التهويل... كيف نضع حداً له؟

نشر في 02-03-2018
آخر تحديث 02-03-2018 | 00:00
No Image Caption
التهويل طريقة تفكير تُعرف بالتشوهات المعرفية. الشخص الذي يعاني هذه الحالة يتوقع دائماً نتائج كارثية لحدث معين، فيفكر بالطريقة التالية: «إذا رسبتُ في هذا الامتحان فلن أتخرج في المدرسة وسأفشل في الحياة»، «إذا لم أتعاف بسرعة من هذه الجراحة، فلن أتحسن أبداً وسأبقى مقعداً مدى الحياة»، «إذا تركني شريكي فلن أجد شخصاً آخر ولن أكون سعيدة مرة ثانية».
يصف الأطباء «التهويل» بأنه تضخيم الأمور إذ إن الشخص يجعل حدثاً ما يبدو أسوأ وأصعب مما هو عليه. قد تُسبب هذه الحالة الاكتئاب لدى البعض، ولكن لحسن الحظ ثمة سبل عدة للوقاية منها.

أسباب

على الرغم من وجود أسباب عدة للتهويل، فإن معظم الأشخاص يدخل ضمن أربع أربع فئات وهي:

• الغموض: يجعل الغموض الإنسان عرضة للتهويل. مثلاً، نتلقى رسالة نصية من صديق مفادها «علينا أن نتحدث»، ما قد يحمل أنباء سلبية أو إيجابية. ولما كنا نجهل الاحتمال الصحيح فنتوقع دائماً الأسوأ.

• القيمة: تسبب العلاقات والمناسبات العزيزة على القلب التهويل. إذا كان الشخص يملك شيئاً قيماً يصعب عليه مجرد التفكير في خسارته. مثلاً، عندما نتقدم لوظيفة، نبدأ بتوقع خيبة الأمل والقلق والاكتئاب في حال لم نحصل عليها حتى قبل أن تتخذ الشركة قرارها.

• الخوف: يؤدي الخوف، خصوصاً اللامنطقي دوراً مهماً في التهويل. إذا كان الشخص يخشى زيارة الطبيب حتى للخضوع لفحص عام، سيفكر بالأمور السيئة كافة التي قد يخبره إياها. ربما يعاني أيضاً التهويل المرتبط بحالة صحية أو ظرف سابق حصل معه.

الأمراض النفسية ذات الصلة: القلق الذي يرتبط ارتباطاً وثيقاً بالتهويل، هو حالة يعاني خلالها الشخص خوفاً زائداً وهموماً عدة نتيجة لحدث معين. مثلاً القلق بشأن امتحان مهم أو الخوف من التجول بمفرده في الليل.

التهويل والقلق

الاختلاف الأساسي بين هاتين الحالتين، أن القلق يؤدي دوراً مفيداً في حياة الإنسان، إذ يُعتبر نوعاً من العاطفة الإيجابية لأنه يدفعنا إلى حماية الذات. أما التهويل فلا يملك أية فائدة ويملأ عقل الإنسان بالمشاعر غير الضرورية التي تشتت تفكيره عن الواقع. وعلى الرغم من أن هاتين الحالتين مضرتان فإن القلق يعود بالفائدة على الإنسان على عكس التهويل.

العلاقة بالاكتئاب

يرتبط الاكتئاب أو مشاعر اليأس والعجز بالتهويل، فعندما تنتاب الإنسان، يلجأ إلى التهويل ويخشى الأسوأ.

تهويل الألم

بالإضافة إلى الأمراض العقلية كالقلق والاكتئاب، يقوم بعض الأشخاص بتهويل الألم الذي يظهر عندما نصبح مهووسين به وعاجزين أمامه ولا نستطيع التوقف عن التفكير به.

أظهرت دراسة نُشرت في المجلة الطبية Expert Review of Neurotherapeutics أن تهويل الألم مرتبط بتعاطي المخدرات والألم الناتج عن جراحة ما والاكتئاب بعد الخضوع لها. من الطبيعي ألا يرغب أحد بالشعور بالأوجاع ولكن يجعل الخوف اللامنطقي عملية التعافي صعبة جداً. ويعاني البعض الخوف والقلق في الوقت نفسه.

إذا كان الشخص وعائلته وأصدقاؤه يخشون دائماً الأسوأ، عليهم إذاً معالجة هذه المشكلة. في حال الإصابة بالاكتئاب، يصف الطبيب أدوية مضادة. نذكر منها:

• مثبِّطات استرداد السيروتونين الانتقائيَّة مثل الفلوكسيتين (بروزاك) والباروكسيتين (باكسيل) إذ تزيد هذه الأدوية من نسبة الناقل العصبي {السيروتونين} في الدماغ. تُعتبر العلاج الأولي للأشخاص المصابين بالاكتئاب وتوصف أيضاً لمعالجة عدد من اضطرابات القلق.

• مثبطات امتصاص السيروتونين والنورابينفرين مثل دولوكستين (سيمبالتا) وفينلافاكسين (إفيكسور). تزيد هذه الأدوية من نسبة السيروتونين والنورابينفرين في الدماغ.

• مضادات الاكتئاب ثلاثية الحلقات وتشمل: الأَميتريبتيلين ونورتريبتيلين (باميلور). لم يعد يصف الأطباء اليوم هذه الأدوية كثيراً بسبب آثارها الجانبية السيئة.

• مضادات الاكتئاب غير النمطية : لا تدخل هذه الأدوية ضمن مجموعة محددة في ما يتعلق بطريقة عملها ونذكر منها البوبروبيون (ويلبوترين، أبلينزين) والترازودون. يصف الأطباء أحياناً نوعاً واحداً منها قد يعجز عن خفض الاكتئاب والتهويل. في هذه الحالة، يصفون نوعاً آخراً.

6 نصائح للسيطرة عليه

تكرار كلمة {هذا يكفي} بصوت مرتفع أو في رأسنا يساعدنا في السيطرة على التهويل. ويستخدم الأطباء النفسيون تقنيات تُعرف بالعلاج السلوكي المعرفي لمساعدة الشخص على مواجهة هذه الحالة.

تتطلب هذه التقنيات إدراك الأشخاص أنهم يعانون التهويل والاعتراف بأعمالهم ومحاولة تصحيح التفكير اللاعقلاني.

تتضمن النصائح الست استخدام التقنيات التالية التي تساعد في السيطرة على هذه الحالة:

• تقبل وقوع حوادث سيئة: الحياة مليئة بالتحديات، وإذا اختبرنا يوماً سيئاً لا يعني ذلك أن أيامنا كافة ستكون كذلك.

• تمييز الأفكار اللاعقلانية: يتبع التهويل عادة نمطاً معيناً فيبدأ الشخص بجملة «أشعر بالألم اليوم»، ومن ثم يكمل قائلاً «سيزداد الألم سوءاً» و{لن أتحسن أبداً.» عندما نبدأ بتمييز هذه الأفكار، نصبح مهيئين أكثر لمواجهتها.

• قول {هذا يكفي}: كرِّر «هذا يكفي» بصوت مرتفع أو في رأسك للحد من التهويل إذ تساعد هذه الكلمات في وقف تدفق الأفكار اللاعقلانية وتغيير مسارها.

• التفكير في نتيجة أخرى: بدلاً من التفكير في نتيجة سلبية يجب النظر إلى الخيارات الإيجابية.

• التفكير بإيجابية: عليك أن تؤمن بنفسك وألا تخشى دائماً الأسوأ. من المفيد أيضاً تكرار جملة إيجابية يومياً.

• العناية بالذات: تسيطر الأفكار اللاعقلانية على الإنسان عندما يكون متعباً وقلقاً. من ثم، الحصول على قسط كافٍ من النوم والقيام بنشاطات تخفف من الضغط كالرياضة والتأمل وتسجيل اليوميات يساعدان على الشعور بتحسن.

معلومة صغيرة

يُعرّف مقال في المجلة الطبية Expert Reviews in Neurotherapeutics التهويل بأنه تنبؤ سلبي ولامنطقي لأحداث مستقبلية. إذا كنت تعاني هذه الحالة يومياً ولم تنفعك التقنيات المذكورة، فعليك زيارة الطبيب.

الحصول على قسط كافٍ من النوم والقيام بنشاطات يساعدان على الشعور بتحسن

القلق يؤدي دوراً مفيداً في حياة الإنسان على عكس التهويل
back to top