هل جاء حظر الأسلحة على جنوب السودان متأخراً قليلاً؟

نشر في 01-08-2018
آخر تحديث 01-08-2018 | 00:06
 سلايت لم تكن جنوب السودان دوماً منطقة حرب، فعندما نالت هذه الأمة الجديدة استقلالها عن السودان في عام 2011، أثنى عليها كثيرون معتبرين إياها منارة أمل وشهادة على صراع في سبيل الحرية دام عقوداً، غقد وُلدت هذه الأمة بدعم من الولايات المتحدة ومباركة عدد من قادة العالم، لكن هذه المثالية تحطمت بعد سنتين حين غرقت هذه الأمة في الحرب الأهلية.

نشبت هذه الحرب نتيجة تصادم القوات الموالية للرئيس سيلفا كير مع تلك التابعة لنائب الرئيس السابق رياك مشار، وكلاهما زعيما حرب سابقان شاركا في الحرب الأهلية السودانية الثانية. صحيح أن كير ومشار لجآ إلى المواضيع الإثنية لحشد قواتهما (راحا يصيحان من مجموعتي الدينكا والنوير الاثنتين في البلد على التوالي)، غير أن هذا الصراع أكثر ارتباطاً بالفوارق السياسية والاقتصادية التي زادها ضعف المؤسسات وسعي القادة وراء مصالحهم. وفي غضون خمس سنوات، حولت الحرب هذه الأمة الغنية بالنفط إلى ساحة قتال انتشرت فيها عمليات القتل الجماعي، والاغتصاب، وتجنيد الأولاد. نتيجة لذلك أدت هذه الحرب إلى أكبر أزمة لاجئين منذ مجزرة رواندا مع هرب نحو 2.5 مليون سوداني جنوبي إلى الدول المجاورة وتهجير مئات الآلاف داخل البلد.

إذاً، يعتمد الحظر اعتماداً كبيراً على تعاون الدول المجاورة وقدرتها على مراقبة حدودها، وتشمل هذه الدول أوغندا والسودان اللتين لطالما استخدمتا جنوب السودان ساحة قتال في حربهما بالوكالة، فضلاً عن جمهورية الكونغو الديمقراطية التي يمكن اختراق حدودها مع جنوب السودان بسهولة.

علاوة على ذلك، يذكر سكوباس بوغو، بروفيسور من جامعة ولاية أوهايو: "يجب أن يؤدي الاتحاد الإفريقي دوراً مهماً لأننا ندرك على الصعيد الدولي أن الناس يحاولون، عند فرض حظر أسلحة، التوصل إلى ثغرات، ويبحثون عن طرق للالتفاف على هذا الحظر".

أدى الاتحاد الإفريقي دوراً في استقلال جنوب السودان، منشئاً مجلساً لمراقبة عملية التصويت في الاستفتاء ومسهلاً المفاوضات مع الخرطوم، لكن رد فعله تجاه الحرب جاء أقل تشدداً مما أمل بعض السودانيين الجنوبيين. صحيح أن الاتحاد الإفريقي لوّح بعقوبات، إلا أنه لم يفرضها بعد.

أضر الحظر بحكومة كير التي كدست أسلحة متطورة أكثر منه بمعارضة مشار التي تعتمد على السوق السوداء ولا تستعمل إلا البنادق عموماً، لكن الأسلحة العالية التقنية لا تُستخدم بالضرورة لنشر الخراب والدمار. ولكن لمَ لم تسعَ الولايات المتحدة إلى فرض الأمم المتحدة حظراً مماثلاً في مستهل الحرب، حين كان سيولّد انطباعاً أقوى؟ يحيّر هذا السؤال الخبراء. رفضت هذه الفكرةَ مستشارةُ أوباما للأمن القومي سوزان رايس، التي لطالما اعتُبرت من أنصار جنوب السودان، كذلك جعل سبب آخر هذه الخطوة مستبعدةً: تدخُّل أوغندا العسكري في مستهل الحرب حين أرسلت جنودها لمساعدة الحكومة في إخراج المعارضة من العاصمة، مدينة جوبا.

شعر المجتمع الدولي "بالامتنان سراً للأوغنديين" لأنهم هبوا لمساعدة كير، ولم يشأ فرض حظر أسلحة قد يمنع الجنود الأوغنديين من مواصلة تقديم الدعم العسكري لجوبا، حسبما يوضح ألكس دي وال، بروفيسور في جامعة تافتس عمل في مجلس التنفيذ للسودان الرفيع المستوى التابع للاتحاد الإفريقي.

بعد مرور خمس سنوات يأتي هذا الحظر اليوم في مرحلة سياسية حساسة: يخوض كير ومشار منذ شهر يونيو محادثات سلام بشأن اتفاق تشاطر السلطة المثير للجدل، ويتوقع كثيرون ألا تحقق هذه المحادثات أي نتائج تتخطى وقف إطلاق النار، علماً أن هذا الأخير لا يشكّل ضماناً للسلام في بلد شهد انهيار عدد من عمليات وقف إطلاق النار، بعضها في غضون ساعات. في المقابل، يؤكد سفير جنوب السودان إلى الأمم المتحدة أن الحظر قد يخرج المحادثات عن مسارها بتشجيعه المعارضة على التراجع عن الصفقة.

في هذه الأثناء، تتواصل أعمال العنف، إذ كشف تقرير نشرته الأمم المتحدة في مطلع شهر يوليو أن قوات الحكومة وحلفاءها شنوا حملة عنيفة جداً في جنوب البلد، قاتلين ما لا يقل عن 232 شخصاً ومغتصبين نحو 120 امرأة وفتاة. يتمسك كير بالسلطة، وقد صوّت البرلمان في جنوب السودان أخيراً بتمديد ولايته حتى عام 2021.

*«سلايت»

back to top