23 سبتمبر... ذكرى الكفاح والملحمة الوطنية

نشر في 25-09-2017
آخر تحديث 25-09-2017 | 00:24
 د. عبدالعزيز الفايز يحل علينا اليوم الأول من برج الميزان الموافق لـ 23 من سبتمبر من كل عام ليذكرنا بيومٍ مجيد في تاريخنا الوطني، ذلك اليوم الذي توج الملحمة الوطنية الكبرى بإعلان الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود، طيب الله ثراه، توحيد المملكة العربية السعودية في عام 1932م.

ومع حلول هذه المناسبة الوطنية الغالية على كل سعودي وسعودية، نسترجع كفاح وتضحيات الأجداد والآباء الذين أسسوا وأسهموا في بناء هذا الكيان الكبير، والتي تعطينا دافعا للحفاظ عليه وعلى المكتسبات التي حققها هذا الوطن بحكمة قادته وبسواعد أبنائه المخلصين.

وبعد توحيدها، وضع الملك المؤسس المملكة على مشارف النهضة الشاملة التي عاشتها وتعيشها في جميع المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والتعليمية.

وقد استكمل أبناؤه البررة من بعده المسيرة، فبنوا على الأسس التي أرساها، يرحمه الله، حيث واصل أبناؤه الملوك سعود وفيصل وخالد وفهد وعبدالله، يرحمهم الله جميعا، البناء والتطوير وتحديث المملكة في شتى المجالات، متمسكين دوما بمبادئ وقيم الملك المؤسس ومدافعين عن العقيدة الإسلامية ومتفانين في خدمة الوطن والمواطن.

وفي عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، يحفظه الله، تواصل المملكة مسيرة التطوير والتحديث في المجالات كافة، إذ تعيش المملكة في عهده الزاهر مرحلة ازدهار وعزم على الإنجاز والتعمير والتشييد، لتوفير كل سبل الرفاهية للمواطنين. فقد بدأ عهده الميمون بتطوير الهيكل الإداري، مما وضع المملكة على مشارف مرحلة واعدة بالخير والرفاه تأكيدا لحرصه، يحفظه الله، على استثمار كافة الموارد الوطنية لخدمة الوطن والمواطن.

فخلال العام الماضي انطلقت استراتيجية التحول الوطني لتطبيق رؤية 2030م، رؤية الحاضر والمستقبل، معلنة دخول المملكة مرحلة جديدة من مراحل تطورها لتنويع مصادر الدخل وزيادة كفاءة الأداء الحكومي، وتوفير الرخاء والرفاه لمواطنيها. وجاءت هذه الرؤية واستراتيجية التحول الوطني لتعبران عن طموحات القيادة، ولتعكس قدرات بلادنا، ولتؤكد أن مستقبل المملكة مبشر وواعد.

وقد استطاع، يحفظه الله، بخبرته الواسعة بشؤون السياسة والإدارة أن ينهض بالمملكة نهضة نوعية في شتى المجالات، على الرغم من كل التطورات والظروف والأحداث الإقليمية والدولية التي أحاطت بالمنطقة أخيرا، مما مكّن المملكة من المحافظة على مكانتها الدولية كإحدى الدول العشرين الأكثر تأثيرا في العالم سياسيا واقتصاديا.

وتواصل المملكة في عهده الميمون الدفاع عن قضايا الأمتين العربية والإسلامية، فتقود بدبلوماسيتها النشطة الجهود المبذولة على الصعيدين الإقليمي والدولي لإحلال الأمن والسلم في المنطقة والعالم أجمع، وقد توجت تلك الجهود بانعقاد القمة العربية الإسلامية - الأميركية في الرياض خلال شهر مايو الماضي.

وتواصل المملكة بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز جهودها في التصدي للمشاريع الإقليمية والدولية التي تريد الهيمنة وبسط النفوذ الأجنبي في المنطقة، وهي أخطار تنبه لها، يحفظه الله، فقادت المملكة تحالفا عربيا تمثل في عملية عاصفة الحزم لمواجهة الجماعات المسلحة الخارجة على سلطة الدولة اليمنية، والتي سعت إلى الهيمنة على مؤسسات الدولة في اليمن الشقيق، وجعله قاعدة للنفوذ الأجنبي، ثم تلت عملية عاصفة الحزم عملية إعادة الأمل، كما تواصل المملكة جهودها الدبلوماسية لحل الأزمة في اليمن، إضافة إلى استمرارها في تقديم المساعدات المالية والإنسانية للشعب اليمني الشقيق.

وتمارس المملكة منذ تأسيسها دورها المحوري في محيطها الإقليمي وفي المجتمع الدولي من منطلق مكانتها الإسلامية وعمقها العربي، لكونها حاضنة للحرمين الشريفين اللذين يحظيان باهتمام خاص من قبل قيادة المملكة، فقد شهد المسجد الحرام بمكة المكرمة والمسجد النبوي الشريف بالمدينة المنورة في السنوات الأخيرة أكبر عمليات التوسعة والإعمار عبر تاريخهما لتمكين حجاج بيت الله والمعتمرين من أداء نسكهم بكل يسر وسهولة.

وتتسارع الخطوات للانتهاء من مشروع مطار الملك عبدالعزيز الدولي الجديد في جدة، وكذلك قطار الحرمين، وغيرها من مشاريع البنى التحتية التي تخدم الأماكن المقدسة.

وفي مجال العمل الإنمائي والإنساني، تقوم المملكة انطلاقا من التزاماتها الدينية والإنسانية بالمساهمة في جهود الإغاثة والأعمال الإنمائية في جميع أنحاء العالم، وبلغ إجمالي ما قدمته المملكة خلال العقود الأربعة الماضية حوالي 140 مليار دولار. وقد توجت تلك الجهود بإنشاء مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية، الذي يتولى توزيع المساعدات الإنسانية المقدمة من المملكة للدول الأخرى.

وتضطلع المملكة بدور رئيس في الحفاظ على الأمن والاستقرار في المنطقة، مواصلة تصديها لظاهرة الإرهاب، والتي كانت هي من أوائل الدول التي عانت منه، حيث فقدت عدداً من أبنائها شهداء في العمليات الإرهابية، ولكن المملكة تمكنت، بفضل الله ثم بفضل القيادة الحكيمة والجهود الأمنية المكثفة، من إحباط العديد من المخططات الإرهابية للفئات الضالة. وقد استشعرت قيادة المملكة أهمية تضافر الجهود الدولية لمواجهة الإرهاب، فنظمت أول مؤتمر دولي لمكافحة الإرهاب، وأنشأت المركز العالمي لمكافحة الفكر المتطرف (اعتدال) الذي تم تدشينه أثناء انعقاد القمة العربية - الإسلامية - الأميركية بالرياض في مايو الماضي، ودعمت الجهود الإقليمية والدولية لمواجهة الجماعات الإرهابية إدراكا منها أن الإرهاب لا يعرف حدودا، ويشمل بضرره الإنسانية جمعاء.

وفي هذه المناسبة الوطنية الغالية لا يفوتني أن أتطرق إلى العلاقات الوثيقة بين المملكة العربية السعودية ودولة الكويت الشقيقة، التي أكدت الأيام أنها أصبحت نموذجا يحتذى في العلاقات بين الدول. فالتواصل بين خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود وسمو أمير دولة الكويت الشيخ صباح الأحمد، يحفظهما الله، وكافة المسؤولين وعلى كل المستويات مستمر، مما انعكس على العلاقات المتميزة بين الدولتين الشقيقتين.

ويشرفني في هذه المناسبة أن أتقدم بالتهنئة بحلول اليوم الوطني المجيد إلى مقام خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، حفظه الله، وإلى صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، حفظه الله، وإلى الأسرة المالكة الكريمة وإلى الشعب السعودي النبيل، داعيا المولى، عز وجل، أن يحفظ وطننا الغالي من كل مكروه، وأن يعيد هذه المناسبة على الجميع بكل الخير، وأن يديم على المملكة وشقيقتها الكويت، وعلى سائر الدول العربية والإسلامية الأمن والأمان والاستقرار والرخاء.

*سفير خادم الحرمين الشريفين لدى دولة الكويت

back to top