هل تقرصن الصين انتخابات منتصف الولاية في الولايات المتحدة؟

نشر في 09-10-2018
آخر تحديث 09-10-2018 | 00:00
 نيويورك تايمز اتّهم ترامب الصين أخيراً بالتدخل في السياسات الأميركية قبيل انتخابات منتصف الولاية، وقد دعم نائب الرئيس مايك بنس هذه الاتهامات، مشيراً إلى أن الصين «أطلقت جهوداً غير مسبوقة للتأثير في الرأي العام الأميركي، وانتخابات عام 2018، والبيئة المؤدية إلى الانتخابات الرئاسية عام 2020».

لم يتهم الرئيس ولا نائبه الصين بسرقة رسائل إلكترونية حساسة سياسياً أو نشرها أو التلاعب بوسائل التواصل الاجتماعي، كما فعلت الحكومة الروسية على ما يبدو لتؤثر في الانتخابات الرئاسية عام 2016.

تملك الصين الأساليب والقدرة الضروريتين للتدخل، فقد سبق أن نظّمت كيانات صينية تعمل بموافقة الحكومة في بكين حملات للتجسس عبر الإنترنت طويلة الأمد ضد وكالات حكومة الولايات المتحدة، وقطاعها الدفاعي، وشركات خاصة أميركية. كذلك شنت هجمات مزعزِعة عبر الإنترنت استهدفت العمليات السياسية، فضلا عن حملات عبر مواقع التواصل الاجتماعي ركّزت على أهداف اعتبرتها الحكومة الصينية داخلية، مثل التبت، وهونغ كونغ، وتايوان.

لطالما استخدم القراصنة الصينيون تايوان لاختبار تقنيات التجسس عبر الإنترنت التي تُستعمل لاحقاً ضد أهداف أخرى، ويبدو أنهم يقومون بالأمر عينه مع عمليات التأثير عبر الإنترنت.

على سبيل المثال، يُشتبه في أن بكين تقف وراء حملة نشر المعلومات الخاطئة السنة الماضية التي ادعت أن حكومة تساي إنغ-وين في تايوان تخطط لتنظّم بصرامة المعابد البوذية والطاوية وتمنع حرق البخور. أنكرت الحكومة أي نية للقيام بأمر مماثل، إلا أن مالكي المعابد من مختلف أنحاء الجزيرة ساروا في تظاهرات في تايبيه، مصدّقين الإعلان السياسي الكاذب.

تختلف أسايب تأثير الصين وروسيا بسبب اختلاف أهدافهما الاستراتيجية. صحيح أن كلتا الحكومتين تريد إضعاف الولايات المتحدة وحلفائها، غير أن بكين تبدو أكثر تصميماً من موسكو على دفع المؤسسات إلى الاستجابة مع مصالحها: ربما تأمل الصين تبديل النظام الدولي السائد، إلا أنها لا تسعى إلى تحقيق ذلك بزعزعته بالكامل. على سبيل المثال، اقترح المسؤولون الصينيون قواعد جديدة لتنظيم عالم الإنترنت، مشيرين إلى أن من حق كل بلد أن يضبط الإنترنت فيه من دون أي تدخل خارجي.

أنكرت بكين في الماضي اتهامات الحكومة الأميركية وشركات أمن الإنترنت الأميركية عن أنها تستخدم وزارة أمن الدولة، وجيش التحرير الشعبي، ولاعبين خاصين في عالم التجسس عبر الإنترنت. في مطلق الأحوال، ما من اتفاقات دولية تحد من عمليات تجسس مماثلة، ولا شك أن ما كشفه عميل وكالة الأمن القومي الأميركي إدوارد سنودن عن أن وكالات الحكومة الأميركية متورطة في القرصنة يجعل شكاوى واشنطن تبدو رياء.

عندما يتهم الأميركيون الحكومة الروسية بالتدخل، تكتفي بإنكار التهم من دون أن تكترث بما إذا كانوا يصدقونها أو بأي أمر آخر غير سلطتها مقارنةً بسلطة واشنطن، لكن كشف تورطها في هجمات عبر الإنترنت هدفها إحداث خلل في الانتخابات يقوّض إلى حد كبير رواية بكين عن أنها تملك نموذجاً بديلاً إنما تعاونياً للحوكمة الدولية، ورؤيتها عن نفسها كقوة ناشئة ملتزمة بعدم التدخل في شؤون دول أخرى الداخلية.

لكن استمرار الصين في ضبط النفس ليس مضموناً، فقد استثمرت بكين الكثير في الاستخبارات الاصطناعية، والبيانات الكبيرة، وغيرهما من التقنيات التي تعزز قدرتها على التلاعب بالمعلومات في المستقبل، ونلاحظ عملية تصدٍّ متنامية لكل أشكال التأثير الصيني في أستراليا، وأوروبا، ونيوزيلندا، والولايات المتحدة.

علاوة على ذلك، تعتقد القيادة الصينية أكثر فأكثر أن واشنطن تبتعد عن استراتيجية التعاون مع الصين نحو سياسة مصممة لاحتواء نهوضها، وفي ظل غياب أساليب التأثير التقليدية وعلاقتها الأكثر ميلاً إلى النزاع مع الديمقراطيات الليبرالية، قد تقتنع بكين في نهاية المطاف أنها ستحقق مكاسب أكبر بلجوئها إلى أساليب أكثر عدائية على شبكة الإنترنت.

إذا صح ذلك، فقد تشكّل المناورات التي استخدمتها الصين في تايوان نموذجاً لأي عمليات في الولايات المتحدة. على سبيل المثال، قد يسرق القراصنة الصينيون وثائق ورسائل إلكترونية من موظفي الكونغرس أو مسؤولي وزارة الدفاع وينشرونها كي يفضحوا داعمي العلاقات اللصيقة مع تايوان أو منتقدي حلفاء الولايات المتحدة ويحرجوهم.

في حين تراقب الصين واشنطن وهي تناضل لتتوصل إلى رد متناغم على التدخل الروسي عام 2016، فقد تعتقد الحكومة الصينية على الأرجح أنها ستنجو من أي عواقب خطيرة إذا شنت هجمات مماثلة عبر الإنترنت في الولايات المتحدة. وإذا كانت الصين ستبدّل حساباتها الاستراتيجية، فما من عقبة قد تردعها عن دخول النزاع على شبكة الإنترنت.

* آدم سيغال

*«نيويورك تايمز»

back to top