عبدالناصر... الغوطة تناديك!

نشر في 01-03-2018
آخر تحديث 01-03-2018 | 00:20
 عبدالمحسن جمعة إنهم يموتون عراة، بعد أن تحرق قنابل النابالم ملابسهم، وهم مكدسون في الملاجئ يتكئ بعضهم على بطون البعض ليسكنوا آلام جوعهم... صراخ وبكاء، لطم وحفر بالأيادي لرفع الأنقاض عن صدر طفلة أطبق على صدرها كل أنقاض خزي وخيانات أمة العرب، وتحت قدميها المهشمتين كل نياشين ورتب المهيب والمشير والجنرال، أركان الخيانة والعار، التي يتحلى بها الزعيم العربي على بدلته المزركشة في استعراضه الممتلئ بـ "غازات" دباباته وقرقعتها العبثية، في حين أن المعتدين العديمي الإحساس في طهران وموسكو يتكلمون عن إرهابيي الغوطة، وبيننا عرب مجرمون يؤيدونهم ويصفقون لمجرم العصر بشار الأسد.

العرب السُّنة يتم تصفيتهم في سورية باتفاق دولي بين واشنطن وباريس وموسكو ولندن، وتواطؤ بعض العرب، وإن أظهر بعضهم خلاف ذلك، وفي الوقت نفسه هناك عرب وأشقاء يرقصون ويحتفلون في مشهد لا يمكن تصديقه وهم يرون أطفالاً مكدسين في أكفانهم في الغوطة الشرقية، وذاك شيخ دين لا يخجل مما لحق بأهل الشام، بسبب تدخلهم في ثورتهم واستغلال أعداء الأمة لتدخلهم في الثورة المدنية السورية، لتحويل سورية إلى ساحة لتصفية حساباتهم مع العرب والمسلمين السُّنة.

اختلف كثيرون مع بعض نهج وأسلوب حكم الرئيس المصري الأسبق جمال عبدالناصر -وأنا منهم- ولكن لم تشهد الأمة في العصر الحديث درعاً لها وخادماً لمصالحها كما كانت في عهد عبدالناصر، فقد هُزم العرب في 1948 بسبب الخيانات العربية، ولكن في 1956 انتصر عبدالناصر ومعه العرب، وفي 1958 دافع عن مسلمي لبنان، وآزر الثورة الجزائرية، وحرر اليمن من الجهل والتخلف، كما منع العراق من أن يقوم بجريمة مشابهة لغزو الكويت من عبدالكريم قاسم 1961، وأقام تحالفاً إفريقياً لحماية منابع نهر النيل.

وفي غفوة منه، وثقة زائدة برفاقه، تعرضت مصر لنكسة يونيو 1967، فوقف شامخاً في قمة الخرطوم سبتمبر 1967، ليعلن أنه سيقاتل، وبعدها أطلق حرب الاستنزاف، ودفع بالثورة الفدائية المسلحة الفلسطينية، وبدأ بإعادة بناء الجيش المصري الذي قام بحرب أكتوبر 1973، ولكن هموم هذه الأمة وخيانات عربها وغدر رفاقه أوقفت قلبه في سبتمبر 1970، ليأتي أنور السادات فيحصد جهده وينقلب على مساره ويعلن الانفتاح الاستهلاكي الذي لم تجنِ منه مصر شيئاً سوى المزيد من المشاكل الاقتصادية والاجتماعية.

كان في ذلك الزمان للأمة زعيم يحرك الجماهير ويحشدها للدفاع عن أرواح شعوبها ومصالحهم، كان شاه إيران يخشاه، والأمم وعواصم القرار تحسب لهُ ألف حساب، وبعد أن سقط النظام العربي وتفتت، أصبحت كل شعوبنا فريسة لمؤامرات الغرب والشرق. والإسلام السياسي الذي قمعه عبدالناصر لمعرفته بمخاطره على الأمة، هو الآن الأداة التي يستخدمها أعداؤنا لقتل شعوبنا وتصفية وجود العرب السنة، بينما من شجّع وموّل هذا التيار يقف الآن متفرجاً على الدماء التي تتدفق كالأنهار في الشام والعراق.

back to top