ظاهرة سياسية جديدة!

نشر في 08-07-2018
آخر تحديث 08-07-2018 | 00:09
هذه ظاهرة جديدة في الحياة السياسية الكويتية، نواب الأمة الذين ينتخبهم الشعب للدفاع عن مصالحه وحقوقه ومنها حرية تكوين الجمعيات المدنية باتوا يقتصون من ناخبيهم عبر المطالبة الصريحة بحل جمعية هنا، أو بالتأليب على أخرى هناك وبأدوات دستورية!
 مظفّر عبدالله أول العمود:

أتمنى أن يُنهي مقترح النائبين أحمد الفضل وخالد الشطي معاناة الكويتيين البهائيين في توثيق عقود زواجهم بالمحاكم دون إجبارهم على رفع قضايا لتحقيق هدفهم.

***

بحل مجلس إدارة "جمعية الحرية الكويتية" من وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل يكون ثاني حل بِدَفع سياسي واضح وصريح من أعضاء في مجلس الأمة بعد الحل الذي نال "جمعية الشفافية الكويتية" في ٧ مايو ٢٠١٥ من نواب في المجلس السابق.

هذه ظاهرة جديدة في الحياة السياسية الكويتية، إذ من المعروف أن حل الجمعيات اختصاص حكومي بموجب القانون، كما حدث في جمعية الثقلين في أبريل الماضي، أو بالحل الذي طال مجموعة من الجمعيات التي عارضت حل مجلس الأمة في عام ١٩٧٦، أو حل نادي الاستقلال عام ١٩٧٧.

الجديد هنا أن نواب الأمة الذين ينتخبهم الشعب للدفاع عن مصالحه وحقوقه ومنها حرية تكوين الجمعيات المدنية ودعمها باتوا يقتصون من ناخبيهم عبر المطالبة الصريحة بحل جمعية هنا، أو بالتأليب على أخرى هناك، وبأدوات دستورية.

والجديد أيضا في حل جمعيتي "الشفافية" و"الحرية" ما يمكن رصده بالآتي:

ففي حالة "الشفافية" كان هناك اتهام نيابي صريح لها بأنها تسببت في تراجع وضع الكويت في مؤشر الفساد، وأنها كانت على صلة بمنظمة الشفافية الدولية! والأمران كانا ولا يزالان مستهجنين لأنه لا دور للجمعية في خفض مؤشر الدولة في مكافحة الفساد، بل الملام هنا هو المجلس والحكومة لأنهما المسؤولان المباشران عن التنمية في الكويت لا جمعية نفع عام قرار وجودها من عدمه بيد وزير! أما التواصل مع المنظمة الدولية للشفافية فهو تواصل مِهني بحت تتطلبه مقتضيات العمل والنشاط في الجمعية، وهو مفيد للدول كافة، ولا يخالف الاتفاقية الدولية لمكافحة الفساد التي انضمت لها دولة الكويت في فبراير ٢٠٠٧.

وهذه المسألة تحتاج مناقشة واسعة بين الوزارة والجمعيات التي يرتبط عملها بجهات مهنية متخصصة خارجية كالجمعيات النسوية وحقوق الإنسان والشفافية لإزالة اللغط والتأليب والتخوين، وليكون هذا المطلب تحت نظر الوزارة لا ليكون سببا في حل الجمعيات.

أما حالة "جمعية الحرية" فالأمر تعدى التأليب النيابي، ليأتي بقرار حل مُبهم الأسباب من طرف الوزارة، لكنه معروف لدى النائب الذي هدد باستجواب وزيرة الشؤون الاجتماعية وهو الإساءة إلى الدين! وأظن أن ورطة الوزارة هنا في أن الجمعية لا تزال في "طور الرضاعة"، فعمرها الزمني لم يتجاوز ستة أشهر، ولا يمكنها هذا الوقت من ارتكاب مخالفات لتحاسب عليها! كما تم إقحام تغريدة أحد أعضائها في "تويتر"- الذي سلم نفسه للسلطات طواعية بناء على شكوى فردية ضده للقضاء- واعتُبرت ضمن قضية الحل، ومبررا له من قبل النائب الذي هدد بالاستجواب، وكانت النتيجة المريحة بعد انقضاء دور الانعقاد التشريعي لمجلس الأمة مباشرة بالحل، أي هدم البيت بأكمله، وعلى طريقة "طلبتك، عطيتك".

أختم بهاتين الملاحظتين:

الأولى: ضعف واضح في ثقافة التحاور في المجتمع، الذي لا أزال أتذكر معه حديث المستشار محمد بن ناجي رئيس محكمة الاستئناف عندما قال في مقابلة منشورة في الزميلة "القبس" في ١٩ أبريل ٢٠١٥ بأن "المحاكم أصبحت مكاناً للانتقام" وهو سبب وجود كثير من المغردين في السجن.

ثانيا: سلوك عدد من النواب الذي بات يُصور المؤسسة التشريعية بأنها جِهة مُحصنة عن النقد حتى من قِبل الناخبين الذين هم سبب في وجودهم في مجلس الأمة، وتنمّرهم ضد المواطنين كما حدث في حالات رُفِعت فيها قضايا ضد منتقدين لسلوكهم النيابي.

back to top