الأندية المدرسية الصيفية... إقبال خجول لا يحقق الطموح

27 نادياً و6 أكاديميات رياضية و4 أحواض سباحة مقسمة بين البنين والبنات... و«التربية» تعد لتعزيزها

نشر في 05-08-2018
آخر تحديث 05-08-2018 | 00:05
تراجعت قدرة الأندية المدرسية الصيفية على استقطاب الطلاب خلال عطلة الصيف، حيث لم تتعد أعداد المنتسبين إليها المئات مقابل مئات الآلاف من الطلبة، الأمر الذي يحتم إعادة النظر في أسباب ذلك الإحجام، واتخاذ إجراءات من شأنها إعادة دورها بما يتلاءم مع اهتمامات الطلبة.
ولعل تزايد المخاطر المحيطة بالنشء الجديد يفرض، أكثر من أي وقت مضى، تفعيل أداء تلك الأندية وأهدافها، لتكون أكثر جاذبية بعيداً عن الأهداف الترويحية والترفيهية، وحتى تكون أداة بناء للشخصية واكتساب المهارات المفيدة للشباب في حياتهم المستقبلية.
تعددت الأسباب وضعف إقبال الطلبة على الأندية الصيفية بالمدارس، واحد، رغم محاولات مسؤولي وزارة التربية جذب الشباب من خلال استحداث تخصصات جديدة تساهم في تنمية مهارات الأبناء واستغلال الوقت بنشاطات مفيدة صحياً واجتماعياً وعلمياً.

ورغم الأهمية الكبيرة لهذه الأندية، فإن متخصصين أكدوا أنها لا تزال تعاني ضعف الإمكانات وعدم توافر مشرفين على مستوى عال، مما أثر على أعداد المنتسبين التي بدت متوسطة بالمدارس الخاصة، أما المدارس الحكومية فالإقبال بها قليل نسبيا، عدا السباحة والبولينغ، اللتين تشهدان إقبالا جيدا هذا العام، حيث يصل عدد منتسبي السباحة إلى 300 يومياً خلال عطلة الصيف، وفي "البولينغ" يتراوح عدد المنتسبين بين 50 و70 يومياً، في حين تخطى عدد المنتسبين بأكاديميات كرة القدم للبراعم 500 فرد.

ويرجع تربويون أسباب ضعف الإقبال إلى اتجاه عديد من الأسر لقضاء العطلة خارج البلاد، وكذا لانتشار الوسائل الترفيهية والألعاب الإلكترونية التي تمثّل عامل جذب قويا للأطفال، في وقت يرجعه آخرون لعدم وجود أنشطة جديدة، وعدم وجود مشرفين ومنظمين على قدر من المعرفة بطرق استيعاب الأطفال ودمجهم في هذه الأندية.

أندية متخصصة

وأكد مسؤولون بوزارة التربية أن الوزارة تعمل على إنتاج أندية متخصصة بعدة مجالات لاستقطاب الطلاب، على رأسها أندية علمية وثقافية، مع مراعاة توافر العوامل الترفيهية، وتوفير معلمين حاصلين على دورات تأهيلية لتحصيل أقصى استفادة ممكنة، على أن يتم إطلاق هذه الأندية بداية من العام الدراسي المقبل.

ارتفاع نسبة المشاركة

وصرح وكيل وزارة التربية المساعد للتنمية التربوية والأنشطة، فيصل المقصيد، لـ "الجريدة" بأن الإقبال على الأنشطة الصيفية التي تنظمها الوزارة سيرتفع بشكل كبير مع انطلاق العام الدراسي نتيجة الجهود المبذولة والأنشطة الجديدة التي أضافتها الوزارة، مبينا أن "أحواض السباحة" مكتملة العدد بواقع 300 منتسب يوميا خلال عطلة الصيف، وكذا الحال في "البولينغ" بعدد منتسبين يتراوح بين 50 و70 يوميا، في حين تخطى عدد المنتسبين بأكاديميات كرة القدم للبراعم 500 فرد.

وذكر المقصيد أن الوزارة تطمح لإشراك جميع الطلاب المسجلين بالتعليم، والبالغ عددهم 340 ألف طالب في الأندية التخصصية، مشددا على الاستعداد التام لإنتاج وإعداد أندية جديدة قادرة على استيعاب جميع الطلاب المسجلين.

أولياء الأمور بين التشجيع والتحفظ

تفاوتت آراء أولياء الأمور بين مشجع لفكرة ارتياد الأندية ومتحفظ عن أساليب عملها، حيث عبّر محمد ملوح عن عدم رضاه عما تقدمه الأندية الصيفية بالمدارس من خدمات للطلاب، مؤكدا أن أولاده يفضلون السفر أو ممارسة بعض الأنشطة الرياضية بأندية خاصة عن الانضمام إلى أندية المدارس، لكونها لا تضيف جديدا لهم، وبسبب التعامل "القاسي" من بعض المشرفين، وبيّن أن جدول أبنائه بالعطلة هذا العام يتضمن سفرتين خارجيتين لتركيا وجورجيا، ودورة سباحة بأحد الأندية الخاصة.

بينما أكد أحمد عبداللطيف أنه يحرص على إلحاق أبنائه بالنادي الصيفي، لكونه الحل الأمثل لقضاء أوقات الفراغ، وهو يمثّل منتزها تعليميا ترفيهيا بأقل تكلفة، مضيفا: "أبنائي يفرحون بالأنشطة التي يمارسونها بالنادي، ويولون كرة القدم اهتماما خاصا".

وكشف أن عدد الأندية التخصصية في البلاد يصل إلى ما يقارب 24 ناديا موزعة على 6 مناطق تعليمية، بواقع 4 أندية لكل منطقة، إضافة إلى ناد لذوي الاحتياجات الخاصة وناديين للتعليم الديني، جميعها مقسمة بالتساوي بين البنين والبنات، إضافة إلى وجود 6 أكاديميات رياضية بمختلف المناطق تشمل الألعاب الرياضية الجماعية والفردية، ووجود 4 أحواض للسباحة، وجار تأهيل 4 أحواض جديدة منها 3 للبنين وواحد للبنات، مبينا أنه من المنتظر إطلاق مجموعة جديدة من الأندية التخصصية مطلع أكتوبر المقبل، مما سيساهم في جذب الطلاب.

وأشار إلى تغيّر فلسفة الأندية خلال العامين الماضيين من خلال استحداث أندية تخصصية بمختلف المجالات، مبينا وجود توجه قوي للاهتمام بالأنشطة العلمية والتكنولوجية لإعداد جيل من الشباب قادر على التعامل مع المخرجات التكنولوجية الحديثة، من خلال إطلاق أندية تخصصية بمختلف المجالات.

شراكات جديدة

وأوضح المقصيد أن الوزارة تمد يدها للجميع لعمل شراكات مجتمعية مع كافة المؤسسات، وعلى رأسها الهيئة العامة للرياضة ووزارتا الشباب والإعلام، ومركز صباح الأحمد للموهبة والإبداع، ومؤسسة الكويت للتقدم العلمي.

وبيّن أن الوزارة بصدد إعداد ناد علمي تخصصي بالشراكة مع مؤسسة الكويت للتقدم العلمي ينطلق مطلع الفصل الثاني من العام المقبل، وهو خليط ثقافي ترويحي بداية من المرحلة الابتدائية وحتى الثانوية، في محافظات الجهراء والعاصمة والفروانية والأحمدي، تحت إشراف توجيهي العلوم والرياضيات، ويختص في المقام الأول بالجانب العلمي التثقيفي، مع مراعاة عامل الترفيه لجذب الطلاب من خلال التأهيل الجيد للمختبرات، حيث سيكون بنظام الكورسات الممتدة على مدار العام، ومكون من 3 مراحل يلزم المنتسب اجتيازها بالتدريج.

ولفت إلى وجود تعاون وثيق مع النادي العلمي الكويتي لاستحداث أندية تخصصية في مجال الميكانيكا والسيارات خاص بالمرحلتين المتوسطة والثانوية تنطلق بداية العام الجديد، حيث سيكون بنظام الكورسات ومكون من فصلين؛ نظري وعلمي، يبدأ الطالب بالجانب النظري، ثم يمارس ما تعلمه عمليا.

وأفاد بوجود مشروع شراكة بين وزارة التربية والهيئة العامة للشباب لإخضاع الطلاب لدورات تدريب مكثفة في المجال الكشفي والتطوعي، وكشف كذلك عن وجود تعاون مع مؤسسات الجيش والشرطة والحرس الوطني والإطفاء لتنظيم دورات تأهيلية للطلاب.

وأعلن انطلاق الاتحاد الرياضي للمدارس وعودته إلى تنظيم دوري كرة القدم والبطولات والمنافسات بجميع الألعاب الجماعية والفردية، لكونه رافدا رئيسا للأندية الكويتية.

ثقافة وفن

وأكد أن المسؤولين يولون اهتماما كبيرا برفع الجانب الثقافي والفني للنشء، من خلال إنشاء ناد خاص بالمناظرات الثقافية برعاية أساتذة من قسم اللغة العربية، واستحداث أوركسترا موسيقية لرفع الذوق العام للطلاب، وتعريفهم بالتراث الموسيقي الكويتي، إضافة إلى إقامة أمسية موسيقية شهرية على مدار العام، بجانب الاهتمام بنادي المسرح لغرس القيم النبيلة وإبراز وتشجيع المواهب الفنية، إضافة إلى تطوير نادي الروبوت لرفع المهارات العلمية ومواكبة التقدم التكنولوجي، وهو خاص بالمسجلين برياض الأطفال وحتى الثانوية.

وأشار إلى أن الوزارة تولي اهتماما برفع كفاءة هيئة التدريس، حيث تُخضع المعلمين الراغبين في الانضمام إلى الأندية لدورات تخصصية لتأهيلهم للتعامل السليم مع الواقع.

وأشاد بالتعاون القوي مع القطاع الخاص، وبالدور الكبير الذي تلعبه المؤسسات الخاصة في رعاية الأنشطة المختلفة، مبينا أن الأندية التخصصية تشارك في مناسبات خارج البلاد خليجياً وعربياً.

انتشار الألعاب الإلكترونية

من جهته، قال المسؤول الإعلامي بمدارس التربية الخاصة، نافل الحميدان، إن إقبال الطلاب على الأندية الصيفية ضعيف جدا، مقارنة بما كان عليه الوضع قبل عقدين من الزمان، مرجعا السبب الى انتشار الألعاب الإلكترونية مثل البلايستيشن والهواتف الذكية وأجهزة الكمبيوتر التي كان يصعب توفيرها قبل ذلك، حيث كانت الأندية الصيفية ومراكز الشباب في المناطق وجهة الطلاب في العطلة الصيفية.

وكشف أن أهم أهداف الأندية الصيفية هو إشغال وقت الطلاب بالنافع خلال العطلة التي تتجاوز الثلاثة أشهر، وهو ما يجعلها بمنزلة سفينة إنقاذ لبعض المراهقين للحيلولة دون وقوعهم فريسة لرفقاء السوء في هذه الأجواء المنفتحة على كل شيء، لكونهم يأتون إلى الأندية في الفترتين الصباحية والمسائية، وهو ما يبعث بالطمأنينة لدى أولياء الأمور.

المشرفون والمدربون

من جهته، أوضح مدير النادي الصيفي بإحدى المدارس الخاصة (مدرسة كامبردج الإنكليزية) بهاء عمران، أن العنصر البشري الذي يقوم بالإشراف والتدريب للطلاب هو أهم عنصر في المنظومة، مشددا على ضرورة إخضاع المشرفين والمدربين لدورات تؤهلهم للتعامل السليم مع المنتسبين، مبينا أن شريحة كبيرة من الأندية تفتقد العناصر القادرة على التعامل باحترافية مع الطلاب، مما يسبب نفور العديد منهم، وعدم الوصول إلى الهدف من النشاط.

وأكد أن المجتمع الكويتي يحتاج إلى التثقيف والتوعية بأهمية الأندية الصيفية وفوائدها للفرد والمجتمع، موضحا أن الدور الأساسي للنادي يتمثل في دمج الطفل مع المجتمع المحيط به، وتوجيهه تربويا والوقوف على قدراته ونقاط تميزه، وإبلاغ ذوي الطفل للتركيز عليها، كما يساهم في قضاء أوقات الفراغ مع مجاميع من نفس الفئة العمرية، مما يساعده على تكوين صداقات ورفع الذكاء الاجتماعي لديه، وكذلك الحد من التأثير السلبي للوسائل التكنولوجية الحديثة التي أصبحت تمثل سجنا يحيط بعقل الطفل في عالم افتراضي وهمي نتج عنه ضعف العلاقات الاجتماعية والعصبية الزائدة وقلة التركيز وضعف في العضلات، خصوصاً عضلات الرجلين، وزيادة معدلات السمنة.

توفير ميزانية

وطالب بوجود ميزانية جيدة خاصة بالأندية، لتوفير البنية التحتية المتكاملة، وتدريب الكوادر المتخصصة، والاستعانة بمتخصصين لديهم خبرات وتجارب في المجال، لأن وجود المتخصصين المميزين هو العمود الفقري لتطبيق الخطط التطويرية.

وأشار إلى أن فكرة الأندية الصيفية لها جذور في الديرة تمتد لما قبل الغزو العراقي، حيث إن فترة الثمانينيات شهدت وجود حدائق ومراكز شعبية بكل منطقة، وهي تعادل الأندية الصيفية حالياً، بها ملاعب لمختلف الألعاب، وقاعات مخصصة للرسم والموسيقى وتحفيظ القرآن الكريم، كما كانت مزودة بمتخصصين تربويين على أعلى مستوى.

وذكر عمران أن التحدي الرئيس أمام المسؤولين هو توفير العناصر المدربة القادرة على التعامل مع الطفل وتقبّله وقياس قدراته العقلية والنفسية والرياضية، ثم العمل على تطويرها، حيث إن التعامل غير المدروس مع الطفل تنتج عنه عواقب سلبية، وهو ما تسبب في عزوف كثيرين عن المشاركة أو المشاركة الجبرية تحت ضغط أولياء الأمور، وهو ما يحقق نتائج عكسية، كما شدد على ضرورة توفير أندية متكاملة الخدمات ومؤهلة لممارسة جميع الألعاب للتسهيل على المنتسبين وأولياء أمورهم.

وتطرق لقضية توفير أندية للفئة العمرية من 13 إلى 17 سنة، خصوصا البنات، لكونها مرحلة عمرية حساسة، ولم يتم تخصيص أندية لهم سوى ساعات قليلة في بعض الأندية الرياضية، رغم حساسية هذه الفترة التي تتبلور خلالها شخصية الإنسان.

أهداف متواضعة تحتاج إلى إعادة نظر

تتلخص أهداف الأندية الصيفية المدرسية في تربية الطلاب على القيم واستثمار أوقات فراغهم ببرامج متنوعة من شأنها إكسابهم المهارات التي قد تعينهم في حياتهم بعد تخرجهم.

ويبدي الكثير من الطلبة لامبالاة حيال تلك الأندية وأنشطتها، ويفيد البعض بأنهم قاموا بالالتحاق ببعض الأندية في أعوام ماضية، وبالتالي فإن تكرار الأنشطة يدعو إلى الرتابة، ويفضي إلى عدم تكرار التسجيل، الأمر الذي يحتم إعادة النظر في أنشطة تلك الأندية، بما يتناسب مع رغبة الشباب، لا بما يلائم القائمين عليها فقط، لأن الطلاب هم عصب تلك الأندية، ومن دونهم لا معنى لوجودها.

إطلاق أندية تخصصية في أكتوبر... والأولوية للعلوم والتكنولوجيا المقصيد

نطمح لإشراك 340 ألف منتسب... ونمد أيدينا للشراكة مع الجميع

فكرة الأندية الصيفية لها جذور في الديرة تمتد لما قبل الغزو عمران

انتشار الألعاب الإلكترونية يتسبب في عزوف الطلاب عن المشاركة الحميدان

back to top