إدراك الاحتمال الفعلي للصراع في كوريا الشمالية

نشر في 17-11-2017
آخر تحديث 17-11-2017 | 00:02
 ريل كلير خلال الإعصار ثمة فسحة من الهدوء عندما تحل عين العاصفة، إلا أنها مجرد وهم، ونحن اليوم في عين العاصفة في مسألة كوريا الشمالية، لكن الوضع قد يتبدّل عندما تنجح كوريا الشمالية أخيراً في تطوير قوة نووية وبالستية عالية المصداقية.

لم نبلغ هذه المرحلة بعد، ولهذا السبب بالتحديد يُعتبر الصراع اليوم أكثر احتمالاً من أي وقت لاحق، حين تصبح العواقب بالنسبة إلى الحلفاء الإقليميين والولايات المتحدة بحد ذاتها أكبر من أن يخاطروا بمواجهتها.

منطقَا المواجهة التوأمان

بما أن كوريا الشمالية الطرف الأضعف، تعتمد مصداقيتها ومفهومها الأمني على الإعراب بشكل متواصل عن التقدم العسكري، أما وقف البرنامج النووي والبالستي مقابل التخفيف من العقوبات الاقتصادية فتعتبره بيونغ يانغ انتحاراً على الأمد الطويل.

في المقابل لا تستطيع الولايات المتحدة الوقوف مكتوفة اليدين والسماح لذلك التقدم بالمضي قدماً، فواشنطن تخسر مصداقيتها بسرعة وتخاطر بازدياد أعداء آخرين جرأة وخصوصاً إيران.

يتحدث المعلقون عن خطر إشعال الأزمة عرضاً أو نتيجة سوء فهم بين القائدَين وجيشيهما، لكن الوقائع تُظهر أن التفاعل الذي ذكرناه أعلاه يشكّل تربة خصبة للصراع من دون الحاجة إلى خطأ مماثل.

رؤية منطقية عن الصراع

لن يحقق تكرار الاختبارات النووية والبالستية الأخيرة فوائد كبرى بالنسبة إلى بيونغ يانغ، على العكس قد تؤكد هذه الاختبارات عن غير قصد الشكوك حول العقبات المتبقية، مثل تصغير الحجم والصمود خلال الرحلة وإعادة الدخول،

وتشمل الطرق البديلة لتأكيد التقدّم إجراء اختبار نووي بالستي يولّد نبضاً كهرومغناطيسياً عالي الارتفاع فوق المحيط الهادئ، حسبما يُفترض.

لا شك أن هذا سيثبت اكتساب كوريا الشمالية قدرة جديدة، علماً أن هذه القدرة تحل مشكلة إعادة الدخول، ونظراً إلى إخفاق الولايات المتحدة المتكرر في فرض الخطوط الحمراء، قد تراهن كوريا الشمالية على أنها لن تتخطى بهذه الخطوة عتبة استفزاز رد مباشر، كذلك تستطيع أن تبرر النبض الكهرومغناطيسي بالإشارة إلى أن الولايات التحدة أجرت اختبارات مماثلة في مطلع ستينيات القرن الماضي، ولكن من الصعب تخيُّل أن إدارة ترامب قد تتغاضى عن عملية استفزاز إضافية.

ومن المرجّح أن يستفز توجيه الولايات المتحدة ضربة مباشرة إلى الأراضي الكوريا الشمالية بيونغ يانغ ويدفعها إلى تنفيذ رد ضد جارتها الجنوبية، التي تشكّل حليفاً أميركياً، مما يؤدي إلى وابل من الأسلحة التقليدية عبر خط العرض 38 شمال. عند هذه النقطة قد نشهد أخيراً وقفاً للقتال، لكن نظام كوريا الشمالية الضعيف والمنهك قد يعوّل رغم ذلك على المشاعر الوطنية ليستمر، ومن المعروف أن الجيش الأميركي ينجح في التعاطي مع الصحارى أكثر من الجبال، لذلك ثمة أسباب وجيهة عدة قد تدفعه إلى الإحجام عن شن غزو.

تشكّل الصين أيضاً عاملاً مهماً: كما في عام 1950 كذلك اليوم، لن تقبل بكين بانتشار القوات الأميركية أو الكورية الجنوبية في بيونغ يانغ، وفي حال سقط نظام كيم (مع أن هذه النتيجة غير مرجحة بما أن الصراع سيعزز شرعيته على الأمد القصير)، سترغب الصين في المشاركة مباشرةً في المرحلة التالية.

وعلى نحو مماثل إذا استمر النظام في الحكم في دولة ضعيفة، ستحظى الصين بنفوذ أكبر، مقارنةً بما تتمتع به اليوم، وستُدافع عن النظام من حيث المبدأ، مهنئة في الوقت عينه نفسها لأن كيم يونغ أون صار عاجزاً.

هل ينشب صراع؟

لا شك أن السيناريو الوارد أعلاه مريع من وجهة النظر الإنسانية، فيعود ضبط النفس الأميركي الحالي في المقام الأول إلى رفض كوريا الجنوبية أي صراع، لكن انتهاكاً كورياً شمالياً كبيراً، مثل اختبار نبض كهرومغناطيسي أو اعتداء على مدنيين في كوريا الجنوبية، قد يبدّل حسابات سيول. إذاً تشكّل خطوة كيم يونغ أون التالية عاملاً مقرِّراً، ولا شك أن هذا غير مطمئن البتة.

من الضروري أن تدرك أوروبا أن احتمال نشوب الصراع حقيقيٌ، كذلك على أوروبا أن تحمي أرواح الأوروبيين ومصالحهم.

يقول مثل ياباني قديم إن "الإنسان لا يبدّل مساره إلا بعدما يرى أبواب الجحيم"، وقد تكون مساعدة كيم يونغ أون على رؤية أبواب الجحيم بوضوح الطريقة الفضلى لضمان السلام.

* فرانسوا غوديمنت

back to top