إدارة ترامب طعنت لتوها الأكراد من الأمام

نشر في 18-10-2017
آخر تحديث 18-10-2017 | 22:00
 وورلد أفيرز جورنال في 22 سبتمبر صوّت الأكراد في أربيل والسليمانية ودهوك وكركوك بغالبية ساحقة للانفصال عن العراق، إذ يعود التوق إلى دولة كردستان المستقلة إلى انهيار السلطنة العثمانية مع نهاية الحرب العالمية الثانية، في الفترة عينها التي وُلدت فيها القوميتان التركية والعربية، وفي تلك المرحلة تعهدت عصبة الأمم بمنح الأكراد استقلالهم، إلا أنهم رُبطوا بقسوة بتركيا، والعراق، وسورية، وإيران.

ما من شعب آخر في العالم كله يتعرض لحصار مماثل لأنه أعلن الاستقلال، ولا حتى الأوسيتيين الجنوبيين أو الأبخازيين في جورجيا، ولا أهل القرم في أوكرانيا، ولا الألبان في كوسوفو، أو غيرهم. الأكراد وحدهم يُعاملون بهذه الطريقة لأن الجزء الذي يعيشون فيه من العالم أكثر بشاعة من محيط الاتحاد السوفياتي سابقاً، إذ يتعرّض الأكراد مرة أخرى للضرب من جيرانهم العدائيين، ويقف ترامب وريكس تيلرسون مع المعتدين، رغم أنه لا أحد منهم يُعتبر صديقاً حقيقياً، لا بل أحدهم عدو.

صحيح أن دعم الاستقلال الكردي سيجعل وضع الولايات المتحدة في الشرق الأوسط أكثر تعقيداً مما هو عليه اليوم، ولكن كم تراجعت الولايات المتحدة منذ مرحلة الحرب الباردة! عندما عمد الاتحاد السوفياتي الضخم إلى حصار برلين الغربية في محاولة لخنق تلك المنطقة الغربية الصغيرة، أطلقت إدارة ترومان "جسر برلين الجوي" وأرسلت شحنات بملايين الأطنان (طعام، ودواء، ووقود) طوال سنة.

لا يتطلب دعم الاستقلال الكردي جهداً بقدر جسر برلين الجوي، فتركيا، رغم كل عيوبها، بعيدة كل البعد عن روسيا السوفياتية، ولا تُعتبر قوة عظمى بل قوة إقليمية، ولا تطمح تركيا إلى غزو العالم، فضلاً عن أنها لا تستطيع تفجير الكوكب أو خوض حروب أجنبية طويلة بعيداً عن حدودها.

بما أن تركيا عضو في حلف شمال الأطلسي فتُعتبر "صديقة" من هذا المنطلق، ولكن لو لم تكن تركيا جزءاً من هذا الحلف لما كانت قد قُبلت اليوم نظراً إلى سلوكها في المنطقة، لذلك تُعتبر تركيا عضواً من الدرجة الثانية في أفضل الأحوال، ومن الضروري التعاطي معها على هذا الأساس، وإذا كانت لا تستطيع تقبّل دعم الأميركيين والقيم الأميركية والمصالح الأميركية، فالباب مفتوح أمامها للمغادرة.

لا شك أن البيت الأبيض يدرك أن السياسة الخارجية الناجحة تشمل مكافأة الأصدقاء ومعاقبة الأعداء، لكن الرئيس لا يستطيع حتى تطبيق هذه السياسة بالشكل الصحيح، إذ عجز عن التمييز بين الأصدقاء والأعداء.

كردستان فريدة في الشرق الأوسط، وتبدو كما لو أنها قائمة في كون بديل، وتُعتبر كردستان المكان الأكثر موالاة للأميركيين والغرب في المنطقة بأسرها، حتى إنها تتفوق على إسرائيل في ذلك، كذلك يشكّل الأكراد حلفاء يُعتمد عليهم أكثر من الأوروبيين، ورغم ذلك، وبما أن شعوباً وأمماً لا يحبوننا ويريدون إبقاء الأكراد مقموعين ومع ذلك نحن نجاريهم في هذا.

أخبرني العقيد في البشمركة الكردية صلاح الدين أحمد أمين في مكتبه قبل بضع سنوات فيما كانت معظم مناطق العراق مشتعلة: "طلبتُ من الأميركيين ألا يتخلوا عنا. منذ عام 1920 حتى اليوم توالت علينا خيبات الأمل وتملكنا الاستياء بسبب وعودهم وتعهداتهم، وخاب أملنا ثماني مرات؛ لذلك طلبتُ من الأميركيين ألا تكون هذه المرة التاسعة".

أعتذر منك أيها العقيد فقد أعاد دونالد ترامب، وريكس تيلرسون، ومايك فلين الكرة للمرة التاسعة.

* مايكل ج. توتن

* «ورلد أفير»

back to top