رحيل «ميكي مصر» مكاوي سعيد تغريدة «البجعة الأخيرة»

نشر في 07-12-2017
آخر تحديث 07-12-2017 | 00:00
مكاوي سعيد
مكاوي سعيد
فقد الوسط الأدبي في مصر الأديب الكبير مكاوي سعيد عن عمر يناهز الـ61 عاماً، إذ غيبه الموت بغتة ليفاجأ الأدباء والكتاب برحيله بعد ساعات من مغادرته مقهى «زهرة البستان»، أحد أشهر المقاهي الأدبية في وسط البلد. ويعد سعيد الشهير بـ{ميكي» إحدى العلامات الأدبية التي ميزت وسط القاهرة، إذ كان يرتدي «البيريه» كتوفيق الحكيم ويجلس إلى المقهى مستقبلاً المريدين والمحبين، ثم يحكي لهم قصص الشوارع والأرصفة ومقتنيات وسط البلد، وتاريخ القاهرة الفاطمية، وسير الأدباء والكتاب الرواد.
بدأ مكاوي سعيد الكتابة منذ أواخر السبعينيات، صدرت أولى مجموعاته القصصية «الركض وراء الضوء»، ثم «فئران السفينة» التي حصلت على جائزة سعاد الصباح، ثم «تغريدة البجعة» التي وصلت إلى قائمة «البوكر العربية» في أولى دوراتها. وله كتاب «مقتنيات وسط البلد» حيث يرصد شخصيات ذات طابع مميز، ويتناول تاريخ المقاهي والأماكن المهمة، وأصدر كتاب «رسائل من الميدان» عن ميدان التحرير وتجلياته، وكان آخر آعماله رواية «أن تحبك جيهان» عن الدار المصرية اللبنانية.

تغريدة

نعاه وزير الثقافة المصري حلمي النمنم، مشيراً إلى أن مكاوي سعيد، أحد المبدعين البارزين الذين شاركوا في الحياة العامة، ولم يكن بعيداً عن الحوادث الوطنية، حتى أنه لقب بـ «شاعر الجامعة»، فقد كان شاهداً على الحوادث التي عاشتها مصر، فكتب عنها ونقلها في أعماله.

وأكد وزير الثقافة أن مكاوي سعيد لم يكن كاتباً متابعاً للحوادث، أو شاعراً فحسب، بل كان روائياً ناجحاً، ومن خلال أعماله الروائية، رُشِّح لأهم الجوائز العربية، من بينها ترشحه لجائزة البوكر عن «تغريدة البجعة».

وأشار الشاعر شعبان يوسف إلى بداية تألق الكاتب مكاوي سعيد في أوائل التسعينيات برواية «فئران السفينة»، فهو تمكن من إحداث حراك ثقافي في منطقة وسط البلد، خصوصاً بارتباطه بقوة بمقاهي وسط البلد، ومن بينها «زهرة البستان»، وقهوة «الندوة الثقافية» بباب اللوق، و«زرقاء اليمامة».

وتابع شعبان يوسف أن رواية الراحل الأهم والأشهر التي أحدثت حراكاً ثقافياً قوياً، هي «تغريدة البجعة» حيث اعتمد على الهامش الاجتماعي في كتاباته، لافتاً إلى أن الروائي من كثرة زيارته منطقة وسط البلد كان صديقاً للأدباء كلهم وكاتم أسرارهم، وتمكن من خلال ارتباطه الوثيق بهذه المنطقة أن يكتب الكتاب المهم «مقتنيات وسط البلد».

بدوره قال الدكتور شاكر عبد الحميد، وزير الثقافة الأسبق، إن أعمال سعيد ذات مكانة مهمة في الأدب العربي، ومن بينها «فئران السفينة»، و{تغريدة البجعة» التي ترجمت إلى اللغة الأجنبية، ورواية «أن تحبك جيهان»، وأكّد شاكر عبد الحميد أن موت مكاوي سعيد يعتبر خسارة للأدب العربي، فنحن كنا ننتظر منه المزيد.

وأصدر «اتحاد كتاب مصر» برئاسة الدكتور الشاعر علاء عبد الهادي، بياناً نعى فيه الراحل، وقال عبد الهادي، إن الروائي الكبير مكاوي سعيد أحد أبرز الكتّاب المبدعين، الذين انشغلوا بحياة البسطاء، وكان دائماً قريباً من الحوادث الوطنية التي عاشتها مصر، وعبَّر عن ذلك في أعماله، وأوضح أن مكاوي سعيد تميَّز بالبساطة، فسكن في قلوب الناس، ورحل اليوم بجسده، لكن أعماله تظلّ باقية بيننا.

ذات مكان

بدأت رحلة مكاوي سعيد مع الكتابة أواخر السبعينيات حين كان طالباً في كلية التجارة جامعة القاهرة، وكان حينذاك مهتماً بكتابة الشعر العامي والفصيح عقب تأثره بدواوين صلاح عبد الصبور وأحمد عبد المعطي حجازي والبياتي والسياب والفيتوري، ونشرت قصائد عدة له في مجلة «صوت الجامعة» وغيرها. كذلك كانت له نشاطات دائمة في الندوات الثقافية بالجامعة حتى حصل على لقب شاعر الجامعة عام 1979.

بدأ عقب تخرجه كتابة القصة القصيرة، متأثراً بيوسف إدريس، وقصص مكسيم غوركي وتشيكوف، بالإضافة إلى روايات ديستويفسكي وهيمنغواي، وفي بداية الثمانينيات، شارك في ندوات دائمة بمقاه شهيرة بوسط البلد كعلي بابا وأسترا وسوق الحميدية، حيث كان يلتقي الأدباء الكبار والقصاصين الجدد الذين يتلمسون الطريق، وعرض قصصه الأولى في هذه الندوات وأثنى عليها كثيرون. كذلك فاز بعضها بجوائز في مسابقات نادي القصة بالقاهرة. وتعّرف في مقهى علي بابا إلى القاص يحيى الطاهر عبد الله، وقرأ عليه قصصه فأعجبته، واختار بعضها لإرساله إلى مجلات عربية بتزكية منه، وفي تلك الفترة نشرت له قصص بمجلات وصحف مصرية، وأسهم في نشرات بالإستنسل، تضم قصصاً لمجموعة كتاب شباب أمثال يوسف أبو رية، وسحر توفيق، وعبده المصري.

رشح لجائزة البوكر عن رواية «تغريدة البجعة» 2008-2007، ورُصدت جوانب من سيرة حياته وأعماله في فيلم تسجيلي بعنوان «ذات مكان».

back to top