«دماغ الطفل» لدى الحوامل... ظاهرة حقيقيّة؟

نشر في 02-02-2018
آخر تحديث 02-02-2018 | 00:00
No Image Caption
تبلّغ نساء عدة عن تراجع قدراتهنّ المعرفيّة خلال الحمل، لكنّ بعض الدراسات يشكّك في صحّة هذه الظاهرة. حاول بحث حديث تسوية هذا الجدل.
تتحدّث نساء حوامل عن مشاكل معرفيّة يمررن بها، كصعوبةٍ في التركيز والقراءة وتذكّر أمور، وارتباك ونسيان. تُعرف هذه الأعراض مجتمعةً بظاهرة "دماغ الطفل" أو بالعامّيّة "مومنيزيا". أظهرت دراسة قديمة أن بين 50 و80% من النساء اختبرن هذه الحالة، بحسب قولهن.

يتداخل "دماغ الطفل" مع الحياة اليوميّة؛ فتعترف حوامل بأنهن فقدن الطلاقة في الكلام وقلّ تماسكهنّ في العمل، أو كنّ ينسين المواعيد أو يعجزن عن العودة إلى الوظيفة بسبب هذا القصور الإدراكي. ورغم هذه الروايات، فيرى بعض الدراسات أنّ ظاهرة "دماغ الطفل" مجرّد أسطورة.

صحيح أنّ أمّهات حوامل أبلغن عن مشاكل في الذاكرة، ولكن يرجّح أنّ هذه الأعراض تظهر نتيجة للتعب وليس بسبب تغيّراتٍ في وظائف الدماغ. مع هذا، ثمّة دراسة تشدّد على أنّ الحمل يغيّر الدماغ نحو سنتين، مع انخفاضٍ ملحوظ في المادّة الرماديّة في الدماغ، بحسب ما أظهر الماسح الضوئي.

لوضع حلٍّ للجدل القائم، أجرى باحثون من جامعة "ديكين" في مدينة فيكتوريا في أستراليا تحليلاً استخلاصيّاً شمل 20 دراسة تظهر وجود رابطٍ بين الحمل والإدراك. نذكر أنّ المؤلّفة الأولى للتحليل هي د. ساشا دافيز، مرشّحة في جامعة "ديكين"، وأن النتائج نُشرت في Medical Journal of Australia (المجلّة الطبّيّة في أستراليا).

مراجعة دراسات

شارك في التحليل الذي أجرته دافيز وزملاؤها 709 نساء حوامل، و521 امرأة أخرى لسن حوامل ويشكّلن فريق الرقابة. تتبعت الدراسات الوظيفة المعرفيّة العامّة المعروفة بـ"مجموعة شاملة من العمليّات، كالذاكرة والانتباه والأداء التنفيذي وسرعة معالجة المعلومات والقدرات اللفظيّة والتفكير المرئي". كذلك حلّل فريق الباحثين الذاكرة والانتباه والأداء التنفيذي، أي القدرة على التخطيط، والانتقال من فكرةٍ إلى أخرى بمرونة، وحلّ المشاكل وقوّة التجريد.

وجدت دافيز وفريقها أنّ "الوظيفة المعرفيّة العامّة والذاكرة والأداء التنفيذي كانت أفقر بشكلٍ ملحوظ لدى الحوامل مقارنة بفريق الرقابة، خصوصاً في المرحلة الثالثة من حملهنّ".

قال الباحثون: "تتطوّر الاختلافات بالمقام الأوّل في المرحلة الأولى من الحمل، وتتّفق مع النتائج الحديثة حول الانخفاض طويل الأمد في حجم مادّة الدماغ الرماديّة خلال الحمل". ويشرحون أنّ التراجعات المعرفيّة وُجدت "بين المرحلتين الأولى والثانية في الوظيفة المعرفيّة العامّة والذاكرة، وليس بين المرحلتين الثانية والثالثة".

أداء معرفي طبيعي

ترى دافيز وفريقها أن من الضروري التحقّق أكثر من كيفيّة تأثير هذه التغيرات المعرفيّة في حياة الحوامل اليوميّة، ويحذّرون من التفسير المتسرّع للنتائج. تقول ليندا بايرن، مؤلّفة مشاركة في الدراسة: "يجب تفسير هذه النتائج بحذرٍ، خصوصاً أنّ الانخفاضات مهمّة إحصائيّاً، لكنّ الأداء يبقى ضمن الحدود الطبيعيّة للوظيفة المعرفيّة العامّة والذاكرة".

كذلك تعلّق ميليسا هايدن، مؤلّفة مشاركة في الدراسة، على النتائج قائلة: "هذه التراجعات الصغيرة في الأداء خلال الحمل ستكون واضحة للنساء الحوامل أنفسهنّ وربّما للمقرّبين منهنّ، فتظهر بشكلٍ أساسي كهفواتٍ طفيفة في الذاكرة، كنسيان حجز مواعيد طبية أو الحضور إليها. مع هذا، يقلّ احتمال ورود عواقب أكثر أهمية، كتراجع الأداء في العمل، أو ضعف القدرة على التنقّل بين مهام معقّدة".

back to top