الكويت تنتصر لأطفال سورية

نشر في 26-02-2018
آخر تحديث 26-02-2018 | 00:15
No Image Caption
بعزيمة لا تلين وسعي لا يعرف الكلل، مستمدَّين من قائد العمل الإنساني وعميد الدبلوماسية، صاحب السمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد، نجحت الدبلوماسية الكويتية، بإنسانيتها التي تتوالى شواهدها المشرقة، في الخروج بإجماع مجلس الأمن على نص القرار رقم 2401 لوقف إطلاق النار في سورية فوراً، مجنّبة القرار الوليد أي عرقلة كان من شأنها أن تبقي على ما يعانيه السوريون من مآسٍ، وتزيد إلى أوجاعهم آلاماً لا يعرف إلا الله متى ستنتهي، غير أن حكمة الدبلوماسية الوطنية ظلت موقنة أنها تستطيع الوصول إلى هدفها، فكان لها ما أرادت، بإصدار مجلس الأمن هذا القرار.

وفي مخاض عسير، اجتازت الكويت، ومعها السويد، عقبات العرقلات، والمفاوضات الشاقة المضنية، ومناوشات الأخذ والرد، وتعديل مسودة قرار الهدنة، وتأجيل التصويت، لتلقي إلى إخواننا وأخواتنا وأطفالنا في سورية الشقيقة بطوق نجاة ينتشلهم من جحيم الأهوال الذي يعيشونه، وتقف درعاً إنسانية تحول دون تلقي أهالينا هناك سيولاً من الضربات الجوية التي لا تعرف رحمة أو شفقة، ولا تميز بين صغير وكبير، ولا بين رجل وامرأة، مخلفة في الغوطة الشرقية وحدها، وخلال أسبوع، نحو 550 قتيلاً، بينهم أكثر من 200 طفل وسيدة، فضلاً عن أعداد غير محدودة تقبع تحت الانقاض والركام لم يُتمكن من الوصول إلى جثثهم، إضافة إلى ما يزيد على 3 آلاف جريح أغلبهم في حالة خطيرة.

القرار الذي خرجت به جلسة مجلس الأمن، التي ترأسها مندوب الكويت الدائم لدى الأمم المتحدة السفير منصور العتيبي، وصفته مندوبة أميركا في المنظمة نيكي هايلي بأنه "لحظة وحدة للمجلس"، وأن بلادها تريد أن تراه منفَّذاً بشكل كامل في كل أنحاء سورية، كما نظر إليه المندوب الفرنسي على أنه "يمثل الخطوة الأولى للتهدئة"... في وقت ينظر إليه كل محب للسلام على أنه بارقة أمل لإنهاء ظلام الأهوال التي تعيشها سورية، والتي يتساقط فيها من لا ذنب لهم من رضع وأطفال ونساء وأبرياء، وليس ببعيدة عنا تلك الأم التي انتُشِلت من تحت أنقاض بيتها في بلدة عين ترما، مع أطفالها الأربعة، ليكونوا شهوداً أمام الله تعالى على زمن أضحى بلا مشاعر، وقلوب أمست كالحجارة لا تئن لمنكوب أو ترق لمصاب.

وسط هذا الدمار وذلك التبلد غير المسبوق في مشاعر العالم، وتلك اللامبالاة بمآسي الأطفال السوريين الذين ينظرون حولهم فلا يدرون ماذا يحدث، ولا يجدون له مبرراً، ولا يسمعون سوى بيانات الشجب والاستنكار والأمنيات الجوفاء من هنا وهناك، وسط حطام وجوع وأمراض وتشرد وموت ومآسٍ وكوارث، وإزاء رُضّع بات حليبهم البارود وأغنيتهم طلقات المدافع وأملهم الموت الذي ينقذهم مما هم فيه... في خضم هذا كله، تحركت الكويت، من منطلق واجبها الإنساني الذي ألزمت نفسها به وبتوجيهات من أمير الإنسانية سمو الشيخ صباح الأحمد، فوظفت عضويتها في مجلس الأمن لإزالة بعض ما يعانيه أطفالنا في هذا البلد الشقيق، فكُلِّل مسعاها بالنجاح الصعب، الذي نرجو استكماله بوقف تام لأعمال القتال والقتل، لتبدأ سورية مرحلة جديدة ندعو الله أن يسودها السلام والأمن والاستقرار، لعلها تضمد بعض جراح الماضي الأليم، وتعلو عليها بمصالحة شاملة لكل أطياف البلاد، تتجه بها إلى مستقبل نرجو أن يكون مشرقاً.

الجريدة

back to top