صفقة القرن تطهير عرقي واحتلال مدفوع الأجر

نشر في 12-05-2019
آخر تحديث 12-05-2019 | 00:08
إن "صفقة القرن"، ومشاريع الضم والتهويد، والقمع والحصار والإذلال، التي تمارسها إسرائيل ليست أمرا مجرداً، بل هي واقع يمس أو سيمس حياة كل فلسطيني وفلسطينية، ولا سبيل لصده إلا بالمشاركة في النضال ضده.
 مصطفى البرغوثي ليس معروفا مدى دقة أو صحة ما نشرته صحيفة "إسرائيل اليوم" من تفاصيل لما يسمى "صفقة القرن"، ولكن لا شك أن تسريب بعض تفاصيل ما تحتويه يمثل بالونات اختبار لردود الأفعال الفلسطينية والعربية والدولية.

وقد برز في ما نشرته الصحيفة الإسرائيلية تفصيلان خطيران، ووقاحة لم يقدم عليها محتل من قبل:

التفصيل الأول يتعلق بسكان القدس الفلسطينيين، حيث توحي التسريبات بأن الخطة تتضمن سحب هوياتهم المقدسية، وبالتالي إلغاء حق وجودهم في مدينتهم المقدسة، والثاني التأكيد أن وضع القدس سيبقى على ما هو عليه، أي أنها ستبقى تحت السيطرة والسيادة الإسرائيلية المطلقة، وإذا جمعنا التفصيلين فإنهما يعنيان أن الخطة الأميركية تفتح الطريق لتنفيذ تطهير عرقي ضد سكان القدس الفلسطينيين.

أما الوقاحة التي لم يتجرأ عليها تاريخياً أي محتل من قبل، فهي التأكيد على أن الكيان الفلسطيني في قطاع غزة، وما سيتبقى من الضفة بعد سلب معظمها لمصلحة المستعمرين، سيكون منزوع السلاح بالكامل ومجرداً من أي إمكانية للدفاع عن النفس، ولكن سيكون عليه دفع إتاوة، وتكاليف حماية، للحكومة الإسرائيلية وجيشها.

وما يعنيه ذلك، أن الفلسطينيين سيبقون خاضعين للاحتلال، ولنظام الأبارتهايد الإسرائيلي، وسيكون عليهم أن يدفعوا لإسرائيل ثمن احتلالهم، وثمن ما يتكلفه جهاز الأمن الإسرائيلي لاستعبادهم.

باستثناء مرحلة الانتفاضة الأولى فإن إسرائيل كانت تجبي من الفلسطينيين تحت الاحتلال تكاليف احتلالهم وتحقق أرباحا، من خلال جمع الضرائب، والرسوم، والغرامات ومصادرة المياه، والأراضي، والثروات الطبيعية، وكلما كان الاحتلال مربحا انعطف الجمهور الإسرائيلي نحو العنصرية والتطرف الشوفيني، كما ظهر ذلك بوضوح في كل انتخابات إسرائيلية.

اليوم يدفع كل عامل في إسرائيل 2500 شيكل شهريا إتاوة للمشغلين، ولا تقتطع إسرائيل نسبة 3% من أموال الضرائب التي تجمعها والتي يدفعها المواطن الفلسطيني فقط، بل تقتطع دون حساب ما يحلو لها من عوائد هذه الضرائب.

ويدفع الأسرى والأسيرات ثمن وتكاليف سجنهم، من خلال الغرامات الباهظة، وتكاليف طعامهم وسجنهم في السجون، وهذا هو المكان الوحيد في العالم الذي يسجن فيه الأسرى على حسابهم، وحساب أهلهم.

يتذمر كثيرون من انتشار مشاعر الإحباط واليأس في صفوف بعض الفلسطينيين، وما يؤدي إليه ذلك من سلبية ونفور من المشاركة في النضال ضد الاحتلال، وكثير من أسباب ذلك يعود للشعور بعجز القيادات الفلسطينية عن توحيد نفسها، وعن تقديم رؤية استراتيجية جامعة للشعب الفلسطيني، تتناسب مع حجم التحديات التي يواجهها.

لكن "صفقة القرن"، ومشاريع الضم والتهويد، والقمع والحصار والإذلال، التي تمارسها إسرائيل ليست أمرا مجرداً، بل هي واقع يمس أو سيمس حياة كل فلسطيني وفلسطينية، ولا سبيل لصده إلا بالمشاركة في النضال ضده.

لن يزول الاحتلال، ولن يسقط نظام الأبارتهايد ما دام مربحا، وما لم تصبح تكاليفه أكبر من مكاسبه.

* الأمين العام لحركة المبادرة الوطنية الفلسطينية

back to top