الحظر الأميركي على «هواوي» ومدى جديته

نظام تشغيل جديد قادم من الشركة الصينية إلى جانب أندرويد وiOS

نشر في 28-05-2019
آخر تحديث 28-05-2019 | 00:05
No Image Caption
فرضت حكومة ترامب حظراً تجارياً على عملاقة الاتصالات الصينية (هواوي)، ومنعت الشركات الأميركية من التعامل معها. إلا أن «هواوي» تضررت إلى حد ما، بعدما أُجبرت «غوغل» الأميركية على إلغاء ترخيصها، ومنعها من استخدام خدماتها.
هناك معركة تجارية تدور منذ زمن بين كل من الولايات المتحدة الأميركية والصين، وبدأت هذه المعركة تتحول إلى حرب مفتوحة، عندما بدأ ترامب وإدارته في زيادة الرسوم الجمركية على الواردات الصينية إلى الولايات المتحدة، مما فرض على الحكومة الصينية العمل بالمثل، والرد من خلال زيادة الرسوم بدورهم على الواردات الأميركية إلى بلادهم.

وفي الأيام الماضية، فرضت حكومة ترامب حظراً تجارياً على عملاقة الاتصالات الصينية (هواوي)، حيث منعت الشركات الأميركية من التعامل معها. ورغم محاولات الشركات الصينية المستمرة لعدم الاتكال على شركات خارج البلاد، وتصنيع وتطوير جميع المنتجات داخلياً، فإن هواوي الصينية تضررت الى حد ما، بعدما أُجبرت «غوغل» الأميركية على إلغاء ترخيص هواوي ومنعها من استخدام خدماتها. ومن أهم هذه الخدمات خدمات متجرها الخاص Google Play، كما تم حظر الشركة الصينية من استخدام خدمة «أندرويد أوبن سورس بروجكت» المتاحة للمبرمجين، مما يعني عدم السماح لهواوي باستخدام نظام اندرويد من لحظة تفعيل القرار.

كما تم سحب هواوي من البرنامج التجريبي لنظام أندرويد القادم Android Q، لتقوم بعدها شركات أميركية أخرى، بما في ذلك مثل ARM وQualcomm وغيرها بنفس الأمر، مما زاد الوضع سوءا للشركة الصينية.

فهل ستؤثر هذه الإجراءات على هواوي ومستخدميها؟

حالة من القلق تنتاب مستخدمي هواتف هواوي، لكن يجب التوضيح ان دعم نظام اندرويد واستخدام منتجات «غوغل» سيقف فقط عن الهواتف القادمة بعد تنفيذ قرار الحظر، وحينئذ لابد على هواوي تطوير نظام تشغيل جديد بديل للأندرويد، وان تجد بديلا لمتجر يحتوي على التطبيقات.

وأرسلت هواوي بياناً لوسائل الإعلام أكدت فيه مساندتها بنمو اندرويد على مستوى العالم، كما عملت الشركة الصينية على طمأنة مستخدمي هواتفها الحاليين وعلامتها التجارية الفرعية Honor، قائلةً إن «منتجاتها ستظل تتلقى تحديثات الأمان وخدمات ما بعد البيع».

مساهمات كبيرة

وتابعت هواوي أن هذا الوعد يضم أيضاً الهواتف التي وقع شحنها، بالإضافة إلى الأجهزة الموجودة حالياً في المخازن بجميع أنحاء العالم، من غير أن تقدم الشركة الصينية أي وعود إضافية تتخطى ذلك.

وأوضحت الشركة الصينية أنها قدمت مساهمات كبيرة من أجل نمو وتطوير اندرويد في جميع أنحاء العالم قائلة: «بصفتنا أحد الشركاء العالميين الرئيسيين لنظام اندرويد، فقد عملنا عن قرب مع منصة مفتوحة المصدر لتطوير نظام بيئي استفاد منه المستخدمون والصناع».

وبعد هذه التطورات صرح «رن تزنغفي» مؤسس شركة هواوي بأن الولايات المتحدة الأميركية تقلل من قوة شركته، إذ تحدث إلى وسائل الإعلام الصينية بعد أيام من إصدار الرئيس دونالد ترامب أوامر تهدف إلى إحباط أعمال شركة هواوي في الولايات المتحدة. وأكد مؤسس الشركة أن هذه القيود التى تفرضها الولايات المتحدة على منتجات الشركة لن تؤثر على تطبيق تقنية 5G، مؤكداً أن قرار بعض شركات التكنولوجيا الأميركية بوقف بيع المكونات والبرامج إلى هواوي لا يعنى الكثير، ولن يؤثر على الشركة.

5G

وأضاف أن هواوي مستعدة بالفعل للتعامل مع الحظر، إذ قال: «يمكننا صنع رقائق جيدة مثل تلك التي تصنعها الشركات الأميركية». ليضيف ان هذا الصدام مع الولايات المتحدة كان لا مفر منه نظراً لاهتمام الشركة بأن تصبح واحدة من الشركات الرائدة عالمياً في تكنولوجيا 5G. ليفاجأ الجميع بالتأكيد انه لن تتمكن اي من الشركات الأخرى من اللحاق بهواوي في تقنيات الـ 5G مدة عامين أو ثلاثة أعوام، حيث قال: «في أعمال الجيل الخامس، تحتل هواوي مكان الصدارة».

لتعلن واشنطن بعدها تأجيل بدء تطبيق الحظر على تصدير التكنولوجيا إلى الشركة الصينية العملاقة حتى منتصف أغسطس، مشيرةً إلى الحاجة لإفساح المجال أمام تحديثات البرامج والتزامات أخرى متعلقة بالعقود.

وقالت وزارة التجارة الأميركية، في بيان، إن التأجيل لا يعني تعديل الحظر الذي فرضه الرئيس ترامب. وأضاف البيان أن السلطات لن تطبق الحظر مدة 90 يوماً لإعطاء هواوي وشركائها الوقت للمحافظة على الشبكات والمعدات الموجودة والعاملة حالياً ودعمها.

وبحسب موقع Tech Crunch التقني، هناك بصيص أمل لهواوي في هذه المعركة، حيث أكدت شركة غوغل أنها تراجع حالياً القرار والآثار التي تفرضها العقوبات، وأنها لا تريد أن تحد من الوصول إلى نظام تشغيل أندرويد.

وأشارت إلى أن العلامات التجارية الأميركية مثل كوالكوم ستتأثر بشدة بسبب القيود على هواوي، حيث ان 11 مليار دولار هي قيمة مكونات تشتريها هواوي سنوياً من أميركا، لذلك فمن المرجح أن تعيد «غوغل» النظر في هذا القرار.

وقال مراقبون ان هذه الخطوة لن تؤثر فقط على هواوي، لأنها ستؤثر بشكل كبير على الصناعة بأكملها، ما يعني ظهور نظام تشغيل جديد للهاتف الذكي.

سبب الحظر وجديته!

السبب الرسمي الذي جعل الولايات المتحدة الأميركية تهاجم هواوي، بحسب إدارة ترامب، أن أجهزة الشركة تعرض البلاد لخطر التجسس. وقد كانت «هواوي» اتهمت الحكومة الأميركية قبل شهرين من الحظر بانتقاء شركة هواوي وتدمير سمعتها. وليس لدى الحكومة الأميركية أي خطط لوقف حملتها المتصاعدة ضد هواوي للحصول على ما تريده من الصين في الحرب التجارية الجارية بينهما. وأفادت «رويترز» بأن مسؤولاً في وزارة الخارجية الأميركية قال في اجتماع مع نظرائه من كوريا الجنوبية أنه لا ينبغي على شركة الاتصالات الكورية الجنوبية +LG U العمل في المناطق الحساسة، لأن هذه الأخيرة تستخدم معدات هواوي.

وقال بيان رسمي صادر عن شركة الاتصالات الكورية الجنوبية أنه لا توجد طلبات رسمية من «الخارجية» الكورية الجنوبية أو الأميركية. ومع ذلك، تضغط واشنطن على حلفائها لإبعاد هواوي عن بناء الشبكات الخاصة بها.

حظر «هواوي»

وفي لقاء جديد للرئيس الأميركي، سأل أحد المراسلين ترامب حول حظر هواوي، حيث قدم الأخير جواباً متناقضاً قائلا: «هواوي شيء خطير. نظرتم إلى ما فعلوه من وجهة نظر أمنية، ومن وجهة نظر عسكرية، إنه أمر خطير. لكن من الممكن أن يتم إدراج هواوي في نوع من الصفقات التجارية، إذا أبرمنا الصفقة، فإنه يمكنني تخيل أن هواوي قد يتم تضمينها بشكل ما كجزء من الصفقة التجارية».

فإذا كانت هواوي فعلاً تمثل تهديداً أمنياً، فلماذا يذكر ترامب أنها يمكن أن تكون جزءاً من صفقة تجارية مستقبلية؟ ويجب توضيح نقطة أخرى بأن هذه ليست المرة الأولى التي يطبق فيها الحظر على شركات تكنولوجيا، فهناك شركة ZTE التي تعرضت لنفس الشيء، بسبب أدلة فعلية على كسر الحظر التجاري مع إيران.

وكان من المفترض أن تكون الشركة ممنوعة من مزاولة الأعمال التجارية مع الولايات المتحدة مدة 7 سنوات، ولكن ZTE توصلت إلى اتفاق مع الولايات المتحدة على الرغم من توصية الكونغرس بعدم القيام بذلك.

وتضمنت الصفقة غرامات ضخمة، والامتثال لطلبات الولايات المتحدة لتعديل المسؤولين التنفيذيين داخل الشركة.

وهذا فعلياً ما يجري مع هواوي، فهذا الحظر هو لأسباب سياسية بحتة لا لأسباب عسكرية ولا أمنية. ويضر الحظر، الذي فرضته الحكومة الأميركية على هواوي، قطاع الهواتف الذكية بصفة خاصة، وقطاع التكنولوجيا بصفة عامة، بينما يزيد من الضغوط على الصين للتوصل إلى صفقة تجارية جديدة، وظهر هذا من استعداد الرئيس دونالد ترامب لرفع الحظر كجزء من صفقة تجارية يبدو كأنه وسيلة للاستفادة من التفاوض مع الصين، وليس هناك تهديد أمني.

نظام تشغيل خاص

تعمل هواوي على طرح نظام تشغيل خاص بهواتفها لمنافسة كل من نظام تشغيل اندرويد وiOS خلال الفترة القادمة، بحسب جريدة «وول ستريت جورنال»، وذلك على اثر أزمة الحظر الأخيرة من قبل الحكومة الأميركية التي أدت إلى مقاطعتها من كبرى الشركات الأميركية، وعلى رأسها «غوغل»، التي سحبت رخصة نظام الاندرويد منها.

ووفقاً للتقرير فإن هواوي تطلق على نظامها القادم اسم «هونغ مينغ»، حيث تسعى لإطلاقه في الصين خلال خريف العام الجاري، مع وضعها خطة لإطلاقه على مستوى عالمي مع الربع الثاني من عام 2020.

عقبات

الشركة الصينية تعمل على نظام تشغيل للهواتف منذ عام 2012 كخطة بديلة في حال مواجهتها عقبات كالتي تمر بها الآن، لذا قدمت أوراق اعتماده لدى إدارة الملكية الفكرية الصينية منذ فترة فيما تم الموافقة عليه منتصف مايو الجاري، أي قبل فرض الحظر الأميركي على الشركة.

الجدير بالذكر أن نظام هواوي القادم لن يكون قادراً على الاستفادة من خدمات شركة غوغل الرئيسية كبرامح: Youtube

وGmail ومتجر التطبيقات Play Store، لذا فإنها ستعمل على إيجاد البدائل في نظامها الجديد، وبشكل خاص بتوفير متجر تطبيقات أوسع انتشارا من App Gallery، حيث دارت الأخبار عن سعيها للتعاقد مع متجر Aptoide.

وقيل ان هواوي طلبت من مطوري التطبيقات إرسال تطبيقاتهم إلى متجرها الخاص App Gallery، وقدمت لهم الأدوات اللازمة لتحويل التطبيقات من غوغل بلاي ستور الى متجرها، وهذه هي الفكرة الفورية التي خطرت على ذهن الشركة الصينية، نظراً لأن العديد من هواتف الشركة تأتي بشكل مسبق مع متجر App Gallery.

كما أفادت وسائل الإعلام البرتغالية بأن متجر Aptoide، الذي يعتبر بديلا مفتوح المصدر لمتجر غوغل مع أكثر من 900 ألف تطبيق وأكثر من 100 مليون مستخدم، يتفاوض مع شركة هواوي لتطوير بديل لمتجر غوغل.

ومن غير الواضح ما إذا كانت المفاوضات ستنتهي على استضافة تطبيقات الشركة في Aptoide، أو ما إذا كان المتجر البديل سيتم تحميله مسبقاً على أجهزة الشركة، ومع ذلك فإن Aptoide ليس متجر تطبيقات رسميا، مما يعني أنه نادراً ما يتم تحميل التطبيقات بواسطة المطورين أنفسهم، كما أنه لا يأخذ في الاعتبار القيود الإقليمية أو قيود الأجهزة، ويسمح للأشخاص بتنزيل إصدارات غير مستقرة، مما يحبط الأشخاص الذين اعتادوا على استخدام Play Store. كما انه لا يوجد بعد أي بيان رسمي حول هذه الشراكة في الوقت الحالي، ومازالت الشركتان تجريان محادثات لتحديد كيفية دمج منتجاتهما مع بعضها، ونظراً لأن نظام التشغيل من هواوي سيكون قادراً على تشغيل تطبيقات أندرويد، فقد تبحث عن تعاون طويل الأجل بدلاً من مجرد حل مؤقت.

استبدال الأندرويد لن يكون سهلاً أبداً على الشركة في حال استمرار الأزمة، وستواجه الشركة مشاكل في اقناع مستخدميها باستخدام نظام جديد بديلاً لنظام غوغل وخدماته، حتى لو استطاعت تفادي مشكلة نظام التشغيل والبرامج، فهل ستستطيع حل المشاكل الأخرى المتعلقة بالمكونات الداخلية، منها منع الشركة الصينية استخدام بطاقات تخزين SD في إصدارتها القادمة، بسبب سحب ARM رخصة تصاميم الرقاقات أيضاً.

11 مليار دولار قيمة مكونات تشتريها «هواوي» سنوياً من أميركا

حالة من القلق تنتاب المستخدمين والشركة تطمئن

«هواوي» تعمل على نظام بديل لتشغيل الهواتف منذ عام 2012
back to top