مشروب واعد يبطئ الزهايمر... حقيقة أم ادعاء؟

نشر في 15-11-2017
آخر تحديث 15-11-2017 | 00:02
No Image Caption
يا له من ادعاء جريء! يعيد الدماغ تشكيل وصلات عصبية بعد تناول المريض في مراحل الزهايمر الأولى مشروباً مغذياً، فيتباطأ التراجع المعرفي. لكن دراسة أخيرة توصلت إلى نتيجة مختلفة.
يعاني أكثر من 5 ملايين شخص داء الزهايمر في الولايات المتحدة وحدها، وتتوقّع مراكز ضبط الأمراض والوقاية منها أن يزداد هذا العدد.

يعود التراجع التقدمي المعرفي، الذي يشكّل أبرز إشارة إلى الزهايمر، إلى موت الخلايا في الدماغ. ومع أن لا علاج شافياً لهذا الداء، تتصدر تدخلات نمط الحياة، كالتمرن واتباع نظام غذائي صحي، عناوين الأخبار.

يعتبر الباحثون اليوم الغذاء عامل خطر في الزهايمر. ولا شك في أن المرضى يستسهلون الالتزام بالتدخلات الغذائية، مقارنة بالتمارين وصفوف تدريب الدماغ، خصوصاً إذا كان التدخل يأتي على شكل مشروب عليك تناوله مرة يومياً.

استناداً إلى تركيبة غذائية طورها بادئ الأمر البروفسور ريتشارد فورتمان في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا في كامبريدج، تملك Nutricia (جزء من شركة دانون) حقوق إنتاج Souvenaid. صحيح أن هذه التركيبة لا تتوافر في الولايات المتحدة، إلا أنها تُباع في المملكة المتحدة ودول أخرى “كوسيلة غذائية لإدارة المراحل الأولى من الزهايمر”، وفق موقع الشركة الإلكتروني.

يتألف المكون الرئيس في Souvenaid من تركيبة من المواد الغذائية تُدعى Fortasyn Connect. وأظهر الدكتور فورتمان في تجارب أجراها على حيوانات أن هذه المواد المغذية تحسّن تشكّل الروابط العصبية الجديدة في الدماغ. يذكر في هذا المجال: “إذا زدت عدد الروابط، قد تتفادى إلى حد ما خسارة مقدرتك المعرفية”.

ولكن هل يستطيع المشروب المغذي أن يبطئ حقاً الزهايمر في مراحله الأولى؟ نُشرت نتائج التجربة السريرية الأخيرة التي أُجريت على Souvenaid في مجلة Lancet Neurology. وهلل موقع MIT News لهذه النتائج مع العنوان “وضع بحث معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا الأسس لمشروب واعد يحارب الزهايمر”.

لكننا تعمّقنا أكثر في هذه التجربة واكتشفنا أن نتائجها لم تكن حاسمة إلى هذا الحد.

ما هي دراسة LipiDiDiet؟

يشكّل مشروع LipiDiDiet جزءاً من تعاون بحوث متعدد الجنسيات يموله عموماً الاتحاد الأوروبي. شملت دراسة LipiDiDiet السريرية 311 مريضاً في 11 عيادة في أربعة بلدان (ألمانيا، وفنلندا، وهولندا، والسويد) دامت فترة مشاركتهم الأولى سنتين.

تناول نصف المشاركين في الدراسة Souvenaid يومياً، في حين تلقى النصف الآخر علاجاً وهمياً. عانى جميع المشاركين في الدراسة “الزهايمر بادري” وصفه معدو الدراسة بـ”إعاقة وظائفية ومعرفية خفيفة إنما ملحوظة تتقدم لا محالة نحو الخرف”. وما من دواء لمعالجته أو إبطاء معدل التراجع المعرفي.

أُجريت سابقاً تجربتان سريريتان تناولتا Souvenaid وأفادتا عن تحسّن في الذاكرة، شملتا مرضى يعانون حالة خفيفة من الزهايمر. لكن تجربة ثالثة شملت مرضى يعانون حالة طفيفة إلى معتدلة منه لم تُظهر تأثيرات مماثلة.

إذاً، ما الجديد بشأن هذه الدراسة؟ تُعتبر أول تجربة طويلة الأمد وأول تجربة تركّز خصوصاً على مرضى في المرحلة البادرية. لكن المعقد في هذه التجربة واقع أن نتائجها ليست حاسمة. صحيح أن بعض معايير الدراسة أظهر تحسناً في مجموعة Souvenaid، إلا أن معايير أخرى لم تعكس أي تحسّن.

ما هدف الدراسة الرئيس؟

لا بد من أن تسعى كل تجربة سريرية إلى هدف رئيس. يشكّل هذا الهدف محور السؤال الأكثر أهمية الذي تطرحه التجربة، ويستخدم الباحثون معياراً قابلاً للقياس بغية الإجابة عن هذا السؤال.

كان الهدف الرئيس من تجربة LipiDiDiet التوصل إلى تبدّل في الإداء المعرفي من الممكن قياسه بواسطة عدد من الاختبارات المثبتة، التي تُدعى معاً مجموعة الاختبارات العصبية النفسية.

احتسب خبراء علم الإحصاء، الذين أسهموا في إعداد الدراسة، أن ثمة حاجة إلى 300 مشارك بغية رصد اختلاف بنسبة 40% في علامة مجموعة الاختبارات العصبية النفسية بعد فترة التجربة التي دامت سنتين.

تُعتبر هذه النقطة بالغة الأهمية: استناداً إلى الدراسات السابقة التي تناولت حالات الزهايمر الطفيفة، توقّع الباحثون تراجعاً بنحو -0.4 وفق التقدّم الطبيعي للداء.

لكن الدراسة كشفت أيضاً أن علامة الاختبارات العصبية النفسية التي سجلتها مجموعة العلاج الوهمي تراجعت بنحو -0.108 بعد سنتين، ما أظهر أن التراجع الذي عاناه المشاركون لم يكن كبيراً بقدر ما توقعه الباحثون.

سجّلت مجموعة Souvenaid علامة -0.028. ويشير هذا الرقم إلى أن مرضى هذه المجموعة لم يعانوا المقدار عينه من التراجع. لكن الاختلاف في العلامتين بين مجموعة Souvenaid ومجموعة العلاج الوهمي لا يُعتبر مهماً إحصائياً، ما يعني أن من المستحيل معرفة ما إذا كان هذا الاختلاف نتيجة للعلاج أو وليد المصادفة. فهل يعني هذا أن Souvenaid ناجح؟ ليس بالضرورة. يوضح الباحثون: «جاء التراجع المعرفي في مجموعة مرضى الزهايمر البادري أكثر انخفاضاً من المتوقع، ما سلب الهدف الرئيس أهميته».

خلاصة القول، تكشف المعلومات التي قدمتها هذه التجربة أن ثمة حاجة إلى عدد أكبر من المشاركين ودراسة تدوم فترة أطول بغية التوصل إلى اختلافات مهمة إحصائياً في علامات مجموعة الاختبارات العصبية النفسية.

هذه التركيبة تُباع في المملكة المتحدة ودول أخرى
back to top