ماذا يريد ترامب حقاً للشرق الأوسط؟

نشر في 10-09-2017
آخر تحديث 10-09-2017 | 00:11
يبدو أن ترامب لا يعرف ما يريد، فقد تحدّث ممثل فيرجينيا غيري كونولي، وهو نائب أميركي ديمقراطي خدم في لجنة الشؤون الخارجية التابعة لمجلس النواب، إلى مراسل صحيفة هآرتس في واشنطن أمير تيبون، عن أن جمهوريين كثراً يدعمون حل إقامة دولتَين، غير أنهم يأبون الإفصاح عن ذلك علناً قبل أن تعبّر إدارة ترامب عن موقفها أولاً.
 المونيتور كان عدد كبير من الأشخاص في معسكر السلام الإسرائيلي يعلّقون آمالاً كبيرة على تصريحات دونالد ترامب عن نواياه تعزيز «صفقة شاملة» كبيرة بين إسرائيل والفلسطينيين وكل الدول العربية، حتى إن بعضهم آمنوا بها، كذلك دعمت سرعة تنقل المبعوث الرئاسي جيسون غرينبلات بين تل أبيب ورام الله في الضفة الغربية فكرة أن الرئيس الحالي المحافظ المتشدد قد ينجح حيث أخفق الرئيسان الليبراليان بيل كلينتون وباراك أوباما.

دعا غرينبلات السلطة الفلسطينية إلى استعادة السيطرة على غزة وإدارتها لأن نظام حماس فشل في تأمين حاجات الشعب.

إذا افترضنا أن غرينبلات يعبّر عن آراء رئيسه، فيُشكّل تصريحه هذا، إذاً، إشارة إلى افتقار الإدارة إلى فهم أساسي للصراع وسبل حله، فكيف تتوقع إدارة ترامب بالتحديد من السلطة الفلسطينية أن تعيد بسط سيطرتها على قطاع غزة؟ من الصعب أن نصدق أن واشنطن تريد فتح جبهة عسكرية جديدة في الشرق الأوسط، وأن الأجهزة الأمنية في رام الله قد تطيح بمراكز سلطة حماس في غزة تحت تغطية من طائرات سلاح الجو الإسرائيلي ومدافع سفن البحرية الإسرائيلية.

لو سأل غرينبلات عباس عن رأيه حيال تعريضه نفسه مجدداً لاختبار الرأي العام، لتلقى الجواب ذاته الذي حصل عليه بوش في عام 2006، فقد حذّر عباس حينذاك الأميركيين من أن الشعب الفلسطيني سيعتبر فض الاشتباك في غزة من طرف واحد، على خلفية الجمود الدبلوماسي وتواصل بناء المستوطنات في الضفة الغربية، إنجازاً لمعسكر حماس المناهض لعباس.

على نحو مماثل، ستكرر أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية، التي حضت الإدارة الأميركية وقتذاك على التخلي عن فكرة إجراء الانتخابات في الأراضي الفلسطينية، التوصية ذاتها اليوم، فلو طلب غرينبلات من يؤاف مردخاي تقييم احتمال انتصار فتح على حماس في صناديق الاقتراع، لتجاهل هذا المبعوث على الأرجح توبيخه المبطن للسلطة الفلسطينية على تقصيرها في بسط سيطرتها على قطاع غزة.

لا تكمن المشكلة في ما قاله المبعوث الأميركي فحسب، بل أيضاً في النقاط الأساسية التي تفادى ذكرها، وتزداد هذه المشكلة أهمية على خلفية المبادئ التي طرحها الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس، الذي زار أيضاً قطاع غزة في الأسبوع عينه. عبّر غوتيريس عن دعمه جهود عباس لتوليد الظروف الملائمة بغية توحيد القيادة في الضفة الغربية وقطاع غزة، إلا أنه عبّر في السياق عينه عن قلقه من الوضع الإنساني المريع الذي شهده بأم عينه في قطاع غزة. لكن الشروط التي أشار إليها الأمين العام تشمل مواصلة عقاب سكان قطاع غزة الجماعي.

تمسّك ترامب بسياسته (أو بالأحرى غياب سياسته) التي عبّر عنها خلال مؤتمر صحافي مشترك مع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في شهر فبراير: «أتأمل حل إقامة دولتين أو دولة واحدة وأفضل الحل الذي يريده كلا الطرفين. يسعدني الحل الذي يختاره كلا الطرفين». لكن أحد الطرفين، وهو الطرف الفلسطيني، يكرر التزامه برغبته في حل إقامة دولتَين. في المقابل، يعلن الطرف الآخر، وهو الطرف الإسرائيلي محتل، رفضه حل إقامة دولتين ويولّد وقائع على الأرض (المستوطنات) تخرّب هذا الحل، إلا أنه لا يعرب في الوقت عينه عن أي إشارات إلى رغبته في دولة تضم أمتَين.

يبدو أن ترامب لا يعرف ما يريد، فقد تحدّث ممثل فيرجينيا غيري كونولي، وهو نائب أميركي ديمقراطي خدم في لجنة الشؤون الخارجية التابعة لمجلس النواب، إلى مراسل صحيفة هآرتس في واشنطن أمير تيبون، عن أن جمهوريين كثراً يدعمون حل إقامة دولتَين، غير أنهم يأبون الإفصاح عن ذلك علناً قبل أن تعبّر إدارة ترامب عن موقفها أولاً.

ستُتاح لترامب أخيراً فرصة تحديد ما يرغب فيه أو يرفضه خلال خطابه في 19 سبتمبر في الجمعية العامة للأمم المتحدة، لكننا نأمل ألا يرسل إلى المنطقة المزيد من المبعوثين الذين يقدّمون لكلا الجانبين نصائح مخرّبة وغير منطقية.

* «أكيفا إلدار»

back to top