الرصاص... يسبِّب ارتفاع ضغط الدم المقاوم للأدوية

نشر في 14-11-2018
آخر تحديث 14-11-2018 | 00:02
No Image Caption
يرتبط تراكم الرصاص في الجسم، كما يُقاس وفق الكمية المتراكمة في الطبقة الخارجية من الظنبوب (عظم الساق الأكبر)، بتفاقم خطر التعرض لارتفاع ضغط الدم الذي تصعب معالجته.
هذا ما توصلت إليه دراسة شملت 475 جندياً سابقاً يعانون ارتفاع ضغط الدم ونُشرت في مجلة جمعية القلب الأميركية.
لا توسّع الاكتشافات الأخيرة فهمنا كيفية تأثير تراكم الرصاص في الجسم في التحكم في ارتفاع ضغط الدم فحسب، بل قد تقدّم أيضاً أهدافاً علاجية جديدة، حسبما يشير معدو تقرير دراسة أخيرة.

يذكر الدكتور سونغ كيون بارك، باحث أشرف على تقرير الدراسة وبروفسور مساعد متخصص في علم الأوبئة وعلوم الصحة البيئية في كلية الصحة العامة في جامعة ميشيغان في آن أربوب: «تبرهن دراستنا أن عبء الرصاص المتراكم، كما يُقاس في العظم القشري في الظنبوب، قد يشكّل عامل خطر غير معروف في حالة ارتفاع ضغط الدم المقاوم للأدوية».

العظم القشري الطبقة الخارجية الصلبة من العظم. وتُعتبر هذه الاكتشافات الأولى التي تشير إلى أن تراكم الرصاص في عظم الظنبوب قد يشكّل مؤشراً حيوياً إلى خطر الإصابة بارتفاع ضغط دم تصعب معالجته.

أعلى من الهدف

ارتفاع ضغط الدم المقاوم ارتفاع ضغط دم يستمر بعد اتخاذ التدابير كافة لخفضه، وتشمل إجراء تغييرات في نمط الحياة وتناول الأدوية.

تعرّف جمعية القلب الأميركية والكلية الأميركية لطب القلب ارتفاع ضغط الدم المقاوم بارتفاع ضغط دم يظل أعلى من الهدف، الذي تحدده التوجيهات، رغم تناول ثلاثة أدوية أو أكثر من فئات مختلفة.

يصنّف الأطباء أيضاً مَن يتناولون أربعة أدوية أو أكثر من فئات مختلفة بغية خفض ضغط دمهم تحت العتبة التي تحددها التوجيهات بين مرضى ارتفاع ضغط الدم المقاوم.

يشير الدكتور بارك وزملاؤه في تقرير دراستهم إلى دراسات توصلت إلى رابط بين الرصاص في الدم وارتفاع ضغط الدم، وذكرت أخيراً أن الرصاص في الدم قد يكون عاملاً في «وفيات مرتبطة بحوادث قلبية وعائية».

كذلك حددت دراسات أخرى آليات بيولوجية عدة قد يؤدي الرصاص من خلالها إلى ارتفاع ضغط الدم، منها إحداث خلل في ضبط الأوعية الدموية وتقدم تصلب الشرايين.

ولكن لم تقيّم أي منها، وفق الدكتور بارك وفريقه، «العلاقة بين التعرض للرصاص المتراكم وخطر الإصابة بارتفاع ضغط دم مقاوم».

لذلك قرر هذا الفريق التثبت من نظريته عن أن الباحثين يستطيعون استخدام معدل الرصاص في العظم كمؤشر حيوي إلى «التعرض للرصاص المتراكم» الذي يؤثر بشكل مستقل «في تطور ارتفاع ضغط الدم المقاوم».

خطر المقاومة

حلل الفريق بيانات من دراسة الشيخوخة المعيارية التي أجرتها وزارة شؤون قدامى المحاربين الأميركية وضمت 475 «رجلاً أبيض عموماً» يعانون ارتفاع ضغط الدم.

شملت هذه البيانات قياسات ضغط الدم، وأدوية ضغط الدم، ومعدلات الرصاص في الدم، والرضفة (عظم رأس الركبة)، والظنبوب. ومن بين هؤلاء استوفى 97 رجلاً معايير ارتفاع ضغط الدم المقاوم.

بعد أخذ السن، والعرق، والدخل، ومستوى التعليم، والوزن، والتدخين، وعوامل عدة سكانية واجتماعية واقتصادية وأخرى ترتبط بنمط الحياة في الاعتبار، كشف التحليل علاقة مهمة إحصائياً بين الرصاص الذي يزداد تراكماً في الظنبوب وبين تفاقم خطر ارتفاع ضغط الدم المقاوم.

ترتبط كل 15 ميكروغراماً إضافية من الرصاص في الغرام في الظنبوب بتفاقم خطر الإصابة بارتفاع ضغط الدم بنسبة 19 %.

لكن فريق البحث لم يتوصل إلى روابط مهمة إحصائياً مماثلة مع تراكم الرصاص في الرضفة أو الدم.

يشدِّد الباحثون على الحاجة اليوم إلى مزيد من البحوث بغية التأكد من نتائج دراستهم، خصوصاً بسبب حدودها، مثل واقع أنهم درسوا الرجال فحسب وأن معظم هؤلاء كانوا من البيض.

يشير الفريق أيضاً إلى أن ارتفاع ضغط الدم المقاوم بين الرجال الذين درسهم قد يكون عائداً إلى أخذ المشاركين أدوية لا تحتاج إلى وصفة طبية بدل أدوية ضغط الدم التي وصفها لهم الطبيب.

تشمل العوامل التي تؤثر في النتائج أيضاً تفاوت قياسات ضغط الدم بسبب تردد المشاركين على عيادات أطباء مختلفة.

التعرض للرصاص يرافقنا

يقول د. بارك: «تُطبَّق القوانين، التي تحدّ من تعرضنا للرصاص، منذ عقود. ولكن في السنوات الأخيرة، أقرت الهيئات الطبية العالمية بأن الرصاص سم بيئي ما زال يرافقنا».

قبل أن تلغي الولايات المتحدة استعمال الرصاص في وقود السيارات قبل نحو 30 سنة، شكّل تنفس أبخرة السيارات على الطرقات المصدر الرئيس للتعرض للرصاص. كذلك اعتُبر الأخير في دخان العوادم سبباً رئيساً أيضاً لتلوث التربة قرب الطرقات. ويستمر هذا النوع من التلوث لعقود.

يوضح الدكتور بارك أن تراكم الرصاص في الجسم «يعكس التأثيرات المتأخرة للتعرض المفرط للرصاص تاريخياً»، إلا أن سبباً آخر ربما يقف وراء استمرار التعرض. ويقدم مثلاً «البنى التحتية القديمة حيث صارت أنابيب الماء في كثير من المناطق المُدنية مهترئة، علماً بأنها تحتوي على الرصاص».

يختم: «بعدما برزت مشاكل الرصاص في ماء الشرب في فلنت بميشيغان، تحولت هذه المسألة إلى مصدر قلق كبير، خصوصاً في المدن الأميركية الأقدم».

في السنوات الأخيرة أقرت الهيئات الطبية العالمية بأن الرصاص سم بيئي ما زال يرافقنا
back to top