بين السّترة والغترة

نشر في 14-12-2018
آخر تحديث 14-12-2018 | 00:06
 فواز يعقوب الكندري قبل أن أبدأ الحديث، وحتى لا ندخل في القيل والقال ومحكمة ومحام، ووساطة وحذفة عقال، هذه القصّة يا أصدقاء من وحي الخيال، وهي نتاج عقل جمّع أشياءه وطار بها على ارتفاع ٣٠ ألف قدم عن سطح السّجن والأغلال، فربِّ اشرح لي صدري، ويسّر لي أمري، وأبعد عنّي كلاب الأثر الذين سيأخذون الورقة إلى السّلطات متمتمين في آذانهم «شوف إيش كتب يا سيّدي... وشوف إيش قال».

ببياضها المعتاد دخلت «الغترة» برقّتها قاعة الاحتفال التي أقامتها «السّترة» بعد أن انتزعت حقوقها وأجبرت رئيس وزرائها أن يخرج بخطابٍ وردي يعلن فيه تجميد قراره بزيادة الضّرائب، جلست الغترة بالقرب من السّترة وعيونها في الأرض تشعر بالخذلان، وهي تتذكّر كيف سقطت على الأرض أمام الأبراج بعد أن وطئتها أقدام العسكر، وهُنا شعرت «السّترة» بما يعذّب صديقتها «الغترة» فـ»طبطبت» بيدها على ظهرها فارتفعت عيون الغترة نحو صديقتها سائلة: لماذا أشبعونا ألماً ونحن لم نتعرّض إلى مرافق بلدنا، ولم نحذف الحجارة على حماة وطننا، ولم نسئ يوماً إلى أرضنا؟! لماذا انتصرتم أنتم ونحن انهزمنا؟! رجعت السّترة قليلاً إلى الوراء وهي تجرّ صديقتها خلفاً، مخاطبة الحضور بالإجابة عن هذه التّساؤلات فبدأت قائلة: انتصرت السّترة لأنها قريبة من القلب، فالمبادئ توضع داخل «ڤاترينا» حتّى لا يتحسّسها «الشّيـخ» أو يشتريها «الشيك» وأنتِ أيّتها الغترة جعلتِ نفسك عرضة لأي رياح تأخذ أهدافك ورؤاك. انتصرنا لأنّ رموزنا الدّينيّة ليست مقدّسة، فإن تمسّحت بجدار القصور تمسّحنا معها، ورموزنا السّياسية إن أحسنت دفعنا بها وإن أخطأت لم «نشبّح» لها، وأكملت بصوتٍ خافت سردها قائلة: انتصارنا جاء إلينا ولم نذهب إليه لأنّنا لم نسمح للإعلام أن يفرّق بيننا، وأنتم تمزّقون بعضكم مع كل بالونة ترميها لكم قناة تلفزيونيّة أو صحيفة. أنهت هنا السّترة حديثها قائلة: الانتصار يأتي من الوعي، والانكسار لا يبني مجداً ولا وطناً، وأن يعرف الإنسان قيمة نفسه، وشموخ ذاته، فيترفّع عن فتات الأمور ويهتم بأصلها، ولا يقدّم للميدان كل تافه، ولا يصدّر من لا يستحق، واليد التي لا تُفرك حسرة يا صديقتي الغترة، لن تصفّق فرحاً.
back to top