رياح وأوتاد: حوكمة المجلس على خطى الحكومة

نشر في 16-10-2017
آخر تحديث 16-10-2017 | 00:09
 أحمد يعقوب باقر ذكرني مؤتمر الحوكمة الذي أقامه المجلس بمؤتمر (كلام مكرر وقرار مؤجل) الذي أقامته غرفة التجارة قبل سنوات، وشاركت فيه فعاليات من الحكومة والمجلس والقطاع الخاص، فرغم أهمية وخطورة ما قيل في المؤتمرين فإن تنفيذ الحكومة بقي بعيدا جدا عن الطرح الفني والاقتصادي في مؤتمر الغرفة، كما تبعد التشريعات المقترحة من أعضاء المجلس كثيرا عن مؤتمر الحوكمة.

ولنأخذ على سبيل المثال الكلمة الرائعة التي ألقاها الدكتور بدر مال الله في مؤتمر المجلس، وبين فيها أن الإدارة الحكومية نمت منذ 2008 إلى عام 2016 بنسبة 40% زيادة وفائضا في البطالة المقنعة، إضافة إلى نمو في المصروفات الجارية بنسبة 110% خصوصا في الرواتب والكوادر، الأمر الذي أدى إلى فشل كل خطط التنمية، وذكر أنه لا يمكن أن نتحدث عن الحوكمة دون أن يكون ذلك مبنيا على برنامج واقعي لمعالجة الاختلالات البنيوية والإصلاح المالي والاقتصادي. فهل أثرت كلمته على خط سير المجلس الاستنزافي؟ وهل سيعيد الأعضاء النظر في اقتراحاتهم الشعبوية المغايرة للتنمية والحوكمة الحقيقية؟

ومثال آخر الكلمة القيمة التي ألقاها المستشار عادل بورسلي الذي نبه فيها إلى خطورة ما هو مطروح بمسمى الاستقلال المالي والإداري للقضاء، لأن القضاء مستقل على المنصة بنص الدستور والقوانين، وأن العمل الإداري والمالي يوجب المساءلة، لأنه حيثما تكون السلطة تكون المسؤولية، فهل سيساءل القضاء عندما يتولى الشؤون المالية والإدارية؟

وأشار إلى خطورة الأسئلة والأدوات البرلمانية الأخرى التي تتدخل في شؤون القضاء، وذكرني كلامه بالاستجواب الذي قدم لي عندما كنت وزيرا للعدل، وكان تدخلا سافرا في إحدى القضايا، وأيده للأسف بعض من كنا نعتقد أنهم رموز برلمانية. فهل سيستجيب أعضاء المجلس إلى نداء المستشار في المؤتمر الذي أقاموه لأنفسهم؟

أسأل الله أن يستجيب الأعضاء إلى الطرح الفني العميق في كلمتي المستشار والدكتور، وألا يكون مصير مؤتمرهم «الحوكمة» كمصير مؤتمر «كلام مكرر وقرار مؤجل».

تحالف القرن الحادي والعشرين والإسلاميزم

وصلتني كما وصلت الكثيرين محاضرة تحدث فيها مايكل فلين المستشار السابق لترامب للأمن القومي، عما أسماه الإسلام الراديكالي، ودعوته لإنشاء تحالف القرن الحادي والعشرين بين أميركا ورؤساء الدول العربية والإسلامية، وبيّن في كلمته أنه يجب محاربة هذا الإسلاميزم من قبل أميركا بكل وسيلة، كما حاربت أميركا من قبل الفاشيزم والنازيزم والكوميونزم (الشيوعية)، وأن هذا الإسلاميزم يسكن في نفوس مليار ونصف مسلم.

والمستمع للمحاضرة يعتقد في البداية أنه يقصد التطرّف والإرهاب، لكنه سرعان ما يدرك أنه يقصد الكثير من تعاليم الإسلام المتعلقة بالحريات والممارسة للشعائر، والمساواة بين الجنسين، والمفهوم الإسلامي لحقوق الإنسان، وغيرها من تعاليم الإسلام المعروفة حول الميراث والشذوذ الجنسي، والتي لو طبقنا فيها النظرة الغربية العلمانية لكان حتى القرآن الكريم يعتبر والعياذ بالله كتابا إرهابيا!!!

ورغم أن فلين تم طرده بعد شهر واحد من تعيينه مستشارا للأمن القومي فإن كثيرا من المؤسسات الفكرية والبحثية الأميركية المؤثرة في القرار عندهم لها الأفكار نفسها أو مشابهة لها مثل:

American century وHeritage foundation.

لذلك يجب أن ينتبه صناع القرار والمفكرون والدعاة في كل بلاد المسلمين إلى الغزو العلماني الغربي الحديث للأمة لتغيير قيمها وعقيدتها، والمسمى تحالف القرن الحادي والعشرين، أو مهما كانت مسمياته جميلة وبراقة مثل محاربة التطرّف وحقوق الإنسان والمرأة، لأن أحكام الشرع الحنيف هي الأفضل، وهي النور الرباني، والله متم نوره ولو كره فلين وجماعته.

back to top