جرّب تكون «إنت»

نشر في 18-05-2018
آخر تحديث 18-05-2018 | 00:06
 فواز يعقوب الكندري التأثر بالآخرين صفة يمتاز بها العرب، و«الكاريزما» عادة ما تُضفي على من فقد ثقته بنفسه خاصيّة الجذب، فتراه يسير خلفها كالأعمى، وعادة ما أعبس عنه وأتولّى، فلو كان التقليد صفة حميدة لما خلق الله البشريّة والأمم بهذه الأعداد التي أمست عبئاً ثقيلاً على الأكسجين، ولو أنّها تأخذ بك إلى النّجاح لكان الأجدر «بأينشتاين» أن يتملّص من نفسه ويرتدي ثياب «الفاراداي»، بل هجر العالم وجلس في غرفته مفرداً يبحث عن نفسه فوجدها في «النظرية النسبية»، ولو ظلّ الرّياضيون يقلّدون «رونالدينهو» ما خرج لنا البرغوث «ميسّي».

حين أتيت إلى هذه الدّنيا، يا سيّدي الفاضل، جئت لوحدك، لم يكُن معك سوى بكائك وابتسامة أمّك، وحين تودّع الدّنيا سترحل عنها بمفردك، صامتاً مكفناً في حفرة شُكِّلت على هيئة «برواز» يُحيط بجسدك، ورُبّما لن تجد ذلك الذي اتّخذته رمزاً فوق قبرك يدعو لك، فلا تعِش يومك تقلّد «الطاووس» في مشيته، لأنّك إن ضيعتها فسنراك «غراباً»، ولا ترتضِ لشموخك أن يعيش تحت ظلّ جناح الصّقر؛ لأنّه سيحلّق بحرّيته وستبقى أنت تتبع ظلّه أينما حل.

يا أخي كُن أنت، استقل بذاتك، واصنع شخصيتك (لحظة، لحظة)، اجلس في غرفتك وكأنّك الوحيد في الكرة الأرضيّة، وحدّد طريقك واضعاً أمام عينيك أهدافك، متسلحاً بثقتك وذخيرتك وعزّة نفسك، ومن ثمّ افتح عينيك على هذا العالم ومن يعيش حولك، فستجد من يحبطك، وهذا من عجز عن أن يجد نفسه فيخشى أن تجد أنت نفسك، وستجد من يعينك، وهؤلاء هم عتادك، وإيّاك أن تلتفت إلى هؤلاء الذين يضعون العقبات في طريقك، وتشغل نفسك بالانتقام منهم، فالقمامة التي كان يرميها اليهودي أمام بيت رسولنا الكريم لم تؤخر فتوحاته لأنّه لم يأبه بها.

الدّعوة هُنا ليست أن تذهب لتعيش لوحدك في كهفٍ سواده حالك، فتهجر مجتمعك وأحبابك، المسألة أن نكون «نحن» فقط، نتعلّم ولا نتقيّد، نستمع لحديث الكبار ولا نُجبر عليه، نفسّره بعقولنا التي كرّمنا الله بها قبل أن نمضي فيه، والأهم من كل هذا ألا تسمح لأحد أن يرسم لك طريقك فيعيش هو حياته وحياتك.

توضيح: القدس عروس الشّرق الأوسط وعاصمة فلسطين الأبديّة.

مبارك عليكم الشّهر.

back to top