شوشرة: بدون عنوان

نشر في 03-03-2018
آخر تحديث 03-03-2018 | 00:07
 د. مبارك العبدالهادي الهوية وفقدانها من أصعب الأمور التي تشكل هاجسا لدى أي شخصٍ انتماؤه لوطن لا يملك مواطنته، خصوصا عندما يكون هذا الوطن هو وطن الإنسانية كالكويت التي تساعد البعيد والقريب وتساهم في حل العديد من المشاكل وغيرها من القضايا المستفحلة، وآخرها الطلب الكويتي بوضع هدنة في الغوطة الشرقية.

والكويت التي استضافت العديد من المؤتمرات الإنسانية تحتضن في الوقت نفسه قضية إنسانية بالدرجة الأولى، الحديث عنها يحتاج إلى مجلدات ومؤلفات عن أصحابها الذين لا وطن لهم غير الكويت، ولا انتماء لهم غير الكويت، ولا ولاء عندهم لغير الكويت، أما من لديه أفكار مسمومة من أصحاب هذه الفئة ويخالف الولاء فهو بالتأكيد معروف لدى الجهات المختصة التي تعلم جيدا من هو المستحق وغير المستحق، ولكن المماطلة في علاج هذا الملف الأليم إنسانيا ليست في مصلحة الطرفين المتخاصمين في القضية.

من المحزن والمبكي أن تستمع إلى حوادث ارتكبها بعض أبناء البدون لا بدافع الدخول في دوامة المشاكل بقدر مجيئها من دافع انتقاص الحقوق أو فقدان الهوية التي تحدد من هو أو من أي أرض أتى، إلا أنه يملك شهادة ميلاد تثبت أنه من هذا الوطن أو إحصاء أو غيرهما من المستندات التي تؤكد انتماءه إليه دون غيره.

والمستغرب يأتي من مجلس الأمة ونوابه الذين يتسابقون في حملاتهم الانتخابية إلى تبني هذه القضية والحديث عن بطولات أبناء البدون، ولكن ما إن يجلسوا خلف الكرسي الأخضر حتى تتلاشى تدريجيا هذه القضية وتختفي من أولوياتهم باستثناء شعارات وتصريحات يرددونها بدون أي واقع فعلي وعملي لأنهم في الأساس ضد هذه القضية وعلاجها أو تبني مشروع متكامل لحلها، فإذا انتهت قضية البدون الإنسانية فعلامَ سيتباكون في حملاتهم الانتخابية، لاسيما في الدوائر الانتخابية التي تكتظ بأبناء البدون الذين أقرباؤهم، أو زوجاتهم، كويتيون؟

أحد أعضاء مجلس الأمة الذي صدع في يوم ما وشبه هذه القضية بالقنبلة الموقوتة، ها هو اليوم يتباكى عليها، لأنها قضية يسعى من ورائها إلى استعطاف قلوب الناس.

المشكلة الكبرى والمصيبة والطامة التي لم يتجرأ أحد على قولها على الملأ، مثلما يتحدث عنها في المكاتب المغلقة، من بعض النواب والسياسيين هي التصنيف المذهبي للبدون، وبالتالي هذا الأمر يخالف توجهاتهم، ويبررون بذلك عدم إنسانيتهم في المساهمة لاتخاذ موقف إنساني لحل هذه القضية، لأنهم طائفيون وعنصريون، فضلاً عن آخرين يصنفون البدون حسب آرائهم وأفكارهم والدائرة الانتخابية.

القضية بعيدة كل البعد عن أصحاب الأفكار المريضة لأنها إنسانية بالدرجة الأولى، فعندما يتسابق الجميع إلى إغاثة بعض الدول رغم أنها تضم غير المسلمين، فإنهم لم ينظروا إلى دياناتهم أو عوائلهم بقدر إغاثتهم من باب مد يد العون والمساعدة، والبدون ليسوا لاجئين بقدر أنهم من أبناء هذا الوطن الذي وُلِدوا وترعرعوا ونشأوا وتعلموا فيه، خصوصاً العسكريين الذين كان لهم دور كبير أثناء الغزو الغاشم بوقوفهم وتصديهم لجيش الاحتلال، فمنهم من مات شهيدا ومنهم من أُسِر.

حصول الكويت على لقب بلد الإنسانية لم يأتِ من فراغ أو من باب المجاملة، وإنما بأعمالها المستمرة لمساعدة الجميع.

اليوم هذه القضية يجب أن تكون أولوية بصورة عاجلة لوضع النقاط على الحروف، لأن المتضررين منها بحاجة إلى الراحة النفسية أولاً وأخيراً وتحديد مصيرهم المجهول، لاسيما أن هناك من هو بحاجة إلى أبسط الحقوق، وهو الوظيفة، لتأمين قوت يومه بدلاً من أن يصبح أسير المطاردات الأمنية والبلدية والتجارية عند لجوءه إلى البيع في الشوارع وغيرها.

أطباء وجامعيون ومتخصصون في المجال العسكري وغيره اليوم يبحثون عن قوت يومهم ولا يزالون يحلمون براتب متواضع ومسكن مناسب لتأمين أبسط أمورهم الحياتية، فضلاً عن أحد البدون الذي لا تزال صورته أحد الأمور التي تتفاخر بها شركة نفط الكويت لأنه من أقدم عامليها، حيث كان من الذين ساهموا في إخراج نفط الكويت وتأمينه، واليوم لايزال بدون عنوان.

آخر الكلام:

أقدم خالص التعزية إلى أخي عواد في وفاة والده.

back to top