وافد

نشر في 19-07-2018
آخر تحديث 19-07-2018 | 00:08
لقد تحولت كلمة "وافد" بقدرة قادر إلى صفة سلبية في بلد يعتمد بشكل كبير على غير الكويتيين أصلا، فأسرة صغيرة مكونة من ثلاثة أفراد غالبا ما تجدها تعتمد على فرد رابع يكون وافداً في الاهتمام بشؤون المنزل والأطفال، والأعمال اليدوية التي نحتاجها كالنجارة والكهرباء وصيانة معظم أجهزتنا وتصليح مركباتنا والعديد من الأعمال يقوم بها وافد.
 علي محمود خاجه ثقافة باتت منتشرة ومغروسة في كثير من العقول الكويتية بشكل غريب ومخيف وغير مقبول بكل تأكيد، فعندما نتلقى أي نبأ سلبي متعلق بأمر ما يحدث في الكويت نحاول أن نبحث عن "وافد" نحمله مسؤولية هذه السلبية، ولعل ما حدث في نبأ اكتشاف العديد من الشهادات المزورة يوم أمس وكيفية تداوله بوسائل الإعلام المختلفة خير دليل وشاهد على ما أقول.

فقد نسبت معظم وسائل الإعلام هذا الخبر إلى أشخاص مصريين ساهموا في تمرير تزوير تلك الشهادات واعتمادها، وبالطبع فإن صياغة الأخبار بهذا الشكل تعود إلى الموجة الطاغية التي حولت كل "وافد" إلى مجرم إلى أن يثبت حسن سلوكه لدى الكثير من الناس في الكويت.

طيب من هم المزورون لهذه الشهادات ممن استفادوا من الأموال العامة غير المستحقة، التي تلقوها بناء على شهادات مزورة؟ هم كويتيون طبعا، وضررهم أكبر على الكويت ممن قام بتسهيل إجراءات التزوير لهم.

أنباء عن حوادث وفاة مزعجة لأفراد وأحيانا عوائل كاملة من "الوافدين"، تارة في حريق، وأخرى في غرق، وثالثة في سقوط من أعلى مبنى قيد الإنشاء، ورابعة من جراء دهس في أحد الطرق دون أن نلقي لها بالاً أو اهتماماً أو الحد الأدنى من التعاطف على الأقل!!

لا نبحث في مسببات الوفاة التي تكون في بعض الأحيان عائدة إلى تقصيرٍ من بعض مؤسسات الدولة وجهاتها، ولا نحاول أن نواجه هذه الأخطاء، ونحاول محاسبة المتسبب فيها، والسبب باختصار أن الضحية "وافد"!!

لقد تحولت كلمة "وافد" بقدرة قادر إلى صفة سلبية في بلد يعتمد بشكل كبير على غير الكويتيين أصلا، فأسرة صغيرة مكونة من ثلاثة أفراد غالبا ما تجدها تعتمد على فرد رابع يكون وافداً في الاهتمام بشؤون المنزل والأطفال، والأعمال اليدوية التي نحتاجها كالنجارة والكهرباء وصيانة معظم أجهزتنا وتصليح مركباتنا في غالب الأحيان يكون من يقوم بها وافد، والعديد من الأعمال التي نجدها شاقة فإننا نستعين بوافد لتنفيذها، ومن ثم نتذمر من وجودهم ولا نقدر ما يبذلونه، ونحاول تحميلهم كل السلبيات، فهم سبب الازدحام والجرائم والضغط على المرافق العامة والتراجع الذي تعيشه الدولة ولا دور إيجابيا لهم رغم ما يقدمونه من خدمات.

كيف وصلنا إلى هذه الحال المزعجة الكريهة الطاردة، ونحن دولة قامت أصلا على التنوع والهجرات؟ ومن الذي ساهم في خلق هذه الثقافة البغيضة في نفوسنا، وجعل من هذا المبرر الخاطئ قناعة لدى الناس يعتنقونها ويستبسلون في الدفاع عنها؟ وكيف لنا أن نفرح بشائعة تأجير الصين للجزر، والصينيون وافدون طبعاً وفق مفهومنا، ونحن نكره الوافدين؟

تساؤلات لا أحتاج لإجابة لها بل مجرد التفكير فيها.

back to top