التقلّبات الزوجيّة تؤثّر في صحّة قلب الرجل

نشر في 30-10-2017
آخر تحديث 30-10-2017 | 00:00
No Image Caption
تشير دراسة نُشرت حديثاً إلى أن عوامل الخطر المتعلّقة بصحّة القلب تتأثّر بتأرجح نوعيّة الحياة الزوجيّة، لدى الرجال على الأقلّ.
على مرّ السنين، أجريت اختبارات كثيرة حول قدرة الزواج على حماية الصحّة. ورغم أنّ بعض العلماء يشير إلى أن هذه المؤسسة تطيل العمر وتخفّف المخاطر الصحية، فلا يزال النقاش قائماً حول ما إذا كان هذا الاعتقاد صحيحاً.

يقول بعض الباحثين إنّ هذا التأثير يرتبط بالتحيّز في اختيار الزواج، أي يُرجّح أن الناس الأصحّاء يقدمون على الزواج أكثر مقارنة بمن يعانون مشاكل صحية.

وفي حال كان تأثير الزواج حقيقياً، كما يؤمن كثيرون، فالسبب يعود إلى دعم الزوجين السلوكيّات الإيجابيّة وتشجيعها، بالإضافة إلى أن العلاقة الوطيدة تساعد في عزل التوتّر.

وإذا كانت هذه العوامل وراء التأثير الوقائي، فعلى تقييم نوعيّة العلاقة الزوجيّة مع مرور الوقت أن يظهر تأثير الزواج بمعزلٍ عن تأثير التحيّز الزوجي.

ببساطة، تساعد إقامة دراسة على أشخاص يعيشون زيجات متفاوتة الجودة في فهم ما إذا كان هذا التأثير ناتجاً عن الزيجات أم أنّه ببساطة يعود إلى متوسّط الوضع الصحّي لمن يتزوّجون.

نشرت Journal of Epidemiology & Community Health (مجلّة علم الأوبئة والصحّة المجتمعيّة) دراسةً تستند إلى هذه المقاربة لإلقاء نظرة جديدة على فرضيّة قديمة. ويشرح الباحثون: «تتحكّم دراسة تأثير نوعيّة العلاقة في الزيجات باختيار الزواج، ما يسمح بالتحقّق من التأثيرات الوقائيّة للشراكة في العزلة».

الصحّة والزواج

استخدم الباحثون 19 سنة من البيانات من دراسة «أيفن» الطويلة عن الأهل والأولاد. وتميّزت هذه الدراسة بمقاربة طويلة الأمد مقارنة بدراسات سابقة ركّزت على أمراض القلب والأوعية الدمويّة في مرحلة زمنيّة واحدة.

وهذه البيانات التي جُمعت طوال عقدين تقريباً سمحت لفريق الباحثين أن ينظر إلى الرابط بين نوعيّة العلاقة مع مرور الوقت وبين خطر الإصابة بداء القلب والأوعية الدمويّة لدى الأزواج.

اختار الباحثون خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدمويّة كمعيارٍ لأن مشكلة صحية شائعة ومفهومة بشكل جيّد إلى حدّ ما. كذلك ركّزوا على الزوج لأنّه خطر إصابته بهذه المشكلة يرتفع في متوسّط العمر مقارنةً بالمرأة، ما يوضّح الاختلافات في عوامل الخطر في مرحلة سابقة.

طُلب من الآباء المشاركين في الدراسة أن يملؤوا استطلاع رأيٍ يقيّم نوعيّة علاقتهم الزوجيّة حين كان أطفالهم في الثالثة من عمرهم، ثمّ في التاسعة منه. تنوّع التقييم بين علاقاتٍ «جيّدة دائماً،» أو «سيّئة دائماً»، أو «في تحسّنٍ»، أو «في تدهورٍ».

بالإضافة إلى بيانات العلاقات، استند الباحثون أيضاً إلى مجموعة من المقاييس الصحّيّة: ضغط الدم، ومعدّل دقّات القلب في وقت الراحة، ومؤشّر كتلة الجسم، ووضع الدهون في الدم، ومستويات السكّر قبل الأكل.

جُمعت المعلومات حين بلغ أطفال المشاركين التاسعة عشرة من العمر: الفارق الزمنيّ الكبير بين القياسات أعطى عوامل الخطر الوقت الكافي لتتطوّر بحسب التغيّرات في نوعيّة العلاقات.

يُشار إلى أن مجموعة من العوامل تحكّمت بالبيانات، بما فيها طول القامة، والعمر، ومستوى التعلّم، ودخل الأسرة.

ظهر تغيير بسيط في عوامل خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدمويّة لدى الرجال الذين أبلغوا باستمرار عن علاقةٍ جيّدة أو سيّئة، لكنّ التأثير كان صغيراً بالنسبة إلى من تغيّرت نوعيّة علاقته الزوجيّة. ورغم أنّ الفروقات كانت طفيفة نسبيّاً فإنّها كانت مهمّة.

تأثير وتقلّبات

كان لدى من صُنّفت علاقتهم بأنها في تحسن مستمر مستويات أقل من البروتينات الدهنيّة، أو الكولسترول «المضرّ»، وانخفاض أكثر في الوزن (معدّل وحدة على مؤشّر كتلة الجسم) مقارنة بمن حافظ على علاقة زوجيّة حسنة.

كذلك وجد الباحثون تحسّنات صغيرة في مستويات ضغط الكولسترول وضغط الدم الانبساطي، وهو مؤشّر إلى خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدمويّة. وفي المقابل، تبيّن أن الذين يعيشون تدهوراً في علاقتهم الزوجيّة يعانون ضغط دم انبساطياً أسوأ بكثير.

توصّل الباحثون إلى ما يلي: «تبيّن أنّ التغيّرات في نوعيّة العلاقة الزوجيّة تنبئ بخطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدمويّة، رغم أنّ مجموعتَي «العلاقة الجيّدة» و»السيّئة» لم تشهدا اختلافاً كبيراً على طول الدراسة».

واللافت كان النتائج المتقاربة لدى الرجال الذين حافظوا على علاقة مستقرّة، سواء كانت جيّدة أو سيّئة. ويعتقد الباحثون أن يكون السبب «تعوّد» الأزواج على ما يعيشونه، أو الاختلافات في الطريقة التي ينظر من خلالها البعض إلى نوعيّة علاقته.

وكما هي الحال مع الدراسات كافّة، ثمّة فجوات تحتاج إلى مزيدٍ من التحقّق بشأنها. على سبيل المثال، هذه الدراسة رصديّة، لذا لا يمكنها إثبات أيّ سببٍ أو نتيجة. بالإضافة إلى هذا، انسحب كثيرون على طول الدراسة، كذلك أُجريت الأخيرة على الرجال فحسب.

مع ذلك، تأتي الدراسة بمعلومات جديدة مثيرة للجدل الذي دام سنوات. ولكن بالطبع، ثمّة ضرورة لإجراء مزيدٍ من البحوث في هذا المجال، خصوصاً أنّ الاهتمام بهذا الموضوع في طور التزايد.

back to top