الرأسمالية... هل تدمر الأرض؟

نشر في 02-12-2017
آخر تحديث 02-12-2017 | 00:00
 انفستور بيزنس ديلي هذا سؤال يطرحه أنصار حماية البيئة في العالم بين الحين والآخر، وهم يرون أن الهدف من وراء محاربة تغير المناخ لا يمكن أن يتحقق ما لم يتم إلحاق الهزيمة بالرأسمالية أولاً، ثم إن حقيقة عدم وجود دليل على دعم هذا الزعم لا تبدو ذات أهمية على الإطلاق.

وكانت الجهة الأخيرة التي أطلقت بقوة هذه القضية هي جامعة ولاية أريزونا التي قال البروفسور بنجامين فونغ فيها في مقالة نشرت في صحيفة نيويورك تايمز في الآونة الأخيرة تحت عنوان "أزمة المناخ؟ إنها الرأسمالية بالتأكيد".

وكتب البروفسور فونغ يقول: "يجب أن نوضح بصورة تامة أن المسؤولية تقع على عاتق الرأسمالية" كما قال في وقت لاحق إن "الغباء المتزايد من جانب الرأسمالية هو الجواب على هذا السؤال". وهو يرى أن الحل يتمثل في قيام "مجتمع اشتراكي ديمقراطي" بشكل محدد.

وتجدر الاشارة الى أن البروفسور فونغ ليس الشخص الوحيد الذي يطرح وجهة النظر هذه، فقد تضمن الكتاب الذي نشره نعومي كلاين في سنة 2014 تحت عنوان "هذا يغير كل شيء: الرأسمالية في مواجهة المناخ"، وهو يجادل في أن كوكب الأرض يسير الى الهلاك ما لم يتخل العالم عن "عقيدة الأسواق الحرة" حسب رأيه.

نظرة أممية

وتقر كريستينا فيغيرس وهي المديرة التنفيذية لاطار العمل لمعاهدة تغير المناخ التابعة للأمم المتحدة بأن الهدف من وراء سياسة تغير المناخ لم يكن يقتصر على تحقيق خفض في انبعاثات ثاني أكسيد الكربون فقط بل "تغيير نموذج التنمية الاقتصادية الذي كان سائداً لمدة 150 سنة على الأقل ومنذ فترة الثورة الصناعية" على وجه التحديد.

دعونا نفترض من قبيل المجادلة فقط أن شيئا يقوله دعاة حماية البيئة عن الاحتباس الحراري كان صحيحاً تماماً – وأن نماذج الحواسيب كانت دقيقة وصحيحة بصورة كاملة في ما يتعلق بتوقعات مستقبل الاحتباس الحراري وأن النتيجة سوف تكون سلبية بصورة تامة.

إن السؤال الذي يطرح نفسه في هذا السياق هو هل يقع اللوم على عاتق الرأسمالية؟ ثم دعونا نستعرض الدليل.

أصبحت دول الأسواق الحرة تصدر كمية من الكربون أقل كثيراً بمرور الوقت على أي حال، وتظهر معلومات الأمم المتحدة أن الولايات المتحدة أطلقت نسبة 62 في المئة مقابل كل دولار من ناتجها المحلي الاجمالي في سنة 2014 أقل من انبعاثات سنة 1990، وفي هونغ كونغ التي تصنف كأكثر اقتصاد حر هبط انبعاث الكربون فيها بنسبة 58 في المئة خلال تلك الفترة.

ماذا عن الدول الاشتراكية؟ كان معدل انبعاث الكربون في الصين الشيوعية 86 في المئة أكثر مقابل كل دولار من ناتجها المحلي الاجمالي مقارنة مع الولايات المتحدة كما كان معدل انبعاث الكربون في روسيا أعلى بحوالي 50 في المئة.

وعلى صعيد عالمي انخفضت انبعاثات الكربون بصورة ثابتة منذ عام 1990 وكانت تلك السنوات التي انتشرت فيها رأسمالية الأسواق الحرة وبداية نظر العالم الى تغير المناخ بصورة جدية.

ويرجع ذلك الى حقيقة أنه حتى من دون اشراف أي حكومة كانت الأسواق الحرة تكافئ الفعالية وكان أحد أكبر مصادر الهدر يتمثل في استخدام الطاقة، ولذلك فإن محاولة زيادة الربح تعني بالتأكيد درجة أقل من استخدام الطاقة والتلوث بما في ذلك ثاني أكسيد الكربون.

وكانت الأسواق الحرة أيضاً "مستدامة" لأن الشركات تريد الاستمرار في العمل، وذلك يعني التأكد من ديمومة الموارد في الأجل الطويل.

وعلى العكس من ذلك فإن الاشتراكية هي عمل قذر، وكان الاتحاد السوفياتي مصدر تلوث كبير وكذا الحال بالنسبة الى دول الكتلة الشرقية الاخرى، وقال توماس دي لورنزو في عام 1992 إن "العالم الاشتراكي يعاني من أسوأ تلوث على وجه الأرض".

وفي الولايات المتحدة تعتبر الحكومة الفدرالية المستهلك الأكبر للطاقة ومصدر التلوث الأول على الرغم من عدم وجود أي بواعث للربح.

والحقيقة البسيطة هي أنه مادام هناك أناس على كوكب الأرض سوف توجد حاجة الى الحصول على أشياء، والطريقة الأفضل والأكثر استدامة لتقديم تلك الأشياء الصديقة للأرض هي عن طريق رأسمالية الأسواق الحرة بكل تأكيد.

في رسم السياسة ولاسيما وسط وضع اقتصادي مائع يتعين على البنوك المركزية النظر إلى الأخطاء التي قد ترتكبها ولو بصورة غير متعمدة
back to top