إيران... الثورة قادمة!

نشر في 01-01-2018
آخر تحديث 01-01-2018 | 00:20
 صالح القلاب لو أن كبار المسؤولين الإيرانيين، أصحاب القرارات الحاسمة، غير مصابين بداء العظمة الفارغة، لاستعرضوا تجارب التاريخ، لاستخلاص العِبر والدروس، ولما أخذوا بلادهم إلى هذا التمدد الإقليمي الاحتلالي المُكْلف، وعلى الأصعدة كافة، وخاصة على لقمة عيش نسبة كبيرة من أهل هذا البلد، الذي يؤهله موقعه الجغرافي وتؤهله مصادره الطبيعية لينعم ببحبوحة من العيش والاستقرار والهدوء، وبعلاقات حُسن جوار مع الدول التي تربطها به وتربطه بها علاقات تاريخية من المفترض أنها وطيدة وراسخة، ولا تعكر صفوها النزعات التوسعية على أسس غير صحيحة، والتي يجب ألا تكون، وخاصة في هذه المرحلة، التي تتعرَّض فيها هذه المنطقة لزلازل سياسية مرعبة بالفعل وخطيرة.

كان يجب أن يدرك القائمون على النظام في طهران أن احتلال الاتحاد السوفياتي لأفغانستان وتمدده فيها، هو أحد الأسباب الرئيسة لانهياره، وأن توسع الدول التي تعتقد أنها رئيسة؛ إقليمياً ودولياً، على حساب دول الجوار، سيؤدي بالنتيجة إلى انهيارها. وحقيقة، إن أي عاقل يدقق في هذا الذي تفعله إيران في عدد من الدول العربية سيتأكد أن نهاية هذا التمدد الاحتلالي ستكون كارثية ووخيمة على دولة وصلت النزعة الاستحواذية لدى من يحكمونها إلى ما يسمى: "فالج لا تعالج".

عندما تلجأ إيران، التي تحوَّلت "ثورتها" إلى قطة أكلت خيرة أبنائها، إلى كل هذا الانتشار العسكري والاستخباري والميليشياوي في أربع دول عربية، هي: العراق وسورية ولبنان واليمن، فإنه أمر طبيعي أن تكون هناك هذه الانتفاضة الهائلة، التي شملت ستين مدينة إيرانية، والتي بات في حُكم المؤكد أنها ستتحوَّل من حركة عفوية إلى حركة منظمة. ويقيناً، أنه عندما يرفع المنتفضون الشعارات نفسها التي رُفعت في عام 1979، وأيضاً شعارات الحركة الإصلاحية، التي قادها حسين موسوي، الذي هو قيد الإقامة المنزلية الإجبارية منذ عام 2009 حتى الآن، فإن هذا يعني أن القادم سيكون أعظم، وأن مصير الشاه محمد رضا بهلوي الراحل سيكون مصير هذه المجموعة الحاكمة.

والمضحك حقاً وفعلاً، أن المتربعين على كراسي الحُكم في طهران لم يجدوا ما يواجهون به هذه الانتفاضة الباسلة إلا بوصفها بأنها "تظاهرات غير قانونية". والسؤال هنا هو: هل يا تُرى تظاهرات عام 1979، التي أسقطت نظام محمد رضا بهلوي، كانت قانونية؟! وهل استهداف فصائل الحركة الوطنية الإيرانية كـ"مجاهدي خلق" و"فدائيي خلق" وحزب "توده" وغيرها كان قانونياً؟ وأي قانون؟!

قد يستطيع هذا النظام، الذي أطلق العنان لهذه المجموعات المتطرفة المصابة بكل عُقد التاريخ البعيد والقريب، إخماد هذه الانتفاضة لبعض الوقت، لكن ما يجب أن يدركه، أن ما بات يعانيه الشعب الإيراني يجعله غير قادر على إخمادها كل الوقت، فإخماد ثورة محمد مصدق في بدايات خمسينيات القرن الماضي كان أحد الحوافز الرئيسة لثورة عام 1979.

والمؤكد أن هذه الانتفاضة ستكون كطائر العنقاء الأسطوري، كلما وُضع بين ألْسنة النيران ينتفض مجدداً ويحلِّق ثانياً ومرة أخرى، ليلامس جناحاه غيوم السماء. وهكذا، فإن مَن لا يعرف هذا، فعليه أن يعود لقراءة كتب التاريخ مجدداً ومرة أخرى.

back to top