محافظو بريطانيا يلتفون حول ماي بعد يوم من «خيانتها»

الاتحاد الأوروبي يبقي الكرة في ملعب لندن... وبوادر انقسام بشأن تمديد مهلة الخروج

نشر في 17-01-2019
آخر تحديث 17-01-2019 | 00:03
تيريزا ماي تتحدث في مجلس العموم أمس (ا ف ب)
تيريزا ماي تتحدث في مجلس العموم أمس (ا ف ب)
بعد رفض البرلمان البريطاني بشكل ساحق الاتفاق الذي اقترحته رئيسة الوزراء البريطانية المحافظة تيريزا ماي، وبعد يوم من تصويت 118 نائباً محافظاً ضدها و196 معها، عاد المحافظون ليلتفوا حول رئيسة الوزراء لمنع حزب العمال وزعيمه جيرمي كوربين من قطف ثمار التخبط حول «بريكست».
غداة الهزيمة القوية التي منيت بها، مساء أمس الأول في البرلمان، الذي رفض بأغلبية ساحقة التصويت على الاتفاق الذي أبرمته للخروج من الاتحاد الأوروبي، لاقت رئيسة الوزراء البريطانية المحافظة تيريزا ماي دعم حزبها لمواجهة مذكرة لحجب الثقة طرحها حزب العمال، وذلك لتجنب انتخابات مبكرة أو استفتاء ثان على الخروج.

وكان أعضاء البرلمان وجهوا أسوأ هزيمة تلحق برئيس حكومة بريطاني منذ العشرينيات، بتصويت 432 مقابل 202 عضو ضد الاتفاق حول "بريكست" الذي أبرمته ماي مع الاتحاد الأوروبي.

وهذا التصويت التاريخي، أغرق بريطانيا في المجهول بخصوص مستقبلها قبل شهرين ونصف الشهر على "بريكست" المرتقب في 29 مارس.

وأشارت جميع الدلائل إلى أن ماي، التي تعهدت بتقديم مقترحات جديدة الاثنين حول بريكست، لا تواجه معارضة حقيقية بين أعضاء البرلمان المحافظين وعددهم 317 ولا بين أعضاء الحزب "الديمقراطي الوحدوي" لأيرلندا الشمالية، الذي يدعم حكومتها.

وقال جاكوب ريس موغ، الذي يرأس مجموعة من نحو 80 محافظاً متشككاً من الاتحاد الأوروبي "لم أسمع عن أي نائب محافظ لن يدعم ماي".

ولم تحظَ مبادرة كوربين بفرص كبرى للنجاح، لأنه، ومنذ أمس الأول، أبدى حزب المحافظين الذي تنتمي اليه ماي وحليفه الأيرلندي الشمالي، رفضهما لإعطاء السلطة على طبق من ذهب لـ "حزب العمال" وأكدوا التفافهم حول ماي.

وقالت رئيسة "الوحدوي الديمقراطي" ارلين فوستر، إنها ستعمل مع الحكومة بشكل بناء من أجل إنجاز اتفاق أفضل، مضيفة أنه يتعين على ماي العودة الآن إلى الاتحاد الأوروبي والسعي لإجراء "تغيير جوهري" في اتفاقية الانسحاب.

حتى بوريس جونسون وزير الخارجية السابق الذي تحول إلى معارض لماي، اعتبر أن نتيجة التصويت تعطي الأخيرة "تفويضاً قوياً" للعودة والتفاوض مع الاتحاد الأوروبي.

ورداً على اتهامات حزب العمال بتجاهل ماي لقيادته، قالت أندريا ليدسوم رئيسة مجلس العموم، أن ماي تفضل الحديث مع أعضاء بارزين من القاعدة الشعبية العمالية بدلاً من كوربين زعيم الحزب اليساري المتشدد.

وأضافت: "ما يريده كوربين هو تعطيل الحكومة وتعطيل البلاد في وقت حاسم بالسعي لإجراء انتخابات عامة".

استفتاء ثانٍ

في المقابل، أعلنت أيرلندا أنها "كثفت التحضيرات لبريكست من دون اتفاق" ودعت لندن إلى تقديم اقتراحات "للخروج من هذا المأزق".

وقال زعيم "الديمقراطيين الأحرار" السير فينس كيبل، الذي يريد أيضاً إجراء استفتاء ثانٍ، إن "هزيمة ماي كانت بداية نهاية الخروج"، مضيفاً: "لكن لا يمكن تحقيق هذا من دون دعم كوربين".

وعلقت رئيسة وزراء اسكتلندا نيكولا سترجن، بأن ماي عانت "هزيمة ذات أبعاد تاريخية"، ودعت مجدداً إلى وقف العمل بالمادة 50، التي تنظم خروج بريطانيا، من أجل استفتاء آخر.

سيناريوهات

يذكر أن السيناريو هو: في حال اعتماد مذكرة حجب الثقة، فستشكل حكومة جديدة على أن تنال ثقة البرلمان في غضون 14 يوماً. وفي حال فشلها ستتم الدعوة إلى انتخابات تشريعية جديدة. وفي حال تمكنت ماي من البقاء في منصبها، فسيكون أمامها حتى الاثنين لكي تعرض "خطة بديلة". وهناك خيارات عدة متاحة أمامها مثل التعهد بالعودة للتفاوض في بروكسل أو طلب تأجيل موعد "بريكست".

كما أن رفض نص "بريكست" سيفسح المجال أيضاً أمام احتمال حصول خروج من الاتحاد الأوروبي من دون اتفاق وهو ما تتخوف منه الأوساط الاقتصادية.

ردود أوروبية

وفي أوروبا، حاولت مؤسسات الاتحاد الأوروبي احتواء الخسارة، التي تكبدتها ماي دون إعطاء البريطانيين أي آمال كاذبة حول تعديلات جوهرية مبقية الكرة في ملعب لندن، بينما ظهرت بوادر انقسام أوروبي بعد أن تزايدت الدعوات إلى تأجيل موعد الخروج النهائي إلى ما بعد 29 مارس المقبل.

وقال رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود-يونكر: "أدعو بريطانيا إلى توضيح نواياها في أقرب وقت ممكن. لم يعد هناك الكثير من الوقت". وتابع: "مخاطر خروج بريطانيا بشكل غير منظم تزايدت مع التصويت. ورغم أننا لا نرغب بمثل هذا الاحتمال، فإن المفوضية الأوروبية ستواصل أعمالها بشكل طارئ للمساعدة في ضمان أن يكون الاتحاد الأوروبي مستعداً بشكل كامل" لذلك.

من ناحيته، اعتبر رئيس المجلس الأوروبي دونالد توسك أنه "إذا كان من المتعذر التوصل إلى اتفاق، ولا أحد يريد أن يكون هناك أي اتفاق، إذن من سيتحلى بالشجاعة لقول ما السبيل الوحيد الإيجابي؟"

وكتب رئيس الوزراء البلجيكي شارل ميشال على "تويتر"، إن بلاده ستكثف كذلك استعداداتها لاحتمال خروج بريطانيا دون اتفاق.

ودعت المستشارة الألمانية آنجيلا ميركل، أمس، لندن لتوضيح خطواتها الإضافية، معربة عن أسفها بسبب رفض مجلس العموم البريطاني اتفاق "بريكست".

في وقت سابق اعتبر وزير الخارجية الألماني هيكو ماس أن تأخير موعد "بريكست" إلى ما بعد 29 مارس "لن يكون له أي معنى" بعد تصويت البرلمان البريطاني، على عكس الوزيرة الفرنسية المكلفة الشؤون الأوروبية ناتالي لوازو، التي رأت أن إرجاء الموعد "ممكن قانونياً وتقنياً" إذا طلب البريطانيون ذلك.

واعتبر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أن "الضغط بات لديهم" في إشارة إلى البريطانيين. وقال: "يجب في مطلق الأحوال أن نتفاوض معهم حول فترة انتقالية".

وحذر رئيس الوزراء الاسباني بيدرو سانشيز من أن "خروجاً غير منظم سيكون سلبياً للاتحاد الأوروبي وكارثياً لبريطانيا"، بينما أبدى المستشار النمساوي سيباستيان كورتز، انفتاحاً على احتمال تأجيل موعد 29 مارس "إذا كان ذلك ضرورياً".

نتيجة التصويت تعطي رئيسة الوزراء «تفويضاً قوياً» للعودة والتفاوض مع الاتحاد الأوروبي جونسون
back to top