مشاعرك... كلما أطلقت لها العنان تحكّمت فيك

نشر في 06-02-2018
آخر تحديث 06-02-2018 | 00:02
No Image Caption
مشاعر الإنسان «أدوات» ضرورية لكتابة الشعر، لا سيما تلك العواطف التي تعبِّر عن الحبّ والإخلاص والشرف والاحترام والصداقة، وغيرها من المشاعر النبيلة التي ترسم شخصيتنا. إلا أنها منذ ستينيّات القرن الماضي على الأقلّ، أصبحت كلّها، السلبية والإيجابية، تستحقّ التعبير عنها واكتشافها.
ولكن هل علينا فعلاً إطلاق العنان لمشاعرنا في كل مرة نشعر بها بالحزن أو الاستياء أو غيرهما؟
الغيرة، والألم، والغضب، والكراهية، والشماتة، والسخط، والحزن العميق، مشاعر تنتاب المرء «طبيعياً»، ما يجعلها صحية. ولما كنا نمرّ بأوقات تراودنا فيها هذه الأحاسيس، فإنها تبقى أصيلة، والأصالة تؤدّي دوراً في غاية الأهمّيّة في «عصر المشاعر» هذا.

حتّى الغيرة والكراهية والغضب وغيرها من مشاعر قويّة تعتبر «صالحة للاستعمال»، ونحن في الواقع نكسر قاعدة اللياقة بنعتها بالـ«سلبيّة». لكنّها تبقى مؤذية، سواء توافرت الظروف التي تبررها أو لا. إلا أننا لاحظنا وجود منحدرٍ زلقٍ حيث لا يسمح لأحد بأن يأخذ موقفاً ضد إطلاق هذه المشاعر في كل مرة تجتاحنا لئلّا يوصف بأنّ أحكامه ضيّقة العقل.

عيش الأحداث مجدداً

تزدهر قطاعات عدة بفضل هذه المشاعر والتجارب السلبيّة، علماً بأنها ربما تكون هي من أثارها في المقام الأوّل. مثلاً، صار عمود النميمة موقعاً إلكترونيّاً، وعندما يقوم المتضرّرون بجولاتٍ حواريّة، يُشَجّعون على عيش الأحداث التي حفّزت هذه المشاعر مراراً وتكراراً.

كذلك في بعض العلاجات الحواريّة، يُشجّع المشاركون على التحدّث أكثر عن مشاعرهم السلبيّة ليصلوا إلى جذورها، من ثم يظهّرونها. لكنّ ذلك لا يؤدي إلى النتيجة المطلوبة دائماً. أحياناً، بل غالباً، ينتج عن الكلام تأثير معاكس.

صحيح أنّ علينا التحدّث في أوقات كثيرة عن مشاعرنا والأحداث التي سبقتها، كذلك لا بدّ من ذكرها مرّات عدة أحياناً لمعالجتها، أي فهمها والتمكّن من حلّها. ولكن سواء كنتَ معالجاً نفسيّاً أو مجرّد صديق حقيقي، فمن المهمّ أن تكون مستمعاً لطيفاً وتراعي مشاعر الآخر. ومن الضروري ألّا تحاول إجباره على التخلّص من عواطف حقيقيّة ناجمة عن حالات مؤلمة أو مؤذية.

كذلك يختلف وقت الاستماع الضروري من حالةٍ إلى أخرى، ولكن غالباً لا تعتبر مراجعة مواقف أليمة والمشاعر التي حملتها، مراراً وتكراراً، خطوة صحّيّة ولن تؤدي بالضرورة إلى تطوير الشخصية.

يبدو أنّنا نشَجّع على التركيز باهتمامٍ شديد على ما يزعجنا والتحدّث عنه بصورة متكرّرة. في البرامج الحواريّة، ينضمّ الجمهور إلى السخط الحاصل هذا، ما يبرّر غالباً المشاعر السلبيّة ويجسّدها بدلاً من التخفيف منها. ومن خلال الاستسلام لها، وإطلاقها المرّة تلو الأخرى، تخرج عن السيطرة أحياناً، فلا تعود تتملّكها بل هي تتملّكك وتسيطر على عقلك وجسمك ونفسك.

تغيير

لتحقيق التغيير، علينا أن نؤمن بالحاجة إليه. إذا كنت تشعر بأنّ تبرير مشاعرك السلبيّة واحتضانها يخدمك، ستغيب عنك الرغبة في البدء بشكلٍ استباقي بتنفيذ خطّة لإيقاف هذه الأحاسيس.

وإذا كنت تسعى إلى التأكد من صحة الشعور السلبي كلّما راودك، فربّما لن تدرك متى تكون مشاعرك غير متناسبة أو غير مرغوبٍ بها أو مبالغاً فيها.

بالطبع، تكثر أسباب المشاعر السلبيّة التي تراود الناس، ويشكّل بعض منها أعراضاً لأمراض عقليّة، لذا لا بدّ من اللجوء إلى علاجاتٍ أخرى. وإلّا، لا تدع هذه الأحاسيس تتملّكك، بل اعتبرها خطوة في المسار نحو نموّك الذاتي، فتفرض سيطرتك عليها وتمضي قدماً.

back to top