وجهة نظر : خروج قطر من منظمة أوبك... رقم أو مؤشر؟

نشر في 18-12-2018
آخر تحديث 18-12-2018 | 00:27
 د. عبدالسميع بهبهاني قد يكون الجانب الجيوسياسي محفزاً لانسحاب قطر من منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك)، بعد 57 عاما، لا سبباً له، ويجب على "أوبك" أن تنظر الى قطر بنفس نظرة العالم لها كأحد أكبر مصدري الطاقة النظيفة في العالم (6 ملايين برميل مكافئ يوميا).

إن خروج قطر من المنظمة ليس ذلك القرار السيئ لها، فقد تكون من مسبباته عقود مختلفة طويلة الأجل لبيع نفطها الـ 650 ألف برميل يوميا، عقود تختلف عن العقود المتداولة!

وقد تكون خطوة لمشروعها السابق لإنشاء منظمة غاز OGEC، وقد تكون تحاشيا لقانون الاحتكار NOPEC المزمع إقراره في الولايات المتحدة. وقد تكون تلقين درس مزعج لبعض أعضاء المنظمة! خاصة أن هناك دولا في "أوبك" مستعدة لتقبّل الفكرة، والتي قد تفكر حاليا في الأمر.

إذا انهارت «أوبك» انهارت الأسواق!

حقيقه الأمر أن ما يزعج دول المنظمة، كما صرح بعض الأعضاء، هو فجائية مشاريع القرارات في السنين الأخيرة، والتي تتخذ نتيجة اللوبي خارج المنظمة، وهذا يجعل قابلية الاستعداد من بعض الدول لتقبّل فكرة خروج قطر، كما صرح وزير الطاقة الجزائري.

وفي مقارنة بسيطة لأهمية "أوبك" هو أن 75 في المئة من إنتاجها الـ35 مليون برميل يوميا يصدر خارجيا، بينما المنتجون خارج "أوبك"، بما فيهم دول التعاون الاقتصادي (OECD)، فهي تستهلك 80 في المئة من إنتاجها، ومن هنا تظهر أهمية "أوبك" مجتمعة كمنظمة لمصدر رئيس للطاقة.

السؤال هنا: ماذا لو تفككت "أوبك" أو الـ 35 مليون برميل يوميا من الإنتاج العالمي؟ في تصوري أن السيناريو سيكون فلتان الإنتاج غير المحدود للتنافس على استحواذ عقود الأسواق. مما ينتج عن ذلك في المدى المتوسط (3/2 سنوات):

1- هبوط الأسعار نتيجة التنافس على خصومات أسعار البرميل، وذلك نتيجة زيادة فوائض المخزونات النفطية.

2- تقلبات عنيفة في أسعار النفط، مما يسبب اضطراب الأسواق النفطية وأسواق المال، وخروج كثير من المستثمرين الصغار وحتى المتوسطين من التداول.

3- تصادمات سياسية بين الدول المنتجة والمستهلكة، مما ينتج تحالفات جانبية تتنافس فيما بينها، ومن هنا لا معنى لمنتجين كبار آخرين صغار، فالكل سيكون كبيرا!

4- تباطؤ الاستثمار في قطاع الاستكشاف والتطوير والتصنيع النفطي في هذه الفترة، مما يسبب نقصا في مصدر أساسي للطاقة مستقبلا على المدى الأطول.

أما على المدى الطويل فستكون الحال أسوأ، حيث:

1- سيعاني سوق النفط نقص الإمداد، وتقفز الأسعار الى أعلى من مثيلاتها في ما قبل عام 2008، حيث وصل سعر البرميل الى 150 دولارا للبرميل.

2- تباطؤ كبير في النمو الاقتصادي العالمي لارتفاع نسبة المخاطرة.

3- غلاء فاحش على السلع الاستهلاكية الضرورية.

4- اضطرابات سياسية داخلية وخارجية قد تسوق الى حروب باردة وحتى تصادمات، وتعود الحياة للأقوى عسكريا وليس تقنيا.

هذه التحليلات ليست ضربا من التنجيم والخيال، فبالنظر الى منحنى مؤشر إنتاج النفط وأسعاره مع سلسلة الأحداث والثورات العالمية نستنتج العلاقة المباشرة بينهما. فرفقا بالمنظمة "أوبك" من أعضائها وخارج أعضائها، فقد تكون الشرارة الأولى الى ما لا تحمد عقباه، لأن الضرر شمولي... وللحديث تكملة.

* خبير واستشاري نفطي

back to top