6/6 : العهد السلماني والحرب على الهيمنات

نشر في 10-11-2017
آخر تحديث 10-11-2017 | 00:25
 يوسف الجاسم الحقبة السلمانية في الدولة السعودية الثالثة حملت، ولا تزال تحمل، رسائل التحول والتجديد في جسم الدولة الكبرى التي أسسها الإمام الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود قبل قرن وخمسة عشر عاماً من الزمان، وسار بها أبناؤه الملوك من بعده على مبادئ التوحيد والتجديد وصيانة الأرض والعرض، ودرء الأخطار المتربصة بها.

الحقبة السلمانية، ورأس حربتها اليوم الأمير محمد بن سلمان، حملت على عاتقها، وبرؤى العزم والحزم، مسؤوليات إعلان الحروب الجريئة والمباغتة باتجاهات استراتيجية عدة، بصلابة واحدة، وفي وقت واحد، وهي:

* الحرب على أطماع الهيمنة الفارسية على الجزيرة العربية، وردعها، من خلال ضرب حوثيي اليمن ومَن يقف وراءهم من قوى دأبت على تهديد أمن وكيان المملكة والمنطقة العربية ككل.

* الحرب على هيمنة المؤسسات الدينية المتزمتة، بفروعها النظامية والفردية، وهي الممثلة للقوى المفرِّخة للأفكار الأصولية الإرهابية التي انتشرت داخل المملكة وخارجها، وأساءت للإسلام والمسلمين في كل مكان.

* الحرب على هيمنة النفط كمصدر وحيد لدخل الأمة السعودية ومستقبلها، من خلال إطلاق رؤية 2030، وتفرعاتها العملاقة، وارتكازها على تنويع حقيقي لمصادر الدخل، وإدخال الاقتصاد السعودي إلى آفاق واسعة من التطور والتنوع والإصلاح.

* الحرب على التزمت الاجتماعي، من خلال تحطيم جليد التابوهات الاجتماعية المتحجرة، مثل: منع قيادة المرأة للسيارة وولاية الرجل عليها في التنقلات، وإزاحة أستار الظلام أمام منافذ الفنون والآداب والثقافات العصرية، وبسط إشعاعاتها على أرجاء المملكة، بعد احتجاب طويل في كهوف التخلف، والعيش خارج العصر الذي يشهد أعتى إطلاقات العلوم والتقنية والمعارف الإنسانية بشتى ألوانها.

* وأخيراً، الحرب المذهلة على هيمنة الفساد والمفسدين في ساحات الوطن السعودي الكبير، بما أصبح يمثله من خطر داهم على مسارات التنمية وخرائط طرقها العملاقة، حربٌ غدت لازمة لتفعيل رؤى القيادة للمملكة 2030، فلا تنمية مع الفساد، ولا نماء مع المفسدين.

وجاءت تلك الحرب، لتعلن أن الدولة فوق الجميع، لا حصانة في ذلك لأمير أو وزير أو غفير. ولعل من شأن هذه الحرب، التي أعلنها العهد السلماني في المملكة، أن توقظ غفلات أو تغافل دول الجوار عن حروب حقيقية متوجبة الانطلاق ضد الفساد المستشري في جنباتها، والذي يُعد الداء الحقيقي الذي يفتك بكيانها، ويبدد ثرواتها، ويبعثر تنميتها، ويهدد مستقبلها.

وإذ يفرح الناس بمحاربة الفساد في الدولة العادلة، فإنهم يأملون أن تقترن هذه الحرب بمبدأ "المتهم بريء حتى تثبت إدانته" في محاكمة عادلة، وقاعدة "العدل أساس الملك".

إن ما جرى ويجري في العهد السلماني للمملكة العربية السعودية، وإطلاقاته الإصلاحية، يُعد ثورة شاملة لتجديد الدماء في عروق دولة كبرى وُجدت لتبقى وتتقدم، ولتضع نفسها ملء عيون العالم المبهور والمأخوذ بتتابع مشاهد الإصلاح فيها. وسنبقى ننتظر المزيد من الخطوات الحضارية والنهضوية في دولة شاء قدرها أن تكون مهبطاً للوحي الإلهي، وغدت رائدة في محيطها ومهداً لفكر وعزائم التجديد والحرب على الهيمنات البالية والفاسدة فيها.

همسة:

بالنظر إلى ما يجري عندنا بالداخل وحولنا في الخارج، فإننا نردد:

تُهدى الأمور بأهل الرأي ما صلحت

وإن تولّت فبالأشرار تنقاد

والله يستر!

back to top