اتضاح معالم رؤية الصين للقيادة العالمية

نشر في 03-11-2017
آخر تحديث 03-11-2017 | 00:04
 ريل كلير أنهى الحزب الشيوعي في الصين أخيراً مؤتمره الحزبي التاسع عشر، ومع تحوّل الصين إلى أقوى أمة في العالم خلال السنوات العشر إلى الخمس عشرة التالية، قد يُعتبر هذا المؤتمر نقطة تحوّل مهمة في مسيرة هذا البلد نحو القمة.

بعد ثلاثة عقود من النمو الاقتصادي الكبير تعتبر الصين اليوم أنها تستحق العودة إلى دورها التاريخي كمحور الاقتصاد العالمي.

استُبدل النظام الذي وضعه دينغ لموازنة القوى في الحزب بين الفصائل المختلفة بنظام يمسك معه تشي والموالون له بكل مفاتيح السلطة في الجيش، والاقتصاد، والبيروقراطية، ومن المفترض أن ينهي هذا المؤتمر أي أوهام عن أن الصين قد تصبح، مع تنامي ثرواتها، أكثر تعددية وأقل استبداداً، أو أن حياتها الفكرية ومجتمعها المدني سيزدادان تحرراً مع تبنيها الرأسمالية، فخلال نهضتها لتصبح ثاني أكبر اقتصاد في العالم، تحوّلت الصين إلى بلد خاضع لحكم الحزب، في حين أن الحزب خاضع بالكامل لحكم رجل واحد.

رسّخ الدستور الجديد استراتيجية الصين الاقتصادية للسيطرة على العالم، وألزمها بتطبيق استراتيجية «الحزام والطريق» التي أطلقها تشي، فبتمويلها شبكة كبيرة من المرافئ، وسكك الحديد، والطرق لحمل البضائع من الصين إلى أوروبا، تهدف بكين إلى إنشاء عملية نقل سريعة، ومباشرة، وغير مكلفة للسلع الصينية إلى الأسواق في مختلف أنحاء آسيا وصولاً إلى أوروبا الغربية، وسبق أن أقامت الصين روابط سكك حديدية تمتد من بكين إلى لندن.

ففي حين تنسحب الولايات المتحدة في عهد ترامب من العولمة والاتفاقات التجارية الدولية، محاولةً إلغاء أي اتفاقات لا تعود على الولايات المتحدة بفائض تجاري قصير الأمد، قررت الصين الالتزام باستراتجية معاكسة، ساعيةً وراء استثمارات طويلة الأجل بهدف استبدال الولايات المتحدة بصفتها القوة العالمية المسيطرة. على غرار الولايات المتحدة في السنوات التي تلت الحرب العالمية الثانية، تعمل الصين اليوم على تحويل قوتها الاقتصادية إلى شبكة عالمية في قطاعات المال، والبناء، والتجارة، ولكن بخلاف الولايات المتحدة، تحقق الصين ذلك وفق نموذج يعتبر نظام الحكم الاستبدادي بقيادة الحزب الواحد شكل الحكم الأمثل، لا الديمقراطية الدستورية التي تروّجها واشنطن.

لم يترك المؤتمر الحزبي التاسع عشر أي مجال للشك في خطط الصين، ففي الرؤية التي تتجلى من خلال الدستور الجديد، يشكّل تشي جوهر الحزب الشيوعي والحزب جوهر الصين، التي ستصبح بدورها جوهر الاقتصاد العالمي.

إذا نجح تشي وأطاحت الصين بالولايات المتحدة بصفتها القوة العالمية المهيمنة، فسيُعتبر عام 2017 عاماً مفصلياً أقدمت خلاله الصين والولايات المتحدة على تغيير اتجاهيهما مع تراجع الولايات المتحدة في التزاماتها ونفوذها العالميين، فيما استغلت الصين الفرصة بكل ما أوتيت من قوة، كذلك سيكون العام الذي حل فيه الحكم المستبد وسيطرة الدولة محل الديمقراطية الدستورية كنموذج المجتمعات الأبرز حول العالم.

* جاك غولدستون

* «ريل كلير وورلد»

back to top