مرافعة : استقلال القضاء ودواعي التعديل!

نشر في 12-03-2019
آخر تحديث 12-03-2019 | 00:30
 حسين العبدالله في الوقت الذي تعتزم السلطتان التشريعية والتنفيذية العمل على مناقشة إقرار قانون جديد لاستقلال السلطة القضائية بديلا للقانون الحالي، يتعين الوقوف على جملة من المسائل المهمة في التعديل، أهمها أن غاية التعديل تكمن في تصحيح وضع القضاء، من مرفق يتبع إداريا وماليا لوزارة العدل، إلى سلطة تملك إصدار الأوامر والنواهي، وتعمل العدل، وغيرها من الإدارات على تنفيذ قراراتها.

ومثل هذا التصحيح يجد سنده في الدستور، الذي اعتبر القضاء إحدى السلطات العامة في الدولة، شأنه شأن السلطتين التشريعية والتنفيذية، لها أمانة عامة تتولى شؤونها الإدارية والمالية بالقدر الذي يسمح بعملها، ولديها من الإدارات التابعة على تحقيق عملها كسلطة، وهو التصحيح الذي نادى به القضاء في عدد من أحكامه، وأبرزها الحكم القضائي الذي أصدرته دائرة طلبات رجال القضاء، في الطعن رقم 4/2014 الصادر بتاريخ 19 يونيو 2014، والذي أكد «ان نظام الحكم وفقا للمادة 50 من الدستور يقوم على مبدأ الفصل بين السلطات الثلاث مؤداه ان السلطة القضائية سلطة أصيلة كالسلطتين التنفيذية والتشريعية تستمد وجودها وكيانها من الدستور تصدر الأحكام التي تكفل الاستقلال في أداء وظيفتها وإدارة شؤون العدالة بما يحفظ لأعضائها النزاهة والحيدة».

ولذا فإن التعديل يجب أن يعمل على تكريس فكرة استقلال القضاء، بما يضمن تحقيق المزيد من تحرر مرفق القضاء عن الإشراف الإداري والمالي من قبل السلطة التنفيذية، والذي يسمح به القانون الحالي، عبر منح الوزير أو الوزارة صلاحيات من شأنها أن تؤثر على المناصب القضائية أو حتى العمل الإداري المرتبط بسير المنظومة القضائية داخل المحاكم أو المرتبط بإنجاز تعيين رجال القضاء وأعضاء النيابة العامة أو بترقياتهم أو حتى ندبهم.

كما أن التعديل يجب أن يشمل فكرة تعزيز الرقابة والتفتيش على أعمال القضاة وأعضاء النيابة العامة، وإنشاء أجهزة تضمن جودة العمل القضائي، وتضمن تطوير أداء القضاة، من خلال جهاز التفتيش القضائي ومعهد القضاء للدراسات القانونية، فضلا عن تنظيم حقوق القضاة في الجمعيات العمومية، بما يساهم في تطوير أداء المحاكم، وكذلك النص على تقاعد القضاة ومنحهم حقوقهم الصحية والاجتماعية، وإنشاء صندوق للضمان الصحي والاجتماعي، بما يساهم في تحقيق الاستقرار الوظيفي للمستشارين والقضاة وأعضاء النيابة العامة، وأخيرا العمل على تفعيل أحكام نادي القضاة، التي وردت في القانون السابق، لكن دون تفعيل لها منذ صدور القانون لأكثر من 27 عاما، وبات كالحبر على الورق وباسم التشريع!

ينتظر المستشارون والقضاة وأعضاء النيابة العامة من قانون استقلال القضاء الاستقرار الوظيفي لهذه المهنة الجسيمة والشاقة، والتي تلقي أعباءها على منتسبي هذه السلطة، بالانزواء وعدم الاختلاط بأفراد المجتمع شأنهم شأن باقي العاملين في السلطات.

كما أن عدم إقرار أحكام للتقاعد تسمح بتأمين حياتهم ألزمتهم بالبقاء في الوظيفة إلى سن 70 عاما، لأن خروجهم قبل ذلك سيؤثر لأكثر من 65% من دخلهم الشهري، وهو الأمر الذي يستلزم من المشرع وضع أحكام تسمح بتقاعدهم، مع توفير الغطاء المالي الذي يسمح لهم بالعيش الكريم بعد التقاعد.

back to top