ثقافة الزمن القشري!

نشر في 28-07-2018
آخر تحديث 28-07-2018 | 00:19
 د.نجم عبدالكريم لأن العرب -منذ القدم- آمنوا أن الإبداع الحقيقي فوق طاقة الإنسان الاعتيادية، جعلوا الشعراء أمثال: امرؤ القيس، وعبيد بن الأبرص، والنابغة الذبياني، والأعشى، بل حتى عنترة العبسي وغيرهم، يستمدون إبداعاتهم من الجن، الذين يسكنون وادي عبقر، حتى صار هذا الوادي رمزاً لأعظم الشعراء الذين خُلدت معلقاتهم، لأنهم كما تقول الأسطورة (إنهم نهلوا من وادي عبقر).

ولست هنا بصدد البحث عن وادي عبقر، لكنني سأكتفي به كرمز أخذ يتشبه به كل من يرتقي ناصية الإبداع عند العرب القدماء، كما لا يتسع المجال في هذه السطور المحدودة للوقوف على ظواهر الزيف والأكاذيب الشعرية والأدبية والثقافية في تاريخ العرب عقب سنوات رحيل -نبي الرحمة- والخلافة الراشدة، ثم مجيء الدولة الأموية، فالعباسية، وكيف أن السياسة لتلك الدول قد سخّرت العقول لكتابة ما يتواءم مع أهدافها، فوصلتنا منهم آلاف المجلدات التي احتوت على خليط من اللامعقوليات جعلتنا في حيرة من أمرنا في الوقوف على حقيقتها حتى ساعة كتابة هذا المقال.

***

• ومادمنا نعيش في زمن تزوير الشهادات العلمية فسأقف قليلاً أمام ظواهر الزيف الذي امتطى، هو الآخر، صهوة تزوير الثقافة في الكويت تحت مسميات براقة:

• الندوة الأدبية لفلان الفلاني، الأمسية الثقافية لفلانة الفلانية، وكل حصيلة هذا الفلان الفلاني، وهذه الفلانة الفلانية أنهم جربوا حظهم عبر الصحافة السيّارة، فأظهروا سطحيتهم وقشرية ثقافتهم، فوقفوا عند حد محدود من الاهتمامات في نشر أخبار (بوس الواوا)، وهيفاء وهبي، وشعبولة، وما شابه ذلك من هذه العاهات المدمرة لذوق المجتمع!

وإذا بهذه العينات القشرية تستغل الفراغ الثقافي والأدبي في الكويت، للانتقال إلى صالونات بيوتهم، لإقامة ندوات أدبية على غرار مي زيادة، وعباس محمود العقاد!

وأين الثرى من الثريا؟!

***

• ومن العناوين البراقة تحت شعار تشجيع الحركة الأدبية، والأخذ بأيدي الأدباء الجدد، رصد البعض جوائز مالية بأسمائهم! وهذه الظاهرة مُنيت بها الحركة الأدبية منذ سنوات طويلة من القرن الماضي، عندما تمكن بعض أشباه الشعراء الأثرياء من رصد جوائز مالية أدبية تحت أسمائهم، ولكنهم رغم مرور عقود على تلك الجوائز لم تظهر لأحدهم قصيدة واحدة تمت إلى قصائد الشعراء الأصلاء بأي صلة!

• وامتدت العناوين البراقة إلى جائزة الكاتب فلان الفلاني للرواية، والكاتبة فلانة الفلانية للرواية أيضاً!

• ولما تيسر لي الاطلاع على بعض معطيات هذا الفلان الفلاني، وتلك الفلانة الفلانية، تبين لي أنهم سقط متاع، وفي قمة القشرية والابتذال، ولكن يشترون سمعتهم الكاذبة بأموالهم.

***

• ولأن هذه النماذج، التي ألمحت إليها، تدرك تمام الإدراك عدم اقتناع الناس بالهزال، الذي عرفوا به، أخذوا يروجون لأنفسهم عبر وسائل التواصل الاجتماعي بشكل يدعو إلى الملل والغثيان، حيث تجدهم على الـ"فيسبوك" والـ"تويتر" وغير ذلك، وهم يأكلون، وهم يشربون، وهم يسيرون في الحدائق، أو في الشوارع في داخل الكويت وخارجها.

***

• إنه حقاً زمن ثلاثي الأضلاع تعيشه الكويت، الفساد في الدولة من جهة، وتزوير الشهادات من جهة، وقشرية الثقافة، وهي الأكثر تدميراً!

back to top