فوضى رشاشات المياه تهدد الأمن وتفسد فرحة الاحتفالات الوطنية

الكهرباء تخاطب التجارة لمنع استيرادها وتدشين حملة لمنع الهدر

نشر في 21-02-2018
آخر تحديث 21-02-2018 | 00:05
تشكل الأعياد الوطنية مناسبات فرح وبهجة، احتفاءً بالذكرى التي تنطوي على مدلولات الاعتزاز بالتضحيات وبالولاء والانتماء للوطن.
وعلى قاعدة هذه الاعتبارات تتحول المناسبات إلى فوضى إذا أسيئت مظاهر الفرح، لاسيما إذا ما ترافقت تلك المظاهر مع الإساءة إلى الآخرين وإلحاق الأذى بهم أو التسبب في الإضرار بالمرافق العامة وتشويه الوجه الحضاري للمناسبة وللبلاد.
وعلى أعتاب الأعياد الوطنية التي تصادف الأسبوع المقبل، تعود ظاهرة فوضى الاحتفالات إلى التداول، لاسيما مع انتشار أسلحة رش المياه وبعض المعدات الأخرى، التي يعتبرها البعض من الأدوات الضرورية للتعبير عن فرحتهم بالمناسبة، وهو الاعتقاد الخاطئ الذي نهت عنه الأحكام القضائية والقرارات الإدارية والأمنية، لما ينطوي عليه من إساءة لمعاني الأعياد الوطنية وإضرار بالناس وتهديد لأرواح الأطفال الذين ينتشرون على الطرقات وبين السيارات لرش المارة بالمياه.
تفاعلاً مع ما نشرته «الجريدة» في عدد الجمعة الماضي تحت عنوان «فاتورة رش المياه... هدر 14 مليون غالون في الاحتفالات الوطنية»، حركت وزارتا الكهرباء والماء والداخلية وهيئة البيئة، المياه الراكدة في بحيرة الفوضى والمظاهر السلبية المستمرة عاماً بعد عام دون توقف، إذ تتجه «الكهرباء» إلى مخاطبة وزارة التجارة لمنع استيراد «رشاشات المياه».

وعلى مسافة 3 أيام من انطلاق احتفالات فبراير الرسمية، دشنت حملة جديدة لإيقاف هدر المياه، بعنوان «منع هدر المياه باستخدام رشاشات المياه في الأعياد الوطنية»، حيث توجد فرق الكهرباء وشرطة البيئة خلال الاحتفالات لمنع الهدر والاستغلال السيئ للمياه، الذي نتج عنه هدر بآلاف الدنانير، إضافة إلى الحوادث المرورية والمشاجرات، والفوضى وتهديد للأمن العام نتيجة «رشاشات المياه».

وفي محاولة لاحتواء الظاهرة، دعا وكيل وزارة الكهرباء والماء م. محمد بوشهري إلى المحافظة على المياه وعدم استخدام رشاشات الأطفال خلال الاحتفال بالأعياد الوطنية، مشددا على أن هذا السلوك يعد سلوكا غير حضاري ولا يمت إلى الاحتفالات بأي صلة.

وأشار إلى أن وزارة الكهرباء والماء حريصة على المحافظة على المياه، من خلال حملات التوعية المختلفة التي تقوم بها، لغرس ثقافة الترشيد في نفوس الجميع، سواء فيما يخص الكهرباء أو المياه، لافتا إلى أن المجهود الذي يبذله أبناء الكويت في توليد الطاقة وإنتاج المياه كبير جدا، إضافة إلى ملايين الدنانير التي تصرف من أجل إيصال تلك الخدمات للمستهلكين.

حملة توعية

من جانبها، قالت مديرة إدارة المراقبة الفنية في وزارة الكهرباء والماء إقبال الطيار، إنه بناء على توجيهات وزير الكهرباء والماء وزير النفط بخيت الرشيدي، ومتابعة وكيل الوزارة دشنت «الكهرباء» حملة للتوعية بأهمية المياه ومنع إهدارها خلال الاحتفالات الوطنية، مشيرة إلى أنه في العام الماضي تم هدر قرابة 14 مليون غالون من المياه قيمتها 140 ألف دينار، وأن الألف غالون يكلف الوزارة 10 دنانير.

وأشارت إلى أن وزارة الكهرباء والماء دعت المواطنين والمقيمين إلى التعاون معها، وتجنب هذا الهدر خلال الأعياد الوطنية، منوهة بأن الوزارة قامت بتصميم عدة «بوسترات» بها صور معبرة لما تعانيه الدول الفقيرة من مآسٍ بسبب ندرة المياه، وصعوبة الحصول عليها. وفي مقابل تلك الصور ما يقوم به الأطفال من إهدار للمياه في الأعياد الوطنية. وقد تم توزيع تلك «البوسترات» وتعليقها في الجمعيات التعاونية والمجمعات التجارية مقابل رشاشات المياه بهدف ايصال رسالة واضحة بأهمية تثقيف الأبناء بعدم هدر المياه خلال الأعياد الوطنية.

وقالت الطيار: «تم نشر فريق الترشيد في المحافظات الست، وزيارة مراكز التسويق المختلفة بها ولصق بروشورات الوزارة، إضافة إلى توعية رواد تلك المراكز بأهمية المحافظة على المياه».

ولفتت إلى أنه ستتم مخاطبة محطات تعبئة المياه لعدم استغلال تناكر المياه في الاحتفالات الوطنية بشكل سيئ، ومعاقبة كل من يثبت قيامه بهدر المياه عن طريق تنكر مياه.

مواد كيماوية

وبدورها، أشارت رئيس قسم الإعلام والمتابعة في العلاقات العامة في وزارة الأشغال العامة ليلى المقصيد إلى أن هناك العديد من الطرق الأخرى التي يمكن أن يحتفل بها الأطفال في الأعياد الوطنية، لافتة إلى أن استخدام المياه في الأعياد الوطنية خطر على الأطفال في المقام الأول، وخطر على من يتم رشهم بها.

وأضافت أنه كثيرا ما توضع مواد كيماوية في المياه تكون ضررا كبيرا على الأطفال وعلى الكبار ممن يتم رشهم بهذه المياه، إضافة إلى أنه كثيرا ما يتسبب في حوادث للناس خلال قيادة السيارات.

وتابعت: «ترك الأطفال في الشوارع بهذه الطريقة التي نراها في الاحتفالات الوطنية يكون أمرا خطرا على الأطفال، ويسبب لبعضهم الكثير من الحوادث، إذا لم يكن هناك رقابة على هؤلاء الأطفال»، مؤكدة أهمية المحافظة على المياه واللجوء إلى وسائل ترفيهية أخرى تكون بشكل آمن على الأطفال خلال الاحتفال بالأعياد الوطنية.

استيراد الرشاشات

وعلى صعيد متصل، قالت عواطف الزايد إنه كثيرا ما تكون المياه التي يتم رشها على الناس في الأعياد الوطنية مياها غير نظيفة، وتؤدي إلى إيذاء الأطفال أنفسهم الذي يلعبون برشاشات المياه، وكثيرا ما تحدث حوادث بسبب رش المياه، لذلك نتمنى ألا يحتفل الناس بالأعياد الوطنية ويستخدم الأطفال رش المياه على الآخرين.

وأضافت: «أتمنى من الأهالي أن يمنعوا أطفالهم من استخدام الرشاشات والبلونات المملوءة بالمياه، فهناك خسارة كبيرة للدولة وللأهالي من استخدام هذه الوسائل في الاحتفالات الوطنية وإهدار للمياه التي تكلف الدولة ملايين الدنانير في إنتاجها، وأتمنى أن تمنع الحكومة استيراد مثل هذه الرشاشات التي تسيء إلى احتفالاتنا الوطنية».

فرحة الديرة

من ناحيتها، أكدت المهندسة أنوار شداد من وزارة الأشغال أن الاحتفالات الوطنية فرصة لكي يظهر الناس حماسهم وحبهم تجاه الكويت، وتظهر هذه الاحتفالات تلاحم الشعب الكويتي وتعاونهم بعضهم البعض، إضافة إلى أن تلك الاحتفالات تظهر فرحة «الديرة» بأعيادها.

وأضافت: «هناك العديد من الوسائل للتعبير عن الاحتفالات الوطنية، بعيدا عن رش المياه، فرش المياه على الناس أمر غير راق، وهناك وسائل أخرى، سواء عن طريق الأغاني أو ارتداء الملابس أو المسابقات والفعاليات المختلفة التي ترتقي بفرحة الكويت بأعيادها».

الكويت تستحق

من جانبها، قالت المهندسة أفراح السعيد إن الاحتفال بالأعياد الوطنية لا ينبغي أن يكون برش الماء، أو أن نبني سعادة أطفالنا على ضرر الآخرين، وللأسف البعض يفهم الاحتفال بالأعياد الوطنية بطريقة خاطئة، ويعبر عن الفرحة برش الماء، مما يسبب الضرر للآخرين.

وأضافت: «الإساءة إلى الآخرين باسم الاحتفالات أمر غير حضاري، فرش الماء ظاهرة تسيء إلى الآخرين، وتسبب لهم الضرر، خصوصا أن الشخص الذي رش بالماء قد يكون مريضا بمرض ما».

وقالت السعيد إن هناك البعض يقومون بإضافة مواد إلى الماء الذي يرش على الناس، فيتسبب في إيذاء الآخرين، إضافة إلى ذلك بعد أن تنتهي الاحتفالات نجد الشوارع مع الأسف «متسخة»، ولا يقوم هؤلاء المحتفلون بالتنظيف بعد انتهاء احتفالاتهم، وما يحدث ليس مظهرا للاحتفال بالعيد الوطني، فالكويت تستحق من عندنا أن نحتفل بها بطريقة حضارية.

تخريب الفرحة

بدورها، قالت فاطمة العلي من إدارة العلاقات العامة في وزارة الأشغال العامة إن ظاهرة رش الماء في الأعياد الوطنية ظاهرة سلبية جدا، ولا تعود بالمنفعة على أحد، وليست مظهرا من مظاهر الاحتفال في شيء، لأنها ظاهرة مؤذية، ومزعجة جدا للناس، إضافة إلى أنها بعيدة عن الحضارة، وعن الرقي الحضاري.

وأضافت: «لابد أن يكون الاحتفال بالأعياد الوطنية بصورة إيجابية وبصورة جيدة، ولا أرى أن الفرح بالأعياد الوطنية يدفع الى استخدام المياه لرش الناس»، لافتة إلى أن هناك الكثير من الناس تضرروا من هذه الظاهرة، ولم يكن من رش عليه الماء سعيدا بما قام به الآخرون تجاهه خلال تلك الاحتفالات، إضافة إلى أن ظاهرة رش الماء «خربت على الناس فرحتها».

ولفتت إلى أن المسؤولية الأولى تقع على الاهل الذين نرى بعضهم يتسابق لشراء اسلحة رش المياه لابنائهم دون اي اعتبارات, في حين ينبغي ان يقوم الاهالي بتوعية ابنائهم بكيفية الحفاظ على المعاني الايجابية للاحتفالات، وعدم الإضرار بالآخرين.

وقالت إن هناك العديد من الطرق التي تبعث البسمة والفرحة على وجوه الأطفال بعيدا عن رش المياه، وعلى الشعب الكويتي بمناسبة تلك الاحتفالات العزيزة على الجميع.

إعلانات التحذير والتزام الأهالي

في جولة لـ«الجريدة» على عدد من محلات الألعاب، كشف بعض الباعة أن ملصقات وزارة الكهرباء والماء، التي تحذر من استخدام رشاشات المياه، لم تؤد إلى نتيجة كبيرة، بدليل أن الكثير من الأهالي يقرأون الملصقات ثم يصرون على شراء ألعاب المياه لأبنائهم «خلهم يفرحون... وهذه فرحة».

ويشير الباعة إلى أن قلة من الأهالي يعدلون عن شراء رشاشات المياه ويقنعون أبناءهم بضرورة الامتناع عن الإضرار بالناس.

ويختم أحد الباعة بقوله، «كان الأجدى منع استيراد رشاشات المياه وتلافي ظاهرة استخدامها في المناسبات الوطنية، وهي طريقة أكثر فاعلية من السماح باستيرادها ومنع استخدامها».

رش المياه في الأعياد هدر وسلوك غير حضاري ... بوشهري

الهدر يخالف سياسة الدولة في المحافظة على المال العام... الطيار
back to top