153 في المئة) بالاتفاق بعد بالكامل.

المخزونات النفطية تتراجع مع خفض الإمداد

وبحسب الوكالة الدولية للطاقة، تراجعت مخزونات منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية من الخام التجاري ومنتجات البترول – وهي مقياس للمخزونات النفطية – للشهر الثاني على التوالي في مارس بمقدار 25.8 مليون برميل لتصل إلى 2.849 مليار برميل، أي أكثر بكثير من معدل تراجع السنوات الخمس المعتاد لتلك الفترة من السنة والبالغ 4 ملايين برميل، إذ تغطي المخزونات العالمية حالياً ما يكفي لمدة 59.8 يوماً من الطلب المستقبلي، وهو المستوى الأدنى منذ يوليو 2018.

الطلب سيتجاوز العرض

بحسب توقعات الوكالة الدولية للطاقة الخاصة بالطلب ونمو إنتاج الدول من خارج «أوبك» في 2019 وتوقعاتنا بشأن إنتاج «أوبك» من النفط الخام، من الأرجح أن يشهد السوق انخفاضاً في المخزون النفطي بمعدل 0.63 مليون برميل يومياً في الربعين الثاني والثالث من السنة، بسبب عدم قدرة الإنتاج على تلبية الطلب.

وفي الربع الأخير من 2019، سيتجاوز العرض الطلب بشكل طفيف، ليؤدي إلى زيادة المخزون قليلاً بمقدار 0.14 مليون برميل يومياً. وبالطبع، ينطوي هذا السيناريو على عدد من الافتراضات: منها أن «أوبك» وشركاءها سيستمرون باتفاق خفض الإنتاج (مع بلوغ الإنتاج مستويات أبريل تقريباً) خلال الجزء الثاني من السنة؛ وكذلك عدم حصول زيادة مفاجئة في نمو إمداد الدول من خارج «أوبك» بدفع من النفط الصخري الأميركي، وبقاء نمو الطلب النفطي جيداً.

ويشكل تدهور التجارة العالمية، بسبب نزاع الرسوم الجمركية التجارية الأميركية – الصينية، حالياً الخطر الأكبر على الاقتصاد العالمي، مع احتمال انقلاب التوقع الحالي لنمو الطلب بشكل كبير وبالتالي انخفاض أسعار النفط.

وفي مايو، خفضت الوكالة الدولية للطاقة بالفعل توقعها لنمو الطلب في 2019 بمقدار 90 ألف برميل ليصل إلى 1.3 مليون، بسبب نمو الطلب بأقل من المتوقع في البرازيل والصين واليابان في الربع الأول من 2019.

ولكن الوكالة ذكرت أن هذا التراجع قد يكون محدوداً بذلك الربع، وأنه على الرغم من التوترات التجارية العالمية، فإن وتيرة نمو الطلب قد تتسارع خلال باقي السنة.

فمثلاً سيكون بدء موسم القيادة في أميركا ونصف الكرة الشمالي، إذ يرتفع الطلب عادة على البنزين، أمراً إيجابياً بالنسبة للطلب على النفط.

وفي ظل هذه المتغيرات قبيل اجتماع أوبك وشركائها النصف السنوي هذا الشهر، فإن التوقع سيكون، بحسب توصية السعودية، أن يمتد على الأرجح خفض إنتاج أوبك وشركائها حتى نهاية السنة.

back to top