«التجارة»: لا مخالفة قانونية بعرض المجسمات الثلاثية الأبعاد وبيعها

بعد مطالبات النائب محمد هايف ورجل الدين عثمان الخميس بمنعها
• اليوسفي: اجتمعنا مع الوزارة بعد شكوى قدمت بدافع التكسبات
• قوى سياسية: رجعيون فاقدو البريق يحاولون فرض سلطتهم مجدداً على الناس

نشر في 18-09-2018
آخر تحديث 18-09-2018 | 00:14
No Image Caption
على وقع اشتعال الفتاوى الدينية في وسائل التواصل الاجتماعي، مدعومة بتدخلات نيابية من نفس الاتجاه، وتهديدات سياسية، سحبت إدارة شركة «بست اليوسفي» جميع ما في معارضها من المجسمات الثلاثية الأبعاد، بشرية الهيئة، لاسيما بعدما وصفها إسلاميون بالأصنام.

وبينما طالب النائب محمد هايف ورجل الدين عثمان الخميس بمنع عرض هذه المجسمات وبيعها، علمت «الجريدة» من مصادرها أن وزارة التجارة والصناعة أكدت عدم وجود مخالفات قانونية فيما يتعلق بذلك.

وقال محمد اليوسفي، عضو مجلس الإدارة إن الشركة سحبت جميع هذه المجسمات برغبتها الخاصة، حماية لموظفيها من التعرض لأي إساءات أو تهجم غير متوقع، نافياً صحة ما يشاع عن تدخل جهة رسمية لإجبارها على تلك الخطوة.

وأوضح اليوسفي لـ»الجريدة» أن الشركة تقدمت بطلب رسمي إلى الشركة الأم لجلب مجسمات بنفس التقنية، على أن تكون بعيدة عن الأشكال البشرية، لافتاً إلى أنه تم الاجتماع مع «التجارة» أمس على خلفية شكوى تلقتها الوزارة ضد الشركة بهذا الصدد.

ورأى أن هذا الموضوع ينبع من «تكسبات سياسية» مثلما حدث سابقاً في جمعية الدسمة التعاونية قبل عامين حول شجرة الكريسماس، وغيرهما من الشواهد، مبيناً أن تقنية طباعة المجسمات الثلاثية الأبعاد متوافرة في الأسواق منذ نحو 3 سنوات، لكن تقنية «Doob» لدى «اليوسفي» ذات دقة عالية وبأحجام مميزة، ولها استخداماتها في الطب والهندسة المعمارية، فضلاً عن التسلية والذكريات.

وأعرب عن أسفه الشديد للتجريح العميق الذي نال الشركة ووصف ما قامت به بأنه «أشد من بيع الخمور»، رغم عطائها الذي يمتد إلى نحو 65 عاماً، معقباً بأن «نظرة البعض إلى الموسيقى على أنها حرام لا تعني إلغاءها»، باعتبار أن «الكويت بلد يحكمه الدستور والقانون، لا فتوى من هنا أو هناك، وعلى المتضرر اللجوء إلى القضاء».

أما عن ردود الفعل السياسية، فأكد الأمين العام للتحالف الوطني الديمقراطي بشار الصايغ أن «إقحام الفتاوى واستغلالها لمصادرة الحريات العامة والخاصة، والتكسب السياسي والانتخابي، أمر مؤسف»، لافتاً إلى أن ما حدث «إرهاب ديني استُخدمت فيها كل أسلحة التكفير والتهديد».

وأضاف الصايغ لـ «الجريدة» أن «محاولات الترهيب الديني أصبحت متكررة بشكل غير مسبوق، وبلغت مستويات مخيفة وسط تخاذل حكومي عن حماية الحريات»، محذراً من خطورة إصدار مثل تلك الفتاوى بشكل عشوائي وتفسيرها وفق أحداث سياسية.

من جهته، أكد عضو التيار التقدمي د. حمد الأنصاري لـ»الجريدة» أن «الضجة التي أحدثها محل بيع المجسمات في البلاد، وما تلاها من تفاعل مجتمعي واسع، وردة فعل حكومية، وإجبار صاحب المحل على سحبها، أمر خطير يحدث في الكويت التي كانت درة الخليج، ومركزاً للتطور ومنارة ثقافية تضيء المنطقة».

واستبعد الأنصاري «أن تكون تلك الفتاوى التي ملأت الدنيا خلال اليومين الماضيين، أو التصريحات التي تسابق عليها أعضاء مجلسي الأمة والبلدي بضرورة إغلاق المحل، نابعة من قناعات حقيقية وخوف على الناس من عبادتها، خصوصاً أن مثل هذه الجسمات موجود منذ سنوات ويباع في محال ألعاب الأطفال، دون أدنى مشكلة».

واستغرب «إثارة مثل هذه الموضوعات خلال الفترة الحالية، وإعطاءها زخماً واسعاً، ودخول شيوخ الدين على الخط، ومحاولة معالجتها من باب الحلال والحرام»، مشيراً إلى أن «هناك آلاف الأمور التي لم نسمع فيها صوتاً لهؤلاء الشيوخ رغم مخالفتها الصريحة للشرع».

من جانبه، قال الأمين العام المساعد، ورئيس المكتب السياسي في المنبر الديمقراطي، علي العوضي، إن «المنبر ينطلق من الثوابت الوطنية بأن الكويت دولة دستورية ذات طبيعة مدنية، ما يعني انفتاحها على كل الاتجاهات والمواقف دون فرض وصاية من أحد».

وأضاف العوضي لـ «الجريدة»: «للأسف الشديد هناك أطراف متزمتة، لا ترى إلا نفسها وتحاول اليوم إقحام نفسها في المجتمع الكويتي تحت أقنعة متعددة، مستخدمة مصطلحات التحريم لكل ما يخالف تصوراتها»، مؤكداً أن «المجتمع الكويتي يتميز بطبيعته المنفتحة غير المنغلقة، خصوصاً أن الشواهد في هذا المجال كثيرة».

ولفت إلى أن «هذه الأطراف تعود اليوم لتفتي بحرمة الأشياء، وتصورها بغير موضعها الصحيح، وهذا نهج مرفوض»، معتبراً أن إغلاق أحد المحلات تحت مبرر تقديمه لما يجسد مفهوم الأصنام «ما هو إلا استخفاف بالعقول، ومحاولة جديدة لقمع الحريات والإبداع تحت ستار الدين».

back to top