نظرة حول إدارة «التحقيقات» في التشريع الكويتي

نشر في 16-01-2018
آخر تحديث 16-01-2018 | 00:24
 محمود العروسي الواقع أن نظام الإدارة العامة للتحقيقات له أصله العريق، فقد ارتبط التحقيق في دولة الكويت منذ القدم بجهة الشرطة (وزارة الداخلية)، والهدف من هذا النظام هو تحقيق المصلحة العامة للمجتمع ككل ومراعاة تطبيق القانون. كما أن البين في التشريع الجزائي الكويتي ان نظام الادارة العامة للتحقيقات كجهة قضائية أصيلة ينظمها القانون رقم 53 لسنة 2001 في شأن الادارة العامة للتحقيقات ومن قبل وفقاً لاحكام المادة 9 معدلة من قانون الاجراءات والمحاكمات الجزائية والمواد التالية لها.

ونجد أن الإدارة العامة للتحقيقات حددت اختصاصاتها وفقا لقانون الاجراءات والمحاكمات الجزائية، وتلك الادارة، وإن كانت تتبع وزارة الداخلية، فهي تبعية إدارية، فكل أعمالها أعمال قضائية، ولذلك نقترح تسميتها بهيئة الادعاء العام والتحقيق بوزارة الداخلية.

ووفقاً لهذه الرؤية وبالاستناد الى السياسة الجنائية الحديثة ووضع الامور في نصابها الصحيح ينبغي أن يضيف المشرع الكويتي نصا خاصا بالادارة العامة للتحقيقات إلى نصوص قانون الاجراءات للتأكيد على استقلال هيئة الاعاء العام والتحقيق (أو ما يسمى الإدارة العامة للتحقيقات)، ومنع التداخل بين الاعمال القضائية التي تقوم بها وبين الأعمال القضائية التي تقوم بها النيابة العامة، وهو الأمر الذي يجعلنا نشير الى خصوم الدعوى الجزائية في الجنح، فخصوم الدعوى الجزائية في الجنح هم الادعاء العام والمتهم والمجني عليه، ووفقاً لنصوص قانون الاجراءات الجنائية الكويتي ينبغي الإشارة الى مصطلحين هما المدعي- والمحقق.

والمدعي في الدعوى الجزائية هو ممثل المجتمع ويتجسد في النيابة العامة، ومحقق الإدارة العامة للتحقيقات، أما المحقق فهو مصطلح يخص المكلف بالاتهام والتحقيق والتصرف في الجنايات وفي الجنح، وهو في الجنايات اعضاء النيابة العامة، وهو في الجنح اعضاء الادارة العامة للتحقيقات.

وأعضاء الادارة العامة للتحقيقات هم من يتولون الدعوى الجزائية في الجنح والتصرف في التحقيق وإحالة الدعوى الجزائية للمحاكمات أو حفظها لأسباب عدة حسبما هو منصوص عليه في المواد (102) و(103) و(104) من قانون الاجراءات، ولا فرق في ذلك بين عملهم هذا وعمل اعضاء النيابة العامة في الجنايات، وهنا لا بد من الاشارة الى اول امر يتعلق بالتحقيق.

ومن أهم سمات التحقيق أن يتم تدوينه، ولذلك إذا كان يلزم ان يكون التحقيق مكتوباً، فلابد من الاستعانة بكاتب للتحقيق، وذلك ليتفرغ المحقق لعمله الفني. وإذن ينبغي النص على استصحاب المحقق في جميع اجراءات التحقيق كاتباً يوقع معه على المحاضر، كما أنه لا بد ان يعطي المحقق حق التصرف في التحقيق بمذكرة سواء بوجوب إحالة الدعوى الى المحاكمة بعد ان نبين وصف الوقائع وقيدها وفقا للنصوص الواجبة التطبيق في قانون الجزاء، والقوانين الخاصة الملحقة به، او بوجوب حفظها للأسباب القانونية التي يراها، ثم ترفع الى ادارة الادعاء العام (والتي أرى أنها كالنيابة الكلية بالنسبة للنيابات الجزائية عندما تراجع مذهب النيابة الجزائية في القيود والأوصاف التي تضمنتها مذكرتها سواء بوجود رفع الدعوى الى محكمة الجنايات أو حفظها للأسباب القانونية التي تراها).

إذا كان إدارتا التحقيق والادعاء العام أهم الإدارات التي تعني بسير الدعوى الجزائية سواء كانوا محققي المخافر في كل محافظات الكويت أو المدعين العموميين، فإنه ينبغي أن يكون عمل إدارة الادعاء العام قاصرا على مراجعة ما ذهبت إليه تحقيقات المحافظات، وما انتهى اليه من قيد ووصف أو ما انتهى اليه من وجوب حفظ الدعوى.

والمؤكد أنه لابد ان يقتصر عمل الادعاء العام على الإشراف على تحرير صحف الاتهام التي تحال الى المحاكم أو الإشراف على قرارات الحفظ، لأن في هذا الإشراف فقط فرصة كافية لإتمام أعمال التحقيق على أكمل وجه.

وفي الختام فإن المحقق كوكيل النيابة يقيم الدعوى الجزائية، ويحقق فيها ويرفع أوراق الدعوى الى الادعاء العام بمذكرة للتصرف فيها والوصول بأوراق القضية التي يحقق فيها، إما الى اعداد صحيفة اتهام او اصدار قرار حفظها فيها.

مع تمنياتنا في ظل الإدارة الرشيدة لكل المسؤولين في الإدارة العامة للتحقيقات أن يوفقهم الله في عملهم وحسن سير العدالة.

back to top