على هامش أحكام دخول المجلس

نشر في 15-07-2018
آخر تحديث 15-07-2018 | 00:08
في أكثر الأحداث السياسية المتوترة من تاريخ الحركة الشعبية المَطلبية هناك أخطاء ارتكبتها السلطة وملاحظات على أسلوب المطالبين بتلك الحقوق، لكن يبقى الموضوع الذي لا يقبل الاختلاف حوله وهو: أن البحث عن حياة أفضل وأكثر أماناً في وطن يَسَع الجميع لا يزال مطلب الجميع.
 مظفّر عبدالله أول العمود:

حتى تظاهرة كأس العالم لكرة القدم في روسيا أثبتت أن العالم يتغير، فالفرق التقليدية هُزمت، وسياسات الهجرة انعكست على تشكيل الفرق التي أصبحت خليطاً جميلا من البشر.

***

أكتب هذه الكلمات لِمَن قرأ عن أحداث ذات صلة بالحراك السياسي الشعبي في الكويت على مر فترات تاريخية متعاقبة، وخصوصا المطلبية منها، كأحداث المجلسين التشريعيين في أعوام 1921 و1938، وما تركه لنا سكرتير المجلسين خالد سليمان العدساني من كتابين مهمين هما "نصف عام من الحكم النيابي للكويت" و"مذكرات خالد العدساني"، أو كتاب "انتخابات المجلس الوطني" للدكتور جاسم كرم، أو "دواوين الاثنين" للزميل يوسف المباركي، ومصادر أخرى وثَّقَت حالات التوتر وهي كثيرة في الكويت.

وأقصد بكلمة "من قرأ"، أي الذي لم يُعايش، وأسأل هنا: ما الذي رَسَخَ في ذهنك بعد قراءة هذا التاريخ الذي يغلب عليه الطابع التصارعي بين الحركات المطلبية والسلطة؟ هل هم الأشخاص؟ أم العِبَر والقضايا؟

في ظني أن الأحداث والعِبَر هما اللتان ترسخان في الذهن أكثر، أما الأشخاص والأسماء فقد نحتاج إلى من يسعفنا فيها كالرجوع إلى كتاب أو مصدر لغرض الاستذكار.

وفي كل حدث مما ذَكَرت هناك أخطاء ارتكبتها السلطة وملاحظات على أسلوب المطالبين بتلك الحقوق، لكن يبقى الموضوع الذي لا يقبل الاختلاف حوله وهو: البحث عن حياة أفضل وأكثر أماناً في وطن يَسَع الجميع.

في الحدث الأخير (دخول أو اقتحام مجلس الأمة) الذي أَسدَل القضاء الستار عليه بعد 8 أعوام من الشد السياسي والاجتماعي- وكان قد بدأ في أوج ما يسمى ثورات الربيع العربي- نقول إنه مثله مثل الأحداث السابقة، فالطرفان، السلطة والحركة المطلبية، ارتكبا أخطاء أدت إلى ما وصلنا إليه اليوم من حالة سياسية صعبة جدا تتطلب تدخلا سياسيا حكيما يعيد للجبهة الداخلية شيئاً من التماسك.

في المشهد الأخير الذي طُويَ ولم يُطوَ بعد، أسماء ومحطات، وسيَسري ما جرى على الأحداث التي ذكرناها في بداية المقال على الحدث الأخير، أي نسيان الأشخاص مع مرور الزمن، لكن سيبقى شيء وحيد في الذاكرة يتفق عليه من يقف مع من سُجِن اليوم ومن يناهضهم وينتقدهم، وهو أن حُلم العيش في وطن آمن ومستقر لا يزال هدفاً مُؤجلاً، وهو بحاجة إلى توافق بين من يهيمن على الإدارة العامة صاحبة أكبر الأخطاء من جانب والقوى السياسية والمؤسسة التشريعية والجمعيات المدنية المُجتهدة في الرأي من جانب آخر.

فكل الحركات المطلبية التاريخية السابقة كانت تريد وقف انفراد السلطة بالسلطة والتأكيد على حق المشاركة، وحدثت أخطاء من الجانبين وهذا موثق، لكن تبقى هذه الأخطاء ومن ارتكبها في سياق النقاش والنقد والتصويب مع الزمن، أما المطالب فلا تُنسى ويتوارثها أبناء الشعب الذين يَتصدون للعمل العام.

ولا يسعنا هنا أن نَذْكُر ما حدث من عبث في الإدارة والمال العام خلال الأعوام الماضية لأنها كثيرة، لكن المُختلف بين فترة وأخرى أن يأتي من نختارهم في البرلمان ليذودوا (بطريقتهم) عن مطالب الشعب، فيحدث أن يوفقوا في اختيار الطرق والأساليب كما هو في جيل المخضرمين، أو أن يُخفِقوا في ذلك كما يحدث في الأجيال الحالية بسبب قلة الخبرة والتسرع.

بعد عشرة أعوام على سبيل المثال، رُبما سنستذكر حدث "دخول أو اقتحام مجلس الأمة" بقليل من التوتر تجاه الأشخاص، وبكثير من الغضب بسبب تعثر عمليات الإصلاح وترك العابثين طلقاء، والذين نتمنى ألا يطول زمنهم.

فأكثر ما سيتسبب في فرض الاستقرار في النفوس هو الاتجاه نحو العدالة وتطبيق القانون وتعديل التشوهات التي طالت الكثير من نصوص الدستور بفعل القوانين التي قدمها مجلس الوزراء أو نواب في مجلس الأمة.

back to top