خاص

الشباب في محطة انتظار «السيارات المتنقلة»

خبراء لـ الجريدة•: اللائحة تسد نقص قانون «الهوم بيزنس» ويجب إقرارها

نشر في 12-08-2017
آخر تحديث 12-08-2017 | 00:05
أثار تأجيل المصادقة على لائحة السيارات المتنقلة والعربات المقطورة موجة جدل واسع، وسط مطالبات بسرعة اعتمادها وتطبيقها لتفتح آفاقاً تجارية جديدة للشباب، خصوصاً مع تأخر الكويت كثيراً بالمقارنة مع دول مجاورة سبقتها في فتح أبواب التجارة المتنقلة لشبابها.
وبين ترحيب وتفاؤل بقدرة هذه اللائحة على إحداث نقلة كبيرة على مستوى الأفراد والاقتصاد الوطني، ووجود تحفظات على بعض بنودها، رصدت "الجريدة" أبرز المقترحات والتحفظات عن مشروع اللائحة.
أكدت مصادر لـ"الجريدة"، أن البند الرابع القاضي بتفويض المدير العام للبلدية أو من يفوضه بإلغاء أو إضافة أنشطة جديدة لقي معارضة واسعة، لأنه يفتح مستقبلاً باباً لعدم الشفافية والمجاملات، في حين طالب متخصصون بتوسعة أنشطتها البالغة 11 نشاطاً جميعها غذائية، لتشمل مجالات أوسع من الغذاء.

بينما اقترح البعض دمجها مع قانون "تراخيص الأعمال المنزلية" المعروف بقانون "هوم بيزنس"، لعدم وجود اختلاف حقيقي بين اللائحتين، وباعتبار وجودهما معاً يمثل "زحمة" قانونية لا داعي لها، لاسيما أنها جاءت لسد ما به من نقص ليشكلا معاً إطاراً يشمل مختلف نشاطات المشاريع الصغيرة.

وجاء التخوف الأكبر من سيطرة الشركات الغذائية الكبرى على سوق السيارات المتنقلة، لعدم وجود بند واضح في اللائحة يمنع الاحتكار ويحمي المبادرين الشباب، ويوفر لهم فرصة مزاولة أعمالهم في أجواء تنافسية تساعد على النجاح بمعزل عن "حيتان السوق".

لا للاحتكار

من جهته، أكد عضو المجلس البلدي، حسن كمال، أن الفكرة رغم أنها مخصصة لأصحاب الأعمال (المؤسسات والشركات) لا للأفراد، فإن الغرض منها إبداعي أكثر منه تجاري، مع تخوفه من تضاؤل فرص الشباب أمام كبرى الشركات.

وأوضح كمال أنه قدم اقتراحا لتحديد عدد السيارات الخاصة بكل رخصة يتم إصدارها، بحيث تخصص 5 سيارات بحد أقصى للمؤسسات، و10 سيارات للشركات، لقطع الطريق على من يفكر في الهيمنة على المبادرة التي أنشئت بالأساس لدعم الشباب، مبيناً أن اللائحة مستقبلاً لن تقتصر على الغذاء وستتمدد لتشمل أنشطة أخرى.

منع التلاعب

وأكد ضرورة تقييد صلاحية إضافة أنشطة جديدة لتكون بعد موافقة المجلس البلدي، لضمان الشفافية، مشيراً إلى رفضه البند الخاص بالتفويض المطلق للمدير العام للبلدية في تحديد أماكن السيارات وإضافة أنشطة.

وبين أن هذا البند لن يسهل الإجراءات كما برر البعض، بل سيفتح باباً للتلاعب والمحاباة، مضيفا: "إذا بقيت اللائحة بشكلها الحالي فسنرى مستقبلاً أنشطة تضاف استجابة لضغوط من بعض الاطراف، تماماً كما تمت عرقلة اللائحة مؤخراً استجابة لضغوط بعينها".

وطالب كمال بتفعيل أدوار الصناديق الشبابية بطريقة تخدم جميع الشباب بلا استثناءات، مشيرا إلى أن التراخيص والإجراءات القانونية ستختص بها وزارات التجارة، والصحة، والبلدية، والهيئة العامة للغذاء والتغذية التي ستصبح مسؤولة عن الرقابة على الأنشطة الغذائية في البلاد مطلع نوفمبر المقبل.

أجواء متوترة

إلى ذلك، صرح عضو المجلس البلدي، ورئيس لجنة الإصلاح والتطوير أسامة العتيبي، أن طرح اللائحة جاء في أجواء متوترة، دون إتاحة الوقت للأعضاء لعرض وجهات نظرهم، كما تم اعتمادها سريعاً ورفعها لوزير الدولة لشؤون البلدية محمد الجبري، دون مناقشتها بشكل جيد.

وأكد أنه لم يوافق على اللائحة من البداية، معترضاً على أسلوب إدارة جلسة إقرارها، التي بدت كأنها "موجهة"، بالإضافة لبعض التحفظات على بنودها كونها لا تترك المجال مفتوحاً أمام جميع الشركات، مما يضعف حظوظ الشباب في الاستفادة الحقيقية منها.

وأضاف أن اللائحة كانت بحاجة إلى إعادة النظر في الناحية القانونية، وبحث اختصاص الهيئة العامة للغذاء والتغذية بهذا الأمر، استناداً إلى كتاب إدارة الفتوى والتشريع وكتاب الإدارة القانونية بالبلدية، اللذين يشيران إلى اختصاص "هيئة الغذاء" بإعداد هذه اللائحة، دون غيرها.

كما أبدى اعتراضه الشديد على البند الخاص بتفويض مدير عام بصلاحية إضافة وإزالة أنشطة وتحديد المناطق وإعطاء التراخيص، كونه يفرغ اللائحة من محتواها بشكل كامل، و"سلب" واضح لصلاحيات المجلس البلدي، وتساءل: "ماذا تبقى للمجلس البلدي بعد منح كل الصلاحيات الحيوية للمدير العام للبلدية، ولماذا تم عرض اللائحة علينا بعد وضع "قلب" اللائحة بيد المدير العام.

فسحة قانونية

من جانبه، يرى أستاذ الاقتصاد بجامعة الكويت نايف الشمري، أن لائحة السيارات المتنقلة لم تختلف كثيراً عن قانون الـ "هوم بيزنس"، سوى أنها أتاحت الفسحة القانونية لمداولة الأنشطة الغذائية في الشارع، وكان من الممكن دمجهما بقانون واحد لتحقيق نفس الغرض. وتسائل: "ما الداعي لاستبعاد الغذاء من الـ(هوم بيزنس) وإفساح المجال له في السيارات المتنقلة؟!".

وأكد أن تنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة خطوة مهمة في طريق التنوع الاقتصادي لتوسيع القاعدة الصناعية والإنتاجية غير النفطية، مع أهمية تعزيز مفهوم الصناعات الحقيقية، بدلاً من التوسع في الصناعات الغذائية، وأيضاً ضرورة زيادة حصة القطاع الخاص، موضحاً أن نسبة القطاع الخاص لا تتجاوز 22 في المئة من إجمالي الناتج المحلي.

وبين أن 36 في المئة من الشركات الصغيرة تعمل في قطاع تجارة العملة والتجزئة، و22 في المئة في قطاع الخدمات غير المالية، و20 في المئة في قطاع الخدمات المالية.

مكافحة البطالة

وأشار إلى أن إقرار المشاريع الشبابية المتنقلة فكرة جيدة بشكل عام، وأثبتت نجاحها في عدة دول في المنطقة والعالم، كما تعتبر رافداً رئيسياً لتوفير الوظائف ومكافحة البطالة، إضافة لرفع مستوى المعيشة وتعزيز الاستثمار في البلاد، موضحاً أن 69 في المئة من إجمالي القوة العاملة في المشاريع الصغيرة تعمل في قطاع تجارة الجملة والتجزئة، يليها قطاع الخدمات غير المالية بنحو 13 في المئة، ثم القطاع الصناعي بنسبة 12 في المئة.

وذكر أن المشروع بحاجة إلى تنظيم إداري جيد وتوفير الغطاء القانوني الذي تحتاج إليه هذه النشاطات. كما يجب توفير غطاء قانوني عام لتحقيق تنوع اقتصادي، إذ إن القوانين في الكويت غالباً ما تعزز الصناعات الغذائية وتهمل الصناعات الحيوية التي تساهم في دفع عجلة التنمية للأمام.

تكاليف المشروع

ولفت الشمري إلى أن تكاليف المشروع المنخفضة، مع الدعم الذي يحصل عليه الشاب من الدولة، تشجع على بدء العمل الخاص بأريحية، موضحاً أن تكاليف المشروع تتراوح بين 4 آلاف إلى 6 آلاف دينار، ينفق معظمها على السيارة التي تكلف ما بين 3 إلى 4 آلاف، والباقي ينفق على التجهيزات كمولد الكهرباء والمكيفات ومعدات الطعام، بجانب تكاليف التراخيص والرسوم المختلفة.

وحسب وجهة نظر الشمري، لن يحدث تعارض بين نشاطات السيارات المتنقلة وشركات المطاعم والأغذية، لأنها ستتركز في المناطق البعيدة والمفتوحة التي يقل بها نشاط الشركات، وهو ما يتيح لها الوصول لأسواق شبه خاليه من المنافسين، ولمستهلكين بانتظار من يسهل لهم الحصول على احتياجاتهم.

«هوم بيزنس»

بدوره، قال مستشار إدارة وتطوير الأعمال، حسين المعراج، إن لائحة السيارات المتنقلة جيدة ويجب إقرارها، مؤكداً أنها جاءت لتكمل ما ينقص قانون الـ"الهوم بيزنس" ليكونا معاً إطاراً يشمل مختلف الأنشطة المتعلقة بالمشاريع الصغيرة، خصوصاً مع حاجة الكويت لهذه المشاريع لتعويض النقص في مختلف المجالات الخدمية والإنتاجية.

وبين المعراج أن تخصيص المرحلة الأولى للمواد الغذائية شيء مبشر، لوجود سوق قوي لهذا النوع من المشاريع في البلاد، إذ إن كل مطعم في الكويت يقابله 250 مواطن، إضافة لشروع الدولة في إنشاء مدن جديدة، مما يظهر أننا مازلنا بحاجة إلى هذا النوع من تجارة المواد الغذائية بمختلف أشكالها.

وشدد المعراج على ضرورة حصر الاستفادة من الفكرة في مرحلتها الأولى على المشاريع الشبابية والصغيرة، لأنها داعم رئيسي للاقتصاد الوطني، وأثبتت نجاحها في دول كبيرة مثل أميركا، وأيضاً في دول خليجية مثل السعودية والإمارات وعمان وقطر، وكذلك ضرورة عمل مؤسسات الدولة على احتضان المبادرين الشباب ومتابعتة أعمالهم وتقديم الدعم المادي والخبراتي لهم.

كما توقع إقبالاً شبابياً كبيراً على المشروع، لتناسبه مع طموحهم وإمكانهاتهم، لأن أغلبية الشباب يملكون رؤوس أموال بسيطة، وأفكاراً إبداعية يمكن تنفيذها من خلال هذا المشروع بتكاليف قليلة. مشيراً إلى قدرتهم على منافسة رؤوس الأموال الكبيرة إذا كان العمل احترافياً ويلبي متطلبات المستهلكين بطرق غير تقليدية.

وأوضح أن من ميزات الفكرة توفير فرص عمل جديدة، كما أنها تشجع البعض على التقاعد لإدارة مشاريعهم الخاصة ليصبحوا من رواد الأعمال.

واقترح إضافة بند يسمح بوجود الطاولات والكراسي في حيز محدد بمحيط السيارة لزيادة الاستفادة، وعدم تقييد العمل بساعات محددة وجعله على مدار 24 ساعة.

الباقر: اللائحة الحالية تمهيد لإقرار جميع الأنشطة

أثنى مستشار الأعمال ومدرب الرخصة الدولية لريادة الأعمال فهد الباقر، على مبادرتي "الرخص المنزلية" و"السيارات المتنقلة"، مؤكداً أن مشروع لائحة السيارات المتنقلة بشكله الحالي القائم على الأنشطة الغذائية مناسب للمرحلة الأولى من تطبيق المبادرة، وهو بمنزلة تمهيد للائحة شاملة لمختلف الأنشطة.

واعتبر أن فتح الباب لجميع الأنشطة دفعة واحدة سيجل الأمر فوضوياً لأن هذه النشاطات جديدة على السوق والمجتمع الكويتيين، مؤكداً ضرورة توسعتها مستقبلاً لتغطي مختلف أنواع الأنشطة.

وأوضح أن هذه المبادرات تتيح للشباب الفرصة لاستغلال طاقاتهم وأفكارهم وتساهم في تحقيق الانفتاح والتنوع التجاري، الذي يسهم في تغذية الاقتصاد الوطني.

وأكد أن الشباب قادرون بأفكارهم الإبداعية على خلق مسارات اقتصادية جديدة تختلف عن مسارات الشركات التقليدية، وهو ما يصب بمصلحة المواطن والاقتصاد الكويتي عموماً.

وأشار الباقر إلى أن المشاريع الصغيرة عادة لا تحتاج إلى دراسات جدوى موسعة للاحتمالات المالية المستقبلية لتكاليفها المرتفعة، بقدر ما تحتاج دراسة أبعاد المشروع ومدى حاجة السوق للخدمة، التي يقدمها.

وأضاف أن تكلفة عمل دراسة لمشروع صغير لدى المكاتب الاستشارية تتراوح بين 1000 و 3000 دينار حسب نوعية المشروع ومتطلباته.

وذكر أن الجهات المعنية في الفترة الأخيرة أصبحت تدرك أهمية المشاريع الشبابية وتدعمها مادياً وتسهل الإجراءات القانونية لتشجيع الشباب على الإقبال على المشاريع الخاصة.

البنك الصناعي: سنمول «السيارات المتنقلة» حال إقرارها

أكد مدير محفظة البنك الصناعي للمشروعات الصغيرة عبدالله العتيبي وجود تطور واضح في مفاهيم العمل الحر لدى الشباب الكويتي خصوصاً في السنوات الأخيرة، نتيجة البدء في تسهيل الإجراءات المتعلقة بهذه المشاريع وكذلك انفتاح السوق المحلي والتوسع في فتح المجمعات والمجمعات "المولات" التجارية وانخفاض اعتماد الشباب على الأسواق المالية بعد الأزمة العالمية مما صب في مصلحة التحول تجاه أنشطة المشروعات الصغيرة.

وأوضح العتيبي أن تقديم التمويل الميسر للمشروعات الصغيرة بند مهم في برنامج الإصلاح الاقتصادي لتحقيق هدف استراتيجي وهو زيادة مساهمة القطاع الخاص في النشاط الاقتصادي، لذا فإن تعدد الجهات التي تدعم هذا القطاع من منظور اقتصادي تحقق مبدأ المنافسة ورفع كفاءة الخدمة المقدمة لهذا القطاع مع مراعاة المساواة في المزايا الممنوحة لهذه الجهات حتى تحقق الهدف من إنشائها.

وحول مقترح لائحة السيارات المتنقلة والعربات المقطورة أشار إلى أن المحفظة تقوم بدراسة كل مشروع يقدم لها شرط ترخيصه من الجهات الحكومية ودراسة مردوده الاقتصادي على المبادر والاقتصاد الوطني، وفى حال إقرار هذا المشروع وترخيصه من قبل الدولة، فإن المحفظة ستقوم بدراسته وتمويله حال ثبوت جدواه الاقتصادية.

وبين أن بنك الكويت الصناعي وافق على تمويل 1361 مشروعاً في مختلف الأنشطة، بإجمالي تمويل بلغ 122.122.959 ديناراً، فيما بلغ مجمل التكلفة الاستثمارية لهذة المشاريع 162.460.234 ديناراً.

وأوضح أن البنك يبذل جهوداً حثيثة تهدف إلى خلق ثقافة مجتمعية حول أهمية هذه المشاريع للفرد والمجتمع والاقتصاد الوطني وللتعريف بالدعم المادي المقدم لمشاريع المبادرين الكويتيين، من خلال الندوات والمؤتمرات والمعارض والجامعات والكليات ووسائل الإعلام المختلفة.

وأفاد بأن القانون رقم "2" لسنة 2017 أقر زيادة رأسمال المحفظة من 50 إلى 150 مليون دينار، ومدّها إلى 20 سنة إضافية.

وطالب بالمساواة في المزايا المقدمة لكل الجهات الداعمة للمشروعات الصغيرة، كما طالب بتحسين وتوفير المزايا المشجعة على تطوير هذه الأعمال بما يعود بالنفع على الاقتصاد الوطني، مبيناً أن هناك العديد من المزايا، التي يتمتع بها الصندوق الوطني، وليست للمحفظة مثل منح الأراضي من الحكومة، كذلك حاضنات الأعمال والتدريب والتأهيل والتفرغ، ولا شك أنها عوامل مؤثرة في تحقيق أهداف الدولة من الدعم المقدم لهذه الأنشطة.

وذكر العتيبي أن أبرز شروط تمويل المشاريع الصغيرة هي أن يكون مقدم الطلب كويتياً ويمتلك ترخيصاً للنشاط المطلوب تمويله ولديه الاستعداد للتفرغ لإدارة هذا التمويل بعد الصرف على المشروع من قبل المحفظة، وتقوم المحفظة بتمويل كل الأنشطة، التي تثبت دراسات الجدوى المعدة من قبل المحفظة جدواها، وتجدر الإشارة إلى أن السقف الأعلى للتمويل هو 400 ألف د.ك بما يمثل 80 في المئة من التكلفة الاستثمارية للمشروع، والتي ينبغي ألا تزيد عن 500 ألف دينار، في حين إن الحد الأدنى للتمويل لا يقل عن 5 آلاف دينار والربح المحسوب على التمويل 2.5 في المئة وتقدم المحفظة التمويل وفقاً للشريعة الإسلامية.

توقُّع إقبال كبير على المشروع لتحقيق طموحات الشباب

الشباب قادرون على فتح مسارات اقتصادية جديدة تختلف عن الشركات التقليدية

مطالبات بتوسيع اللائحة لتشمل جميع أنشطة المشروعات الصغيرة

حسين كمال: البند الرابع باللائحة يفتح باباً للتلاعب والمجاملات

أسامة العتيبي: تفويض مدير البلدية يسلب صلاحيات «البلدي»

نايف الشمري: خطوة مهمة في طريق التنوع الاقتصادي

حسين المعراج الشباب يقبلون على المشروع لأنه يناسب طموحاتهم
back to top