قراءة الصورة وصور القراءة

نشر في 22-09-2018
آخر تحديث 22-09-2018 | 00:25
 د.نجم عبدالكريم هذا العنوان الذي اختاره الناقد الأكاديمي د. صلاح فضل لكتابه ضمن سلسلة منشورات النقد العربي..

وكانت رحلتي معه من أمتع الرحلات الثقافية والفنية والشعرية، لما تضمَّنه من موضوعات شيِّقة تناولت بعض الأعمال السينمائية والمسلسلات التلفزيونية والقصص والروايات والأشعار، بل حتى الموسيقى.

***

• فهو يلتقط لمحات من مسلسل "ليالي الحلمية"، وعلى وجه التحديد شخصية نازك السلحدار، التي مثَّلتها الفنانة صفية العمري، وكيف أنها تقوم بتزجيج حواجبها، وتجعل من نظرات عينيها ما يعطي إيحاء بنموذج المرأة الشهوانية المترفة المزواجة المولعة بالتصابي والإغراء المشروع، بحيث يوحي صوتها بنبرة الأنثى التي تعلو على نبرة الأمومة، حتى ذهب هذا الشكل بعيداً في ذاكرة الجمهور منذ أوائل التسعينيات حتى الآن، كنموذج للمرأة الارستقراطية التي ليس لها همٌّ سوى إشباع رغباتها.

***

• وينتقل إلى الشعر:

جلسنا نرسمُ

الأحلام في زمنٍ بلا ألوان

رسمنا فوق وجه الريح

عصفورين في عش بلا جدران

أطل العش بين خمائل الصفصاف

لؤلؤة بلا شطآن

نسينا الاسم... والميلاد... والعنوان

ومزَّقنا دفاترنا

وألقينا هموم الأمس

فوق شواطئ النسيان

وقلنا لن يجيء الحزن بعد الآن

ثم يحلل الناقد صلاح فضل قصيدة فاروق جويدة تحليلاً رائعاً يجعل من قارئه يحلِّق في عالم جماليات الشعر العربي.

***

• وينتقل إلى نموذج القراءة عند طه حسين، ليؤكد أن: القراءة فعل خلَّاق، وليست عملاً سلبياً يقتصر فيه المتلقي على قبول دلالة جاهزة ترف كالوردة التي تنتظر مَن يقتطفها على سطح الكلمات، ويرى أن القراءة شريك مؤسس في إنتاج معناها، يبذل جهده، ويوظف خبراته ومعارفه، كي يدخل طرفاً حقيقياً في لعبة المجاز والرموز، ويمنح بقدر ما يأخذ، ويكتشف كل مرَّة يقارب فيها النصوص شيئاً جديداً لم ينتبه إليه من قبل، لأن جهازه المفاهيمي وحساسيته الجمالية وطاقته التحليلية لا تتجمَّد عند نقطة واحدة.

ويعكس هذه المقدمة على ما أطلق عليه (الأسطورة طه حسين)، خصوصاً في كتابه الذي حُوكم من أجله (في الشعر الجاهلي)، الذي صدر عام 1926.

ويضيف: ولأن طه حسين كان يؤمن، كما يقول في مواقف عديدة، بأن الحياة في تغيُّر مستمر، والعقل في رُقيٍ متصل، والإنسان متواضع، مهما بلغ به الكبرياء، فإنه يرى أن القراءة لا تمضي على نسق واحد، ولا تعني قبول ما يسطِّره الكتاب، والتسليم به، بل تتطلب اتخاذ موقف نقدي مما يقرأه.

***

• والموضوعات التي ضمَّها كتاب "قراءة الصورة وصور القراءة" تتجاوز العشرين موضوعاً، وكلها تدعو القارئ إلى عدم التوقف عن الاستمرار في القراءة، وبعضها قرأته لأكثر من مرَّة، وبالذات: ثلاثية غرناطة، والأسلوب السينمائي في شعر أمل دنقل، وتمزيق البياتي لأقنعة الشعر، ودهاليز الطاهر وطار، وفاوست سعدالله ونوس.

تنوُّع الموضوعات جعلها رحلة ذهنية ثقافية دسمة ومشبعة لعشاق القراءة.

back to top