مكيفات وزارة التربية!

نشر في 07-09-2018
آخر تحديث 07-09-2018 | 00:10
إذا كان هذا حال الاستعدادات المادية والفنية التي لا تتطلب سوى إصدار أوامر لمجموعة من العمال الفنيين للقيام بواجبهم مع وجود إشراف مستمر على عملهم، فكيف لنا أن نتوقع أو نتأمل مخرجات تعليمية تليق بإمكانياتنا كدولة غنية أو وضع استراتيجيات تربوية تواكب التطور الرقمي في عالم المعلوماتية وإعداد نشء قادر على تحمل مسؤولية المستقبل ونحن عاجزون عن توفير البيئة المدرسة للمعلم والتلميذ؟!
 د. حسن عبدالله جوهر منذ وعَينا على هذه الدنيا نعلم أن المدارس تفتتح أبوابها في النصف الأول من شهر سبتمبر كل عام، ومنذ نشأة الخليقة نعرف أن حرارة الجو في الكويت تتراوح بين الأربعين والخمسين درجة مئوية في هذه الفترة، ومع هذا يصدم أولياء الأمور والإدارات المدرسية وأبناؤنا الطلبة بعدم جاهزية المدارس لاستقبال العام الدراسي ليس فقط في مجال التبريد بل على كل المستويات، وكل عام دراسي نواجه مشكلة أو عدة مشاكل مجتمعة، فإما عدم الانتهاء من طباعة الكتب، أو عدم توافر كراسي للطلبة، أو خراب برادات المياه، أو سوء جاهزية المرافق الصحية، أو تعطل التكييف على مدى واسع يشمل العشرات من المدارس في مختلف المراحل السنية، في دلالة واضحة على تدهور الوضع في العديد من أجهزة وزارة التربية وقطاعاتها.

المشكلة الأكبر أن هذه المأساة تقع على رأس الهرم في الوزارة، ممثلة بوزير التربية، حيث يتحمل المسؤولية والانتقادات والتقصير شخصياً، والمطالبة أن يتحول من عقل إستراتيجي وتربوي وتنموي إلى فني تكييف ونجار وعامل أدوات صحية وسائق شاحنة لإيصال الكتب إلى مخازن المدارس!

بالتأكيد يتحمل السيد الوزير مسؤولية وزارته والعاملين فيها، بدءًاً بأصغر موظف وانتهاءً بوكلاء الوزارة، ولكن السؤال: أين الهيكل التنظيمي في المؤسسة التربوية؟ وأين قطاعات الخدمات الفنية وشركات المقاولات التي أوكلت إليها مهمة الإنجاز والصيانة والتجهيز لاستقبال العام الدراسي؟ وأين اللجنة التحضيرية المكلفة لافتتاح اليوم الأول من الدراسة؟ وأين كانت هذه الأجهزة بجيشها الجرار من الموظفين والإداريين والفنيين والقياديين طوال فترة العطلة الصيفية الطويلة والممتدة لأكثر من ثلاثة أشهر؟

هذه التساؤلات، وأمام عجز شبه كلي في إدارة أهم مرافق الدولة الخدماتية التي يخصص لها حوالي خمس ميزانية الدولة السنوية، تؤكد مؤشرات التخلف الإداري وتغلغل الفساد بكل أنواعه وانتشار ثقافة التقاعس والإهمال بشكل عريض دونما أي بصيص أمل في الإصلاح أو حتى اتخاذ خطوات جادة في هذا المسار، والاكتفاء بردود الفعل وانتظار الضجة والانتقاد حتى يبدأ التحرك نحو الترقيع وليس الحل الشامل.

وإذا كان هذا حال الاستعدادات المادية والفنية التي لا تتطلب سوى إصدار أوامر لمجموعة من العمال الفنيين للقيام بواجبهم مع وجود إشراف مستمر على عملهم، فكيف لنا أن نتوقع أو نتأمل مخرجات تعليمية تليق بإمكانياتنا كدولة غنية أو وضع استراتيجيات تربوية تواكب التطور الرقمي في عالم المعلوماتية وإعداد نشء قادر على تحمل مسؤولية المستقبل ونحن عاجزون عن توفير البيئة المدرسة للمعلم والتلميذ؟!

قد يقول قائل إن صعوبة بيئة التعليم قد لا تكون عائقاً أمام التميز العلمي، وكثير من الأمم والشعوب حققت إنجازات علمية في بيئة مدرسية معدمة، وحتى في الكويت كان العصر الذهبي للتعليم دون تكييف أو تدفئة أو مياه باردة أو مواصلات مدرسية، ولكن يا جماعة الخير صرنا ندفع المليارات من الدنانير على البيئة المدرسية ولكن محصلتها صفر على الشمال!

back to top