سويسرا... طبيعة توقِّع على صفحة الكون بريشة الإبداع

برن وزيوريخ تنامان في أحضان «الألب» وعبق التاريخ بمعالم حضارية آسرة

نشر في 01-06-2018
آخر تحديث 01-06-2018 | 00:00
هي توقيع الطبيعة على صفحة الكون بريشة الإبداع، هي نغمة ساحرة في لحن الجمال، لوحة يبدو العالم من خلالها نقيا، والتفاؤل ممكنا، والأمل مرسوما، هي الطبيعة الساحرة والريف الهادئ والمروج الخضراء والجبال الشامخة والطبيعة البكر والنسائم الرقيقة، حضور ثقافي وإرث حضاري ومدنية حديثة ورفاهية متطورة... هي حاضرة الفن والموضة والمتاحف والسياحة، عناق دافئ بين الطبيعة والحداثة، ولم لا نختصر كل ذلك؟ هي سويسرا، التي لك أن تنسب إليها ما تشاء من أوصاف الحسن، وأنت على يقين بأن الواقع أجمل.
وعملاً بمقولة "إذا لم تستطع أن تشارك في صنع الجمال، فعليك على الأقل أن تحتفي به"... ها هي سطور تقتطف فيها "الجريدة" من ثمار ما رأيناه في تلك البلاد الجميلة، بناء على دعوة من هيئة السياحة السويسرية، سطور تنضم إلى وصف السابقين، وملاحظات اللاحقين، وفي النهاية فإن:
"عباراتنا شتى وحُسنُكِ واحدٌ :: وكلُّ إلى ذاك الجمالِ يُشيرُ".
منذ اللحظات الأولى التي تطأ قدماك فيها أراضيها ستبدو لك جلية صور المهارة والذكاء في استيعاب أوجه الحداثة والتطوير العصري في معالم البلد، وأشكال الخدمات والترفيه والعناية الصحية فيه، التي لا تكون على حساب رونق ومكون الطبيعة البكر الساحرة، إذ نجحت هذه الدولة في صهر التحديث ضمن مفردات طبيعتها الجميلة، مشكلة قالباً متناغماً تتنوع مظاهره لتوفر لقاصديها أبهى لوحات وصيغ التمتع بجمال المكان، جنباً إلى جنب مع أهم الخدمات الصحية والاستشفائية والتجميلية العصرية.

وفي هذه الرحلة كانت لنا حكاية جميلة مع إحدى أساطير عالمنا الحديث المنسوجة فصولها على مغزل الحب بخيوط الخيال وقوة البراهين الواقعية العملية الناجحة، إذ سبرنا أغوار بعض مدن سويسرا بترنيمتها الساحرة، وعشنا في خضم معاني الجمال الفطرية وألق اللقاء بين شعوب العالم في أحضان الطبيعة.

بدأت فصول حكاية رحلتنا مع برن العاصمة، التي توجهنا إليها لنختبر كيف حافظت على خصائصها التاريخية، فهواء العصور الوسطى فيها يتجلى مع الكثير من النوافير، والواجهات المبنية من الحجر الرملي، والشوارع الضيقة والأبراج التاريخية.

وخلال جولتنا في هذه المدينة، زرنا حديقة روز غاردن المعلقة أعلى بيير بارك ومنصة برج الكاتدرائية الواقعة على ارتفاع 101 متر، اللتين تقدمان أفضل الإطلالات على البلدة القديمة التي يتدفق من حولها نهر آري، الذي تنسدل الخنادق والحصون السابقة بشكل حاد نحوه.

وفي مدينة برن يقف بيت ألبرت أينشتاين شاهداً على إقامة عبقري الفيزياء بها في بداية القرن العشرين، وهنا سنحت لنا الفرصة لزيارة متحف آينشتاين.

وعلى طول نهر آري تقع الحدائق كما هي حال حديقة الحيوان ومنطقة ماتي القديمة، ولأن برن والدببة، شعار مرتبط بالمدينة، كان لابد لنا من زيارة حديقة الدب (بيير بارك).

ويمكن القول إن موقع برن المركزي يجعل منها المكان الأمثل لقضاء ليلة هناك والانطلاق للقيام برحلات في جميع أنحاء سويسرا.

زيوريخ

وانتقلنا بعد ذلك إلى زيارة مدينة زيوريخ البديعة، تلك المدينة التي تتصف بأنها عاصمة الخيرات، والتي يشكل موقعها الجغرافي أحد أهم أسباب تطورها الضخم من الناحية التجارية والصناعية، إذ تقع على مفترق طرق مهمة تؤدي إلى إيطاليا وفرنسا وألمانيا.

وتعد زيوريخ حاضرة المعالم التي تجاور الماء في مشهد مهيب لقمم الألب، وقد كستها الثلوج في الأفق، كما تضم ما يزيد على 50 متحفاً وأكثر من 100 صالة فنون وعلامات الموضات العالمية.

وتتصف المدينة الواقعة في قلب أوروبا بروحها المتعددة الثقافات، وبنشاطات الاستجمام المتنوعة التي تجتذب الضيوف من جميع أنحاء العالم لسبر أغوار دروبها القصيرة.

وتنتشر في المدينة الدراسات والأبحاث بالنظر إلى بناها التحتية الفائقة النوعية في قلب الطبيعة، وأبرز مثال على ذلك جامعة زيوريخ أو المعهد الفدرالي السويسري للتقانة (ETH) الذي بناه في عام 1855 كوت فريد سيمبر، ويقترن اسمه اليوم بواحد وعشرين من حملة جائزة نوبل.

وتضم مدينة زيوريخ معالم سياحية عديدة مثل صالة كونست هاوس، وهي أهم صالة للفنون في سويسرا، إذ تحتوي على مجموعة من العهود المهمة من تاريخ الفن الأوروبي من العصور الوسطى حتى الوقت الحاضر، إلى جانب متحف رايت برغ، الذي يضم الأعمال الفنية غير الأوروبية، وخصوصا من الهند والصين وإفريقيا.

ومن معالم المدينة أيضا شارع "بان أوف شتراس" الذي يمتد على مدى ميل واحد، وهو شارع البنوك، الذي يحفل أيضا بمحال حصرية لأكسسوارات الأزياء، كما يعج بالمخازن الضخمة الشاملة ومقاهي الشوارع.

كاترين... «ثمانينية» في ريعان الشباب

لم نكن نتوقع لدى وصولنا إلى برن، أن دليلنا خلال هذه الجولة التي ستتجاوز 4 ساعات، سيكون عجوزاً تتجاوز السبعين، وربما الثمانين، اسمها كاترين روهرباخ، صدمنا النبأ، ولم نتخيل كيف يمكن لمن نعتقد أنه بلغ من الكبر عتياً، أن يقطع تلك الساعات سيراً على على الأقدام.

لكننا بعد مرور قرابة الساعة، غيرنا رأينا، إذ أصبنا بتعب شديد، في حين كانت "العجوز" تسير بكل عزم ورشاقة كأنها سيدة في الثلاثين أو أقل.

تملكنا حب الاستطلاع فسألناها عن سبب ذلك النشاط، فعرفنا أن النظام الغذائي وطريقة الحياة التي يعيش بها الشعب السويسري جعلاه يحافظ على لياقته وشبابه، حتى إن السويسريين باتوا من أطول البشر عمرا، إذ يبلغ متوسط أعمار السيدات هناك 85 عاماً، وهو الأعلى عالمياً بعد اليابان.

باقة ورد

للمسؤول الإداري والعلاقات العامة بالخطوط الجوية التركية أحمد يوكسل الذي تعاون مع الوفد، مما هيأ رحلة طيران مريحة خالية على متن خطوط الشركة.

مهرجان الرقص

جانب من فعاليات مهرجان الرقص، الذي يقام سنوياً مع ورش عمل ومناقشات ومعارض مخصصة بشكلٍ كامل لهذا الفن.

شلالات الراين

في شمال سويسرا وعلى بُعد ساعة تقريبا من زيوريخ بالقرب من الحدود الألمانية تنحدر شلالات الراين، وهي من أعلى شلالات أوروبا، ولا يمكن أن تصل إلى زيوريخ دون المرور بها، وقضاء نصف يوم فيها على الأقل.

ويصل حجم تدفق المياه منها إلى 250 متراً مكعباً في الثانية، لذلك بني بجوارها قبل قرون أول مصنع لتصنيع الألومنيوم في أوروبا، ليستغل سرعة تدفق مياه تلك الشلالات في توليد الطاقة اللازمة للمصنع .

وعند تلك الشلالات يمكن ممارسة الكثير من الأنشطة، كركوب مركب أو السباحة صيفا أو الجلوس لاحتساء المشروبات الساخنة أو الباردة في المقهى المطل عليها أو تناول وجبة غداء سريعة.

فندق الملوك والرؤساء والمشاهير

في فندق بيليفيو بالاس أحد الفنادق الفخمة التي يرجع تاريخها إلى أكثر من 150 عاما، والذي يقع في قلب برن، تمتزج فخامته بالتاريخ العريق للعاصمة السويسرية.

وتأتي شهرة هذا الفندق العريق نظرا لقيمته التاريخية، والشخصيات الرسمية التي نزلت فيه على مدار قرن ونصف من ملوك ورؤساء ورياضيين وفنانين معروفين .

«سافوي» عنوان الأناقة

"سافوي"... أحد أشهر الفنادق في سويسرا، يقف، وسط زيوريخ، مزهواً بما فيه من طراز كلاسيكي عريق، وأثاث نادر، وغرف أنيقة، وخدمة راقية.

back to top