هدم الدور السينمائية التراثية في مصر يثير الجدل

نشر في 17-08-2018
آخر تحديث 17-08-2018 | 00:01
شهدت الفترة الماضية حالة من الغضب لدى محبي الفن والمهتمين بالشؤون الفنية بسبب هدم عدد من دور العرض السينمائية التاريخية التي طالما شكلت وجدان الجمهور المصري، بالإضافة إلى حرق صالات أخرى، من دون أية محاسبة.
هُدمت سينما «فاتن حمامة» في مصر قبل أسابيع وسط ذهول المحيطين بها والذين شاهدوا الأفلام فيها، إذ أصرّ المالك على هدمها من أجل بناء مجمع تجاري وأبراج سكنية ضخمة، من دون النظر إلى أهميتها الفنية وكونها تحمل اسم سيدة الشاشة العربية.

وامتدت الأزمة إلى حرق السينما الشهيرة في وسط القاهرة «ريفولي»، إحدى أشهر دور العرض في مصر إذ بنيت قبل سنوات طويلة وشكلت الذاكرة الفنية لنحو 70 عاماً. وكان مثقفون طالبوا خلال الفترة الماضية بترميمها وإعادة تشغيلها، لكن جاء الحريق لينهي الحديث كله حول هذا الموضوع.

وتواصل محبو الفن مع وزارة الثقافة في مصر بقيادة د. إيناس عبد الدايم من أجل البحث عن حلول لهذه الدور، ولكن من دون فائدة، وزاد المشكلة إغلاق عدد من الصالات الأخرى التابعة للدولة بعد إطلاق «سينمات الصوت والضوء»، وهي الأرخص في مصر، إذ يصل سعر التذكرة فيها إلى 30% فقط من قيمة تذاكر الدور الكبيرة، فضلاً عن أنها منتشرة في القاهرة الكبرى بشكل كبير.

يُشار إلى أن من أسباب إغلاق الصالات القديمة الموجودة في مناطق حيوية أعطال في بعض أجهزة العرض وعدم قدرة الشركة على تعويضها.

رأي النقد

استنكر الناقد السينمائي طارق الشناوي تخريب هذا التراث، وطالب الدولة بتفعيل قوانين لملاك دور السينما التاريخية ليلتزموا ببناء دور أخرى بدلاً منها في حال هدمها، مشيراً إلى أنه يتمنى من وزيرة الثقافة متابعة الأمر بنفسها.

وأشار الشناوي إلى أن الدكتور محمد عبد الوهاب، زوج فاتن حمامة، كان في أيامه الأخيرة حزيناً لهدم سينما حملت اسم زوجته، إذ يُعد ذلك هدراً لقوة مصر الناعمة. وأشاد الناقد بردود فعل عدد من الفنانين خلال الفترة الماضية إزاء هذا التخريب، ومن بينهم النجمة السورية أصالة نصري، وأكد أن محو هذا التراث من الوجود تشويه للتاريخ ولمظهر مصر بكل ما حملته هذه المنارات من عظمة، لا سيما أن الكبار كانوا يرتادونها من بينهم عبد الحليم حافظ وأم كلثوم ورؤساء مصر بشكل متتالٍ.

كذلك عبَّرت الناقدة ناهد صلاح عن حزنها الشديد جراء ما يطاول هذا الكم من دور السينما من دون تدخّل المعنيين، وقالت: «بعد تدمير شرائط أفلام تاريخية، طاولت الأزمة قاعات عرض عريقة ارتادها زعماء مصر من بينهم الراحل جمال عبد الناصر الذي زار سينما «ريفولي» أثناء حكمه مصر. كذلك كانت عروض الأفلام المهمة الخاصة تُقام في هذه الصالات، وتشير الصور النادرة إلى هذا الأمر. لكن الآن أصبحت الغلبة لدور الأغنياء على أطراف القاهرة، ما يُعد عبئاً على الجمهور البسيط الذي يريد مشاهدة السينما».

وطالبت ناهد صلاح جهات عدة بالتدخل لعدم تكرار هذه الأزمة خلال الفترة المقبلة وحماية ما تبقى من دور عريقة.

هدف المستثمر

قال عبد الله أنور الذي يعمل في إحدى شركات التوزيع السينمائي الكبرى في مصر. إن الاهتمام في مصر راهناً ينصبّ على صالات السينما في المراكز التجارية، وهي ما يسعى إليه المستثمر حيث عدد القاعات أكبر كذلك سعر التذكرة، ما يعوضه عن غلاء أسعار الطاقة وأجور العاملين في السينما.

وأشار عبد الله إلى أن دور العرض الأثرية والتاريخية المملوكة لأفراد أو قطاع خاص أصبحت غير مجدية على المستوى المادي، وأن عدد قاعاتها قليل وسعر تذاكرها لا يزيد عن 40 جنيهاً، في حين تصل التذكرة في صالات المراكز التجارية إلى 140 جنيهاً أحياناً.

back to top